أطفال غزة يصرخون جوعا “ولا حياة لمن تنادي”

26 فبراير 2024آخر تحديث :
أطفال غزة يصرخون جوعا “ولا حياة لمن تنادي”

مع بزوغ فجر الصباح، عندما استيقظ الفلسطيني أبو قصي أبو ناصر (44 عاما) توجهت أنظاره إلى أطفاله وهم يصرخون من شدة الجوع جراء نقص الطعام في منزلهم بشمال قطاع غزة.

ويشعر الفلسطيني بحسرة شديدة في قلبه وهو يرى أطفاله يتضورون جوعا، دون أن يجد حلا سريعا لإطعامهم في ظل العدوان والحصار الإسرائيلي المستمر على المنطقة، واستمرار الحرب التي تزيد من معاناة الأهالي.

هذا الوضع دفع أبو ناصر إلى التوجه نحو سوق شحيح من البضائع في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، بحثا عن طعام لأسرته.

ويسير أبو ناصر بخطوات متأنية في دروب السوق، حيث يلتفت يمينا ويسارا بحثا عن أي مؤشر يمكن أن يفيده في إطعام أطفاله الجائعين.

ويمر الفلسطيني بين الباعة الذين يعرضون ما لديهم من خضروات بعضه يظهر عليها العفن.

ويسعى الأب، الذي يبدو على وجهه علامات الضعف والتعب، للبحث عن الذرة الناشفة والشعير اللذين يُعتبران طعاما للحيوانات في قطاع غزة.

ويتطلع أبو ناصر، بوجه يعبر عن الأمل المتوقع، إلى تحضير الخبز من هذه المكونات، بعدما نفدت مخزونات الطحين (الدقيق) في شمال القطاع.

فلا بديل أمام الفلسطيني سوى اللجوء إلى هذه الطرق للبقاء في ظل الحصار الإسرائيلي على شمال قطاع غزة، واستمرار الحرب التي تعقّد الأوضاع الإنسانية أكثر فأكثر.

وعلى جانب السوق، بشكل مفاجئ، فرش أحد الباعة كيسا من البطاطس، التي تظهر عليها علامات العفن.

حيث سارع أبو ناصر والمارة في السوق إليها يتطلعون لشراء ما يمكنهم استخدامه في تلبية احتياجاتهم الضرورية، رغم حالة العفن .

ويتجلى هذا في ظل أوضاع مأساوية يعيشها أهالي شمال قطاع غزة، بسبب الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال أبو نصار “منذ الصباح الباكر خرجت للبحث عن الطعام والذرة الناشفة والشعير لإطعام أطفالي الجائعين، فمنذ أمس لم أتناول سوى تمرة واحدة، والأطفال يصرخون من شدة الجوع، لا أدري ماذا أفعل”.

وتابع “ذهبت إلى سوق جباليا، ولكن لم أجد الذرة الناشفة المخصصة لطعام الحيوانات لأعد منها الخبز لأطفالي”.

وأشار إلى أنه منذ الهدنة التي استمرت أسبوعا في غزة لم يصل أي شيء إلى شمال القطاع، وما يصل بالكاد يلبي احتياجات مدينة غزة فحسب، فكيف يكون كافيا للشمال.

وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي، انتهت هدنة مؤقتة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، أنجزت بوساطة قطرية مصرية أميركية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة للقطاع الذي يقطنه نحو 2.2 مليون فلسطيني.

وأوضح أبو ناصر أنه تناول الخبيزة، وهي إحدى أصناف الأعشاب البرية ذات اللون الأخضر الداكن، ولكن توافد المواطنين عليها في الأراضي الزراعية جعلها غير متوفرة.

وذكر أنه قطع مسافات طويلة للبحث عن القمح والطحين ولم يجده نهائيا.

وتساءل أبو ناصر: “هل يعاقبنا الاحتلال الإسرائيلي بعدم توفير الطعام والشراب؟ هل لأننا لم ننتقل جميعا إلى جنوب قطاع غزة؟”.

عين الرحمة

من جانبها، قالت راوية رزق، التي نزحت لإحدى المدارس في مخيم جباليا شمال قطاع غزة “لا يوجد طعام ونحن نعيش في مجاعة”.

وطالبت رزق العرب والمسلمين بالنظر بعين الرحمة لأهالي قطاع غزة، الذين يفنون جوعا جراء الحصار الإسرائيلي.

وأضافت “نتناول طعام الحيوانات وقد بدأ ينفد، والأمراض أصبحت تنتشر بكثرة، حيث يعاني الأطفال من الجدري والكبد الوبائي، والكبار يعانون من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم”.

وتابعت “إذا توفر الطعام يصبح أمرنا أفضل”.

وأوضحت أن طعام الحيوانات نادر وبأسعار مرتفعة، حيث يصل سعر 3 كيلو منه ما بين 60 و80 شيكل، (الدولار يساوي 3.65 شيكل).

وبحسب نتائج فحوص لسوء التغذية أجرتها مؤخرا منظمات شريكة في مجموعة التغذية (تابعة للأمم المتحدة)، توجد في غزة زيادة كبيرة في نسبة سوء التغذية الحاد العام بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرا.

ووصل سوء التغذية الحاد العام إلى 16.2%، وهي نسبة تتخطى العتبة الحرجة التي تحددها منظمة الصحة العالمية عند 15%.

وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن السكان في شمال قطاع غزة أصبحوا “على حافة المجاعة ولا ملاذ يأوون إليه” في ظل الحرب المستمرة.

ومنذ 143 يوما تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الأحد 29 ألفا و692 شهيدا و69 ألفا و737 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض وكارثة إنسانية “غير مسبوقة”.

وللمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، تخضع إسرائيل حاليا لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في غزة.