هل يدرك ناصر القدوة خطورة ما أقدم عليه؟

11 مارس 2021آخر تحديث :
هل يدرك ناصر القدوة خطورة ما أقدم عليه؟
هل يدرك ناصر القدوة خطورة ما أقدم عليه؟

بقلم: بهاء رحال

فتح والانتخابات التشريعية القادمة، وخروج البعض عليها لم يشكل صدمة لكنه يثير المشهد ويدفع الصورة بين مشكك ومعارض وموافق ومنافق، وهذا في ديمقراطيات العالم الحديث لا يحدث قبيل الانتخابات بوقت وجيز، وفي الحالة الفلسطينية يكون مثير للشفقة، خاصة عندما يخرج عن الحركة أحد أعضاء لجنتها المركزية وهي أعلى سلطة وأرفع منصب في هرم البناء التنظيمي، خاصة وأن الخروج عنها لم يكن قبل وقت طويل، بل في اللحظات الحاسمة الأخيرة.

الأمر يعبر عن حالة غير صحية، وغير تنظيمية، وفي وقت حرج، مما أحدث هرجا ومرجا كبيرين ليس في الساحة الفتحاوية فحسب، بل في المجتمع الفلسطيني الذي يعتبر فتح متاحة دائما للنقاش والانتقاد وليس للديمقراطية فيها حدود. كما ولا توجد بها دوائر مغلقة عن رأي الشارع كما الأحزاب الأخرى خاصة الأحزاب الدينية التي تحتفظ ببعض الخلافات الداخلية في السر ولا تخرج بها على أحد. فهي فتح التي ينتقدها الجميع وتفتح للجميع أوراقها وهي متاحة في كل القضايا للنقاش. وهذا من محاسن فتح لكنه أيضًا قد يكون من المآخذ التي تجعل الحركة في بعض المفاصل تبدو وكأنها ضعيفة.

يحق لنا أن ننتقد المشهد دون أن ندخل في النواحي الشخصية، وما نسمعه من البعض في التشكيك والاتهام ما هو إلا قصور سياسي، والشخص الذي أخطأ بحق الحركة هو بالأساس أخطأ بحق نفسه، أولاً حين أعلن عن ذلك وكانت أولى تصريحاته هي عملية الإصلاح، وفي كل الحركات والأحزاب الكبيرة في العالم فإن الإصلاح ضرورة من ضرورات حماية الحزب أو الحركة، ينظر لها من باب التبجيل والاحترام ويلتف حولها غالبية أعضاء الحزب أو الحركة، لكنها تتم من داخل أطر الحركة ولا تتم بالخروج عليها أو التشهير بها.

وهنا لا بد وأن نسأل؛ ما الذي كان يمنع ناصر القدوة من رفع شعار الإصلاح في السنوات السابقة؟ خاصة وهو رجل دبلوماسي ومثقف وله احترامه بين الفتحاويين ويشغل منصبًا رفيعا في رأس الهرم الفتحاوي. وما الذي جعله يسكت طيلة السنوات الماضية إن كان يؤمن بضرورة الإصلاح ومعالجة بعض الخلل. خروجه على فتح بهذه الطريقة وفي اللحظة الأخيرة بمثابة طعنة، وهذا من حق كل فتحاوي أن يقوله، وهو يشعر بالقلق حيال ما يحدث في الوقت الذي كان الرهان على تماسك الحركة وأنها تعلمت من دروس الماضي، وأنها أخذت من تجاربها ما يدفعها لتدخل الانتخابات القادمة قوية ومتماسكة بوحدة واحدة وقائمة موحدة.

لو كان خروج القدوة عن قائمة فتح رافعًا شعار الإصلاح قبل وقت أطول لاختلفت الصورة، لكن الخروج عليها في الوقت الأخير ولحظات الحسم الأخيرة لم يكن موفقًا ولا يعبر عن حرص نواياه الإصلاح فقط، كما وأنه لا يليق بشخص كان يومًا على سلم درجات الدبلوماسية الفلسطينية ومن ثم انتخبته فتح ليشغل عضوية لجنتها المركزية.

وفي هذا السياق فإن الأمر لا زال متاحًا بأن يعدل القدوة عن قراره، وأن يحفظ لنفسه موقفًا ويبقي على خطة الإصلاح من الداخل قائمة، وحينها سيجد حوله الكثيرين ممن يروا في الإصلاح ضرورة لا بد منها، ولكن ليس بهذا الشكل المطروح ضمن قائمة تنافس فتح على مقاعدها في المجلس التشريعي والكل يعلم أن المقاعد التي سيحصل عليها القدوة وقائمته، لن تكون على حساب أي حزب أو فصيل غير فتح.