أعلنت أوكرانيا الأربعاء أنها استأنفت العمل في مرافئها المطلة على البحر الأسود والتي تحاصرها السفن الحربية الروسية، في وقت تقترب من استئناف تصدير حبوبها مع تدشين مركز تنسيق مهمته الاشراف على تنفيذ اتفاق مدعوم من الأمم المتحدة.
في هذه الأثناء أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه سيتحدث في الأيام المقبلة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف للمرة الأولى منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.
لكن بلينكن قال للصحافيين إن المحادثة الهاتفية مع لافروف “لن تكون للتفاوض بشأن أوكرانيا”.
وأضاف أن الولايات المتحدة قدمت عرضا “مهما” لروسيا بشأن موقوفَين أميركييًن، موضحًا “وضعنا مقترحا على الطاولة قبل أسابيع لتسهيل الإفراج” عن أميركيين اثنين.
ميدانيًا، قصفت مدفعية كييف جسرا مهما في منطقة تحتلها القوات الروسية في جنوب أوكرانيا ملحقة أضرارا بممر رئيسي للإمدادات بينما تشن قوات كييف هجوما لاستعادة منطقة خيرسون.
من جانبها، قالت السلطات الألمانية إن شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم خفضت شحناتها من الغاز إلى أوروبا عبر خط الأنابيب “نورد ستريم” إلى حوالى 20 بالمئة من سعته، في خطوة ندد بها الاتحاد الأوروبي واعتبرها ردا انتقاميا على العقوبات الغربية المرتبطة بالغزو.
وكانت أوكرانيا وروسيا قد وافقتا الأسبوع الماضي على خطة، بمساعدة من تركيا والأمم المتحدة، تسمح بتصدير الحبوب العالقة بسبب الحصار البحري الروسي.
وقالت كييف إنها تتوقع إرسال أولى شحنات الحبوب البالغة ملايين الأطنان “هذا الأسبوع” على الرغم من ضربة صاروخية روسية نهاية الأسبوع الماضي طالت مرفأ في أوديسا.
وأعلنت البحرية الأوكرانية “استئناف العمل” في مرافئ التصدير للتحضير لمرافقة السفن في المياه المزروعة بالألغام، كي تصل أسواق العالم.
وفي إطار الاتفاق، دُشن مكتب تنسيق في اسطنبول يشارك فيه ممثلون عن أوكرانيا وروسيا مهمته الاشراف على المرور الآمن للسفن في الممرات المحددة لها، ومراقبة عمليات التفتيش عن أسلحة محظورة.
وتسبب توقف الصادرات من اثنين من أكبر مصدري الحبوب في العالم بارتفاع في الأسعار ما جعل واردات السلع الغذائية باهظة التكلفة لعدد من أفقر دول العالم.
تواصلت المعارك على الأرض، وقصفت كييف جسر أنتونيفسكي الحيوي الذي يعبر فوق نهر دنيبرو، في خطوة تهدد بقطع خطوط الإمداد عن القوات الروسية.
وغردت وزارة الدفاع الأوكرانية على تويتر قائلة إن الضربات التي تطال جسورا فوق دنيبرو تمثل “معضلة مستحيلة” لروسيا: “تراجعوا أو يقضي عليكم الجيش الأوكراني”.
وأكد كيريل ستريموسوف، نائب ممثل سلطات الاحتلال الروسية في خيرسون أن الجسر تعرض ليلا للقصف وأن حركة المرور عليه توقفت.
غير أنه سعى إلى تقليل حجم الأضرار مؤكدا أن الهجوم لن يؤثر على نتيجة القتال “بأي شكل”.
وقال ستريموسوف في رسالة فيديو نشرها على منصات التواصل الاجتماعي إن “العملية العسكرية الخاصة مستمرة” مستخدما العبارة التي يفضلها الكرملين في وصف الغزو.
استعادت القوات الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة مساحات من منطقة خيرسون التي احتلتها القوات الروسية بسهولة وبعد فترة قصيرة من بدء الغزو في 24 شباط/فبراير.
وتمكنت القوات التي تتلقى دعما من المدفعية بعيدة المدى التي زودتها بها دول الغرب، من الاقتراب من مدينة خيرسون التي كان يبلغ عدد سكانها قبل الحرب ما يقرب من 300 ألف نسمة.
وغرّد ميخايلو بودولياك، مستشار الرئاسة الأوكرانية، معلقاً على الهجوم على جسر أنتونيفسكي إن على القوات الروسية “مغادرة خيرسون طالما كان ذلك ممكنا. قد لا يكون هناك تحذير ثالث”.
في تلك الأثناء دعا زعيم الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، موسكو للاستيلاء على مدن رئيسية في أنحاء البلاد.
وقال دنيس بوشيلين على منصة تلغرام “حان الوقت لتحرير مدن روسية أسسها الروس: كييف وتشرينيهيف وبولتافا وأوديسا ودنيبرو وخاركيف وزابوريجيا ولوتسك”.
سعت روسيا للاستيلاء على العاصمة كييف في المراحل الأولى لغزوها لكنا تراجعت عن ذلك لتركز جهودها على إقليم دونباس في الشرق.
في منطقة دونيستك، التي تمثل جزءا من دونباس، شاهد صحافيو فرانس برس منزلا أصيب بأضرار خلال تبادل كثيف لنيران المدفعية في محيط مدينة باخموت المدمرة والواقعة في الخطوط الأمامية للجبهة.
وكان أحد العمال متواجدا في فناء المنزل لدى سقوط القذيفة وأنقذه مسعفون بعد أن قطعوا جزءا من السياج الفولاذي بفأس.
وقال الرجل ويدعى رومان (51 عاما) لوكالة فرانس برس “سمعت صفيرا ولم أعد أذكر شيئا. انفجرت ورمى بي عصف الانفجار في الحظيرة”.
وقالت فرق الطوارئ في أوكرانيا إن القصف الروسي طال فندقا في باخموت ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة خمسة بجروح.
في تفاقم لأزمة الطاقة في أوروبا التي أثارتها الحرب، قالت الهيئة الناظمة للطاقة في ألمانيا إن إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب نورد ستريم انخفضت من 40 بالمئة إلى 20 بالمئة من سعة الخط.
وترفض دول الاتحاد الأوروبي ما أعلنت عنه موسكو عن مشكلات تقنية وتتهم الكرملين بالحد من الشحنات ردا على العقوبات الغربية.
وألقى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف باللائمة في خفض الإمدادات على عقوبات الاتحاد الأوروبي.
وقال بيسكوف “القدرات التقنية للضخ معطلة وأكثر تقييدًا. لماذا؟ لأن عملية صيانة الأجهزة التقنية أصبحت صعبة للغاية بسبب العقوبات التي تبنتها أوروبا”.
غير أن ألمانيا رفضت التفسير ووصفت المتحدثة باسم الحكومة كريستيان هوفمان خفض الإمدادات بأنه “وسيلة ضغط” من موسكو.
واستعدادًا لخفض الامدادات وافق الاتحاد الأوروبي الثلاثاء على خطة لخفض استهلاك الغاز هذا الشتاء بنسبة 15 بالمئة لتقليل اعتماده على روسيا.