حديث القدس
مرة أخرى كشفت وسائل الاعلام الاسرائيلية أمس عن مخطط استيطاني جديد يهدف الى بناء أربعة آلاف وحدة استيطانية تمتد من مستعمرة «هار حوماه» على جبل ابو غنيم في القدس المحتلة لتصل الى «رمات راحيل» اضافة لبناء الف وخمسمائة وحدة استيطانية داخل «هار حوماه» مع كل ما يعنيه ذلك من فرض حقائق ووقائع جديدة في القدس المحتلة، وهو ما يتناقض ليس فقط مع الشرعية الدولية وقراراتها بل يتناقض مع اتفاق اوسلو ومع رسالة التعهد التي وجهها منسق شؤون الاراضي المحتلة في الحكومة الاسرائيلية الى السلطة الفلسطينية مؤخرا حول التزام حكومته المزعوم بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
ومن الواضح أن عدة مخططات استيطانية أعلنت عنها سلطات الاحتلال مؤخرا بما فيها مخطط مستعمرة «جفعات همطوس» ومخطط شرعنة البؤر الاستيطانية المتناثرة في الأراضي المحتلة عدا عن اعتزام السلطات الاسرائيلية اخلاء عشرات العائلات المقدسية من منازلها في المدينة المقدسة خاصة من حي الشيخ جراح وسلوان، اضافة لما يتواصل بناؤه من الاف الوحدات الاستيطانية في مستعمرات القدس وباقي انحاء الضفة.
السؤال الذي يلح إزاء هذا الواقع الذي يجري أمام انظار كافة فصائلنا والتي تلتقي باصدار بيانات الشجب والاستنكار هو: هل قدّر للشعب الفلسطيني ان يقف صامتا إزاء نهب المزيد من أراضيه واقامة المستعمرات عليها بانتظار احتمال تدخل المجتمع الدولي او احتمال تغير السياسة الاميركية مع تسلم جو بايدن، الرئيس الاميركي المنتخب منصبه في العشرين من كانون الثاني القادم؟ وهل حقا أسدل الستار عن المضي قدما في المصالحة وتنفيذ ما تعهد به الأمناء العامون للفصائل بحشد كل الطاقات لمواجهة مخططات الاحتلال بالمقاومة الشعبية السلمية المشروعة؟!
ومن الواضح أيضا للمواطن الفلسطيني اننا نعيش أوضاعا صعبة وقاسية ليس فقط جراء الكورونا والتدهور الاقتصادي، بل جراء المعضلة السياسية التي تعيشها ساحتنا الفلسطينية وتداعيات ذلك على مستقبل القضية وعلى الحقوق المشروعة لشعبنا.
ولذلك نقول ان من العار أن تستمر اوضاعنا على هذا النحو في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال قضم المزيد من اراضي شعبنا وبناء المزيد من المستعمرات عليها. كما ان من يعتقد ان شعبنا سئم من مقارعة الاحتلال يتجاهل التاريخ الطويل لمسيرة شعبنا ونضاله وتضحياته من قوافل الشهداء والجرحى والأسرى دفاعا عن وجوده وحقوقه ومستقبله، وان هذا الشعب العظيم لا يزال يرفع الراية ولا يمكن أن يستسلم رغم جبروت الاحتلال.
إن ما يجب أن يقال أن المواطن الفلسطيني الذي يشعر بالخذلان جراء عدم تجسيد المصالحة وعدم تطبيق ما تم الاتفاق عليه من حقه ان يحمل مسؤولية هذا التراجع وهذه الحال التي وصلنا اليها الى كافة قادة الفصائل الذين فشلوا حتى الآن في تحديد ما هو جوهري ورئيسي كالتحديات التي يفرضها الاحتلال وما هو ثانوي كالخلافات التي يبدو انها لا زالت قائمة حول نسب التمثيل في الأطر الفلسطينية وحول تفاصيل الشراكة في قيادة العمل الوطني.
وفي المحصلة، واذا كان هذا الفشل مستمرا منذ بدء الانقسام حتى اليوم بسنواته الطويلة، فإن من الأجدر بقادة الفصائل أن يعيدوا للشعب الفلسطيني حقه الطبيعي في قول كلمته في صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليه ورسم طريق مستقبله، هذا اذا لم نقل ان من حق شعبنا محاسبة كل من يصر على استمرار هذا الانقسام وكل من تسبب بالتداعيات المأساوية على القضية الفلسطينية جراء ذلك.