مصادر إسرائيلية: مفاوضات الصفقة طويلة ومعقّدة.. ونتنياهو مستمر بالمناورة والمراوغة

بعدما بدأت أمس مداولات الوساطة في الدوحة لإحراز صفقة بين إسرائيل و”حماس”، من المتوقّع أن يعود للبلاد رئيس البعثة الإسرائيلية رئيس الموساد ديفيد بارنياع، لتبقى طواقم مهنية في قطر، على أن يعود لها بحال حصل تقدم في مفاوضات تؤكد مصادر إسرائيلية أن تكون “طويلة ومعقدة” تستغرق أسبوعين على الأقل.

وحسب الإذاعة العبرية العامة، فإن الصفقة المقترحة في جوهرها تشمل هدنة لـ 42 يوماً والإفراج عن 40 محتجزاً، وإن نقاط الخلاف الأساسية تدور حول تصميم “حماس” على عودة الغزيين لديارهم في شمال القطاع، فيما إسرائيل مستعدة لمعاينة احتمال إعادة نساء وأطفال فقط، إضافة لعدد الأسرى الفلسطينيين من العيار “الثقيل” المطالَب بإطلاقهم.

تقول يحيموفيتش إن استخدام كلمة “صفقة” من عالم المال والأعمال يدلّل على قسوة قلوب القيادة الإسرائيلية

وتتفاوت الترجيحات حول احتمالات الصفقة المطروحة، إذ تنقل صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الثلاثاء، عن مصدر أمريكي قوله إن واشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة على كل الأطراف، وهذه المرة لن تقبل جواباً سلبياً”.

ويرجّح المصدر الأمريكي أن يتوصّل الوسطاء لإحراز اتفاق في نهاية المطاف.

وكانت “حماس” قد قدمت مقترحاً، يوم الخميس الماضي، لكن حكومة الاحتلال تباطأت، وسافر وفدٌ مفاوض عنها للدوحة فقط أمس الإثنين، ما يثير شبهات حول حقيقة نوايا ائتلاف نتنياهو حيال التقدم في صفقة تبادل. وقد حاول الوزيران غانتس وآيزنكوت الاتّصال بنتنياهو، يوم السبت الفائت، من أجل تسريع إرسال الوفد الإسرائيلي المفاوض، لكنه لم يردّ على مكالماتهما الهاتفية، بحجة الحفاظ على قداسة السبت. ليس هذا فحسب، إذ تكشف صحيفة “يسرائيل هيوم”، على لسان محلّلها العسكري يوآف ليمور، عن قيام نتنياهو بإخفاء كلّ المعلومات المتعلقة بمداولات الصفقة المقترحة عن غانتس، رغم كونه وزيراً كبيراً عضو مجلس الحرب، منوهة أن هذا يعكس خلافات عميقة بينهما.

صورة انتصار
وفي اجتماع مجلس الحرب، الذي التأم أول أمس الأحد، تم تحديد صلاحيات الوفد الإسرائيلي المفاوض، وحسب “يديعوت أحرونوت” فإن هذه الصلاحية محدودة، لكنها أوسع قليلاً من صلاحياته في المرات السابقة، وإنها جيدة بما يكفي لبدء مفاوضات واختبار نوايا وجدية “حماس”. في المقابل، تقول “يديعوت أحرونوت” إن الوزراء في مجلس الحرب حدّدوا، في اجتماع الخميس الفائت، خطوطاً حمراء للطاقم المفاوض، بما يتعلّق بأعداد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب بهم “حماس”. وفيما تتضارب التصريحات والتسريبات الإسرائيلية حول الخلاف على الأسرى الفلسطينيين، بين من يتحفظ على الكمّ، ومن يتحفّظ على النوعية، يبدو أن هناك وزراء في حكومة الاحتلال، وليس نتنياهو فحسب، يخشون من إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، حتى لو كان عددهم قليلاً، لأن صورهم وهم يطلّون من نوافذ الحافلات التي ستخرجهم من خلف القضبان وهم يرفعون شارة انتصار تشكّل كابوساً بالنسبة لهم، كونها صورة انتصار، خاصة أنهم يعتبرون ائتلافهم الأكثر وطنية ويمينية.

هذه ليست “صفقة”
وعلى خلفية المؤشرات الكثيرة على عدم تحمّس نتنياهو لهذه الصفقة المتداولة، قالت الصحفية، وعضو الكنيست سابقاً شيلي يحيموفيتش في مقال تنشره “يديعوت أحرونوت” إن ردّ “حماس” وصل الخميس، لكن وفد إسرائيل سافر الإثنين، متسائلة عمّا إذا كان هذا تعبيراً عن رغبة بالتباطؤ المتعمّد بالتفاوض.

في مقالها بعنوان “هذه ليست صفقة” تقول يحيموفيتش إن استخدام كلمة “صفقة” من عالم المال والأعمال يدلّل على قسوة قلوب القيادة الإسرائيلية.

منبهّة إلى أنه في الصفقة المطروحة عادةً هناك من يبيع وهناك من يشتري، وهناك احتمال أن لا تتم عملية البيع والشراء، وأنها تتم عندما تكون هناك صفقات بديلة. وتضيف شاكية: “هذا التوصيف لا يتكاتب مع المأساة الموجودة على الأرض: 100 إسرائيلي يموتون كل لحظة داخل الأنفاق ومعهم ذووهم.. كافّتهم يعيشون كابوساً حقيقياً”.

وتخلص يحيموفيتش للطعن في نتنياهو ومصداقيته ومواقفه وأولوياته الساخرة: “إن تطبيع مثل هذه الحالة غير الطبيعية في ظل المصطلح الخيالي “انتصار مطلق” هو مكسب سياسي وعيوي لنتنياهو. المشكلة أن ثمن ذلك حياة إسرائيليين يموتون يومياً”.

ينبّه هارئيل إلى أن المفاوضات غير المباشرة تجري بين إسرائيل و”حماس” في الدوحة، غير أن السنوار هو صاحب القرار لا قادة “حماس” في قطر

وبعد التشكيك بنوايا نتنياهو، تؤكد يحيموفيتش أن “استعادة المخطوفين أحياء مصدومين ومصابين هو واجب أساس وملحّ، وفرض لا يوجد ما هو أقوى منه، وبالتأكيد ليس “صفقة” يقومون بإدارتها بالراحة”.

على خط غزة الدوحة
على خلفية كل ذلك وغيره، فإن المعادلة لدى المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل واضحة: تمديد أمد المفاوضات حول الصفقة المطروحة يخدم حالياً اعتبارات البقاء لدى نتنياهو، ويهدّد حياة المحتجزين. في الواقع هناك حسابات مبدئية، علاوة على اعتبارات البقاء خلف التباطؤ والمراوغة لدى نتنياهو، وهي الطمع باستكمال تدمير قوات “حماس”، كيّ وعي كل الفلسطينيين، وإرضاء جمهور حزبه اليميني، الظفر بصورة انتصار بعد حرب طالت تكثر الانتقادات على إدارتها، وهو يدرك أن وقف الحرب لنحو شهرين سيصعب عملية استئنافها مجدداً، وهذا لجانب الرغبة باستبعاد أي تحوّل يدفع لصفقة سياسية تقترب من تسوية الدولتين.

في مقاله اليوم ينبّه هارئيل إلى أن المفاوضات غير المباشرة تجري بين إسرائيل و”حماس” في الدوحة، غير أن السنوار هو صاحب القرار لا قادة “حماس” في قطر.

وينقل هارئيل عن مشاركين في اجتماع مجلس الحرب، أمس الأول، قولهم إنهم خرجوا بانطباعات سلبية من أجواء الاجتماع، وبالتالي من احتمالات التقدم في المفاوضات.

بخلاف رواية الناطق العسكري، يرى هارئيل أن العملية في مستشفى “الشفاء”، في شمال القطاع، تدلّل على أن “حماس” بعيدة من الاستسلام، حتى في المناطق التي أعلن الجيش عن سيطرته فيها، وعن انتهائه من تفكيك قوات “حماس”.

وينضم هارئيل لمراقبين آخرين يحذّرون من تبعات فقدان رؤية إستراتيجية عملية للحرب على غزة: “بدلاً من الهياكل العسكرية النظامية الحمساوية التي تفكّكت تنمو داخل القطاع حرب عصابات تديرها مجموعات صغيرة من الإرهابيين، وتستنزف الجيش الإسرائيلي”.

يسرائيل زيف: إسرائيل ذاهبة لتخسر الحرب في غزة، بسبب عدم وجود رؤية لديها تتعلق بأهداف عملية للحرب، وباليوم التالي، وبخطة مفقودة، خاصة بإدخال مساعدات إنسانية

وهذا ما يحذّر منه الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف، في حديث غير مسبوق بوضوحه للقناة 12 العبرية، قال فيه إن إسرائيل ذاهبة لتخسر الحرب في غزة، بسبب عدم وجود رؤية لديها تتعلق بأهداف عملية للحرب، وباليوم التالي، وبخطة مفقودة، خاصة بإدخال مساعدات إنسانية.

ويحذّر زيف أيضاً من أن الخسائر المتنوعة المترتّبة على اجتياح رفح المحتمل أكبر من منافعها، خاصة أن من شأنها دهورة العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة الرافضة للاجتياح البري هناك.

في المقابل قال وزير الزراعة، رئيس سابق للشاباك، آفي ديختر للإذاعة العبرية، اليوم، رداً على التحفّظات والضغوط الأمريكية إنه لا توجد خيارات أخرى لتدمير قوات “حماس” في رفح إلا بالاجتياح، معتبراً أن الغارات من الجو، ومن بُعد، غير مجدية. وتابع في هذا الخصوص: “سبق أن حدّدَ المستوى السياسي، بعد السابع من أكتوبر، أهداف الحرب للجيش”.

المحادثة: بايدن نتنياهو
وتفاوتت التقييمات الإسرائيلية لفحوى ولهجة المكالمة الهاتفية، أمس، بين نتنياهو وبايدن، التي طالت 45 دقيقة، وجاءت بعد مكالمة سابقة قبل شهر، بيد أن نتنياهو نفسه قال، في شريط فيديو، إنه أكّدَ على أهداف الحرب المعلنة، وفي المقابل قال بيانُ البيت الأبيض إن نتنياهو وافق على إرسال طاقم خاص إلى واشنطن للتداول في عملية رفح، حيث سيتم التباحث كيف وبأيّ طريقة يتم القضاء على قوات “حماس” دون اجتياح بري واسع.

كما أوضح البيت الأبيض أنه يوافق إسرائيل في مسعاها لتدمير “حماس”، منوّهاً بأنه يرغب بتأمين حماية المدنيين، ووصول مساعدات إنسانية لهم. ولهذا الغرض وغيره قالت الإذاعة العبرية، اليوم، إن وزير الخارجية الأمريكي سيصل غداً للرياض، وبعد غد للقاهرة “لدفع الصفقة والتباحث في موضوع اليوم التالي”.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

محكمة إسرائيلية ترفض تخفيف ظروف سجن الأسير مروان البرغوثي

قالت صحيفة “يسرائيل هيوم” إن المحكمة الإسرائيلية ترفض بشكل قاطع الالتماس المقدم من الأسير مروان …