تقرير: ضوء أخضر لمشروع فصل عنصري جديد شرق القدس

رصد المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، موافقة الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي على تخصيص 14 مليون شيكل لاستكمال مخططات تسمح ببدء العمل في الطريق المسمى “طريق السيادة”، وذلك ضمن مخطط البناء في المشروع الاستيطاني المعروف باسم (E1) شرق القدس.

وأشار المكتب في تقريره الأسبوعي الذي يرصد مجمل الانتهاكات الاسرائيلية، إلى أن هذه المصادقة جاءت خلال لقاء عقد بمشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، ووزيرة النقل “بتسالئيل سموتريتش”، ووزير المالية “يسرائيل كاتس”، ورئيس بلدية مستوطنة “معاليه أدوميم”. وبموجب المخطط سوف يتم إغلاق مدخل العيزرية الشمالي ونقل حاجز الزعيم باتجاه مستوطنة “ميشور أدوميم” بكل ما يترتب على ذلك من فصل “معاليه أدوميم” عن الفضاء الفلسطيني بواسطة الجدار، وبالتالي لن تكون هناك حاجة لنقطة التفتيش الموجودة حالياً عند حاجز الزعيم. وهكذا فإن الحاجز سوف يتحرك شرقاً بحيث لا يضطر مستوطنو “معاليه أدوميم” إلى المرور عبره في طريقهم إلى القدس، وفي الوقت نفسه لن يتمكن الفلسطينيون من الوصول إلى العيزرية من مدخلها الشمالي عند دوار المستوطنة المذكورة.

ويشمل المشروع شق شارع ونفق من الزعيم باتجاه العيزرية وأبو ديس دون سلوك الطريق الحالي الذي يخصص فقط لسكان مستوطنة “معاليه أدوميم”، بعد غلق المدخل المؤدي إلى العيزرية بالجدار. ويأتي هذا كله في ضوء التوجه لانتخابات رابعة للكنيست حيث تستخدم حملة (نتنياهو) فترة الانتخابات في الترويج لخطة من شأنها أن تقضي على إمكانية حل الدولتين، فالطريق المخطط يعني ببساطة تقطيع أوصال الضفة الغربية وفتح الطريق للبناء في منطقة(E1) وإغلاق الباب أمام إمكانية إقامة دولة فلسطينية.

وأوضح المكتب الوطني أن هذا المشروع، الذي صادق عليه وزير الجيش الإسرائيلي السابق “نفتالي بينيت” في آذار من العام الماضي وأطلق عليه اسم “طريق السيادة” يعد خطوة حاسمة لفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها من جهة، ولإطلاق العنان للاستيطان في المنطقة المسماة (E1) من جهة أخرى، ومع اكتمال مسار الطريق الجديد بمحاذاة المناطق المأهولة شمالي بلدة العيزرية شرق القدس، سيجد الفلسطينيون أنفسهم مضطرين لسلوكه، ولن يكون بإمكانهم استخدام الطريق (رقم 1) الذي يربط جنوب الضفة بوسطها وبالشمال. فضلا عن ذلك فإن هذا الطريق يمهد لعزل المنطقة المسماة (E1) ويخلق تواصلا عمرانيا بين مستوطنة “معالي أدوميم” شرقا ومدينة القدس غربا، ليكون التنقل بين المستوطنتين عبر شارعين حيويين، أحدهما يوصل المستوطنة بأريحا والأغوار والآخر يربطها بالقدس على مسافة بضعة كيلومترات غربا.

دولة فصل عنصري

وفي السياق، وصف مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، في وثيقة نشرها مؤخرا إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري (أبارتهايد). وتقول الوثيقة بان النظام الإسرائيليّ قد قسم الأراضي الممتدة بين النهر والبحر إلى وحدات مختلفة تتمييز عن بعضها في طريقة سيطرته عليها وتعريفه لحقوق سكانها الفلسطينيين. هذا التقسيم على صِلة بالفلسطينيّين فقط، وهكذا فإنّ الحيز الجغرافي المتواصل بالنسبة لليهود هو بالنسبة إلى الفلسطينيّين حيز فسيفسائيّ يتشكل من قطع مختلفة. وبحسب الوثيقة تخصّص إسرائيل للسكّان في كلّ من هذه الوحدات المعزولة رزمة من الحقوق تختلف عن تلك المخصصة لسكّان الوحدات الأخرى وجميعها حقوق منقوصة مقارنة برزمة الحقوق الممنوحة للمواطنين اليهود، وتقدم الوثيقة تفصيلاً لأربع وسائل رئيسيّة يسعى النظام الإسرائيلي من خلالها إلى تحقيق التفوق اليهودي، تطبّق اثنتان منها بشكل مشابه في كافّة المناطق ويشمل ذلك تقييد الهجرة لغير اليهود، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينيّة، لأجل بناء بلدات لليهود فقط، وفي موازاة ذلك إنشاء معازل فلسطينيّة على مساحات ضيقة. أما الوسيلتان الأخريتان فيجري تطبيقهما على الأخص في المناطق المحتلّة ويشمل ذلك فرض قيود مشدّدة على حرية حركة وتنقّل الفلسطينيين من غير المواطنين، وتجريد ملايين الفلسطينيين من الحقوق السياسيّة.

وبحسب “بتسيلم” هناك اليوم أكثر من 280 مستوطنة وبؤرة استيطانية في أنحاء الضفة الغربيّة (يشمل شرقيّ القدس) يقيم فيها اكثر من 600 ألف مستوطن يهودي، وقد نهبت الدولة من الفلسطينيّين أراضي أخرى لأجل شق مئات الكيلومترات من الشوارع الالتفافيّة المخصّصة للمستوطنين. كما تسيطر اسرائيل داخل أراضي الضفة الغربيّة على جميع الشوارع الموصلة بين المعازل الفلسطينية، وهذه السيطرة تتيح للجيش أن ينصب الحواجز متى شاء وأن يسدّ مداخل القرى وأن يغلق الشوارع ويمنع الحركة في الحواجز، فضلا عن جدار الفصل داخل أراضي الضفة حيث عرفت الأراضي الفلسطينيّة الواقعة شرقي الجدار (منطقة تماسّ) وبضمنها أراضٍ زراعية، جرى تقييد دخول الفلسطينيّين إليها وإخضاع حركتهم لنظام التصاريح.

شبيبة التلال

على صعيد آخر، توظف حكومة إسرائيل منظمة “شبيبة التلال” الارهابية للمس بحقوق الفلسطينيين حيث تقود الحركة اليمينية المتطرفة جميع عمليات المستوطنين في الضفة الغربية والتي تطال فلسطينيين بتدمير أراضيهم الزراعية وتخريبها، أو من خلال مهاجمة منازلهم، ورشق مركباتهم بالحجارة، وتخريبها. ومنذ مصرع مستوطن بعد ملاحقته من قبل الشرطة الاسرائيلية، تنظم تلك الحركة مسيرات كل يوم سبت في القدس للمطالبة بمحاسبة أفراد الشرطة الإسرائيلية، حيث تشهد تلك التظاهرات أحداث عنف واعتقالات في صفوفهم قبل أن يُعاد الإفراج عنهم رغم مهاجمتهم لأفراد الشرطة ووصفهم بـ”النازيين الجدد”. وقد أظهرت بيانات إسرائيلية رسمية، وجود ارتفاع ملحوظ في أحداث العنف التي يرتكبها مستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث أن المعطيات الرسمية لوزارة الجيش الإسرائيلي تظهر أن شهر كانون أول الماضي 2020 شهد زيادة هي الأعنف في الهجمات التي تُشن ضد الفلسطينيين على يد المستوطنين منذ 2017. ومما لا شك فيه بأن للبؤر الاستيطانية دور واضح في السيطرة على أراض الفلسطينيين في الضفة الغربية، وقد ساعد في ذلك المنطق الأمني الاسرائيلي في خلق وجود مستوطنين مسلحين إلى جانب مستوطنات معزولة.

تسارع النشاط الاستيطاني

وفي نشاطات الاحتلال الاستيطانية، رصد المكتب الوطني، تسارع الخطوات بشكل ملحوظ في الفترة التي تسبق تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب (جو بايدن)، حيث أصدر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعليماته للجهات المختصة بالمصادقة على بناء 800 وحدة استيطانية في عدة مستوطنات بالضفة الغربية بما فيها القدس وتشمل بناء 500 وحدة استيطانية في مستوطنات “ايتمار” شرقي نابلس، و”بيت إيل” شمالي رام الله، و”شافي شومرون” غربي نابلس، و”اورانيت” قرب قلقيلية، و”بسغات زئيف” شمالي القدس، وسيجري المصادقة أيضًا على بناء نحو 250 وحدة استيطانية في بؤرة استيطانية تسمى “نوفي نخاميا”، كما يجري الحديث عن المصادقة على بناء نحو 100 وحدة استيطانية في مستوطنة “تال منشيه” غربي جنين، والتي قتلت مستوطنة قربها قبل أسابيع. وأكد بيان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن “نتنياهو”، أمر برفع خطة لبناء حوالى 400 وحدة سكنية إضافية في كل من “بيت إيل” و”إفياتار” و”شافي شومرون” و”شخونات هفاتيكيم” والمنطقة الصناعية “بركان” و”كرني شومرون” و”جفعات زئيف” إلى مجلس التخطيط الأعلى لتتم المصادقة عليها. كما صادقت لجنة محلية تابعة لسلطات الاحتلال على بناء 530 وحدة استيطانية شرق مدينة القدس المحتلة، حيث تقرر بناء 400 وحدة في حي “جيلو” الاستيطاني جنوب غرب القدس، و130 في مستوطنة “رمات شلومو” شمالاً.

اقامة مجمعين دبلوماسيين في القدس

إلى هذا وبضغط من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقبل دخول “جو بايدن” للبيت الأبيض، صادقت لجنة خاصة من بلدية القدس على مخططات لإقامة مجمعين دبلوماسيين، أحدهما يهدف لتوسيع مقر السفارة الأميركية بالمدينة. كما تقرر توسعة المبنى الحالي للسفارة الأميركية في حي أرنونا بمساحة 50 الف متر مربع، في حين سيتم تنظيم مجمع دبلوماسي لعدة سفارات وملحق للسفارة الأميركية في شارع اللنبي على مساحة 60 ألف متر مربع. ويضم المجمع الدبلوماسي مبانٍ ومكاتب ومساكن للموظفين، ولحراس الأمن. وقال رئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليون: “إن هذه لحظة تاريخية ومثيرة تجري على خلفية التغيير السياسي الذي نشهده هذه الأيام باتفاقيات السلام المباركة”.

مركز اتصالات لاستقبال الوشايا ضد الفلسطينيين

وفي خطوة تؤشر على عنصرية بغيضة، قامت الادارة المدنية بفتح مركز اتصالات لتلقي المعلومات عن البناء غير المرخص في الضفة الغربية، في موقع مستوطنة “كوخاف يعقوب” لاستقبال الوشايا ضد الفلسطينيين. ونشر موقع المستوطنة في الاسبوع الماضي اعلانا بصيغة سؤال للإدارة المدنية صادر عن المركز الجديد المسمى (غرفة العمليات ج ) يقول: هل شاهدتم اعمال بناء لفلسطينيين بدت لكم مشبوهة وغير مصادق عليها؟ هل شاهدتم مكرهة صحية لفلسطينيين يستخفون بالقانون؟. من الآن، يوجد لكم عميل صغير خاص بكم. توجهوا في كل ساعات اليوم، وبكل الطرق الممكنة وقدموا شكوى بشأنهم. في كل يوم نقوم بوضع اجمالي للشكاوى ونعرض ما تم فحصه وما تمت مصادرته في حالة وجود سلوك غير سوي. نتمنى لكم النجاح. وغرفة العمليات هذه انشئت في تشرين الثاني 2020 وهي احدى الحيل التي اخترعتها عصابات المستوطنين وتحديدا جمعية (رغفيم) الاستيطانية من اجل طرد الفلسطينيين والسيطرة على اراضيهم.

السفير الامريكي

وفي سياق مختلف، واصل السفير الامريكي المستوطن “فريدمان” وهو على وشك انهاء مهامه دعم حكومة الاحتلال وهذه المرة من خلال اسداء النصيحة لحكومة الاحتلال بعدم الموافقة على إعادة فتح القنصلية الأميركية لدى فلسطين في القدس. جاء ذلك خلال إحاطة مغلقة قدمها للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، بداية الأسبوع الماضي، وعبر فيها عن معارضته الشديدة لإعادة افتتاح القنصلية العامة للولايات المتحدة في القدس، التي تقدم الخدمات للفلسطينيين وكان الرئيس الأميركي المنتخب “جو بادين” قد أكد خلال حملته الانتخابية أنه سيعيد فتح القنصلية التي كانت بمثابة البعثة الدبلوماسية الأميركية لدى السلطة الفلسطينية. واعتبر “فريدمان” أن إعادة افتتاح إدارة بايدن للقنصلية من شأنه أن يرفع من مستوى التمثيل الدبلوماسي الأميركي لدى السلطة الفلسطينية، ويكون بمثابة إشارة رمزية إلى أن الإدارة الأميركية تعترف بالمطالبة الفلسطينية بأجزاء من مدينة القدس، على حد تعبيره.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

“فتح” تفند ما جاء في مواقع إلكترونية حول الأسير مروان البرغوثي

نفت حركة التحرير الوطني الفلسطيني” فتح” ما جاء في بعض المواقع الإلكترونية المشبوهة حول عضو …