الهدنة في الحرب على غزة قد تتم بسبب ضغوط أميركية على إسرائيل، وفي موازاة محاولات التوصل إلى صفقة تبادل أسرى. وفي الجيش الإسرائيلي يتساءلون حول “مدى رغبة حماس بالقتال حاليا”.
أشار محللون إسرائيليون اليوم، الأربعاء، إلى أن الحرب على غزة، بشكلها الحالي، قد تنتهي في الأيام المقبلة، بسبب ضغوط تمارسها الإدارة الأميركية بشأن هدنة ومحاولات التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، لكنهم اعتبروا أن الحرب قد تُستأنف بشكل مختلف، ومن خلال اقتحامات إسرائيلية موضعية لقطاع غزة وعمليات اغتيال قادة في حركة حماس والفصائل الأخرى.
ووفقا للمحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، فإن “الأيام المقبلة قد تكون المرحلة الأخيرة، الحاسمة، في الجهدين: الحرب ضد حماس والمحاولة الأميركية – القطرية للتوصل إلى صفقة مخطوفين. وبعد هذه الفترة، ثمة شك إذا ستتمكن إسرائيل من الصمود أمام الضغط الأميركي بشأن وقف إطلاق نار، وخاصة إذا كانت صفقة مخطوفين موضوعة على الطاولة. الساعة تدق”.
وأشار برنياع إلى أن “تجارب الماضي في غزة وكذلك في لبنان تدل على عدم وجود احتمال مرتفع لاستئناف الاجتياح البري بعد اتفاق وقف إطلاق نار. فالطلاب (في إسرائيل) سيعودون إلى المدارس، والسكان سيعودون إلى العمل، وستبدأ إعادة إعمار البلدات، والعالم يتوقع أجندة أخرى، وجنود الاحتياط يريدون العودة إلى بيوتهم وعائلاتهم وأعمالهم. والجيش الإسرائيلي سيبقى في غزة ويستمر بالعمل، لكن ليس بحجم القوات الحالي”.
وأضاف أن “ثمة أهمية للحفاظ على توقعات واقعية. فليس مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي سيتمكن من الوصول إلى (رئيس حركة حماس في غزة) يحيى السنوار وزملائه في الجولة الحالية. وحتى لو تمت تصفيتهم، حماس لن تختفي؛ وثمة أهمية أن نتذكر أننا لسنا لوحدنا في هذه الدراما، وأننا بحاجة إلى الإدارة الأميركية وملزمون بالاستماع إليها”.
وبحسب برنياع، فإن “أصوات الناخبين التي يفقدها بايدن في أميركا تفاقم احتياجه إلى وقف إطلاق نار قريب في غزة؛ وينبغي أن ندرك أن غزة هي مقطع واحد فقط في الخراب الذي لحق بإسرائيل في 7 أكتوبر. والحكومة الإسرائيلية تتطلع الآن إلى تسوية بطريقة دبلوماسية لإبعاد قوة الرضوان (في حزب الله) عن الحدود في الشمال. ومن دون ذلك، ثمة شك إذا سيعود السكان إلى بلداتهم في الشمال. كما أننا لم نصل بعد إلى السؤال حول ماذا ستطلب حماس مقابل إعادة قسم من المخطوفين”.
وأشار إلى أنه “عندما يتحدث نتنياهو وآخرون عن حرب متواصلة فإنهم يقصدون، على ما يبدو، ليس الحرب التي دارت في الشهر الأخير وإنما حربا من نوع آخر: اغتيالات، اقتحامات موضعية، عمليات أمنية جارية ومتواصلة”.
ولفت برنياع إلى أنه “طالما يتحدثون عن استمرار الحرب، بإمكان نتنياهو أن يلجم الضغوط عليه كي يتحمل المسؤولية (عن الإخفاق الأمني والاستخباراتي في 7 أكتوبر) هو والحكومة. وفي نهاية الشهر الأول للحرب، لن يتمكن أحد في إسرائيل من الاحتفال بانتصار. وأحيانا يكون الانتصار بالإدراك أنه لا يوجد انتصار”.
كذلك أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أن “مدة استمرار الحرب، بحجم القوات الحالي، ليست غير محدودة. والولايات المتحدة التي تدعم العملية الإسرائيلية لهزم حماس، تمارس في موازاة ذلك ضغطا من أجل تنفيذ هدن إنسانية أطول وتلمح إلى أنه في المدى غير البعيد ستكون هناك حاجة إلى البحث في تغيير طبيعة الحرب”.
وأضاف أنه “في قيادة المنطقة الجنوبية (للجيش الإسرائيلي) يريدون شهورا كثيرة من أجل استكمال العملية العسكرية، واستهداف حماس في شمال القطاع خصوصا، وتنفيذ مسح جذري في هذه المناطق بهدف استهداف المخربين وجميع أسلحة”.
وتابع هرئيل أن “الإدارة الأميركية تتحدث مع إسرائيل حول ملاءمة شكل الحرب لاحقا: سحب معظم القوات من القطاع والانتقال إلى طريقة الاقتحامات الموضعية ضد منظومات حماس، في شمال القطاع وربما في مناطق أخرى أيضا”.
وأشار هرئيل إلى أنه “ليس واضحا بعد ما هو الواقع الذي يعتزم الجيش الإسرائيلي ترسيمه بعد الحرب. والاعتقاد هو أنه بالإمكان تفكيك قوة حماس العسكرية والتنظيمية، وعدم القضاء عليها بالكامل، لأنه لا يمكن تدمير فكرة أو أيديولوجية”.
وأضاف أنه “تتعالى صورة أكثر تعقيدا من خلال محادثات مع ضباط إسرائيليين والذين يقودون الحرب في القطاع والمستويات التي فوقهم. وهم راضون، وحتى أنهم متفاجئون للإيجاب من المستوى الاحترافي للقوات البرية، في الأسبوع الثاني للاجتياح البري في غزة. لكن لا يزال هناك السؤال بشأن مدى رغبة حماس بالقتال حاليا”.
وتابع هرئيل: “حقيقة أن حماس ترفض في هذه المرحلة أي مفاوضات حقيقية حول تحرير واسع للمخطوفين من شأنه أن يدل أيضا على أن قيادتها لا ترى حاليا أن وضعها خطير جدا. وبرز في اليومين الأخيرين تراجع في كمية القذائف الصاروخية التي أطلِقت إلى وسط البلاد.
ويوجد هنا دمج بين سببين على ما يبدو: صعوبة تواجهها حماس بإطلاقها من شمال القطاع إثر هجوم الجيش الإسرائيلي، ورغبة بإبقاء عدد كاف من القذائف الصاروخية متوسطة المدى للمراحل المقبلة من الحرب”.