الكلاب المتوحشة.. سلاح إسرائيل لترويع الضحايا من المسافة صفر

27 يونيو 2024آخر تحديث :
الكلاب المتوحشة.. سلاح إسرائيل لترويع الضحايا من المسافة صفر

ماذا لو كانت المسنة التي نهشها الكلب إسرائيلية؟ هل كان المجتمع الدولي “المدرَّع” بحقوق الإنسان سيمر على هذه الحادثة مرور اللئام؟


دولت الطناني عجوز فلسطينية من مخيم جباليا لم تبرح بيتها خلال فصول التهجير المكررة التي عاشها أبناء القطاع من شماله إلى جنوبه، وبالعكس، لا لشيء إلا لأن جسدها الضعيف، الذي ازداد ضعفاً في ظل الجوع والقهر والخوف، لا يحتمل حياة التشرد ولا يقوى على السير تلك المسافات، وفي أغلب الأحيان تحت القصف والرصاص.


دولت الطناني (68 عاماً) كانت كغيرها تتوقع الموت في كل لحظة، ما دامت نيران هذا الجحيم الذي أولمته إسرائيل كل أنواع الذخائر الأميركية مستعرة، لكن كتبت لها “النجاة”، وكانت تعيش كل لحظة بلحظتها وليس كل يوم بيومه، حتى جاء الهجوم الكاسح على مخيم جباليا قبل أسابيع قليلة، عندما فوجئت بكلب إسرائيلي ومن خلفه عدد من الجنود يهاجمها في غرفتها التي تفتقد أدنى مقومات الحياة، وراح ينشب أنيابه في جسدها الضعيف، وينهشها، فأصيبت بجروح بالغة في الذراع، فيما صرخات استغاثتها لا تكاد تُسمع، ولا مجيب، ليقوم بجرها إلى الخارج حيث الجنود.

إسرائيل لم توفر جريمة لم تقترفها في غزة

ما الذي لم تفعله دولة الاحتلال في غزة؟ هل وفرت جريمة قد تخطر في بال، لم تقترفها، بحق النساء والأطفال والشيوخ والعجائز والشبان، وبحق المدارس والجامعات والبيوت والشوارع والمزارع والمؤسسات ووو؟؟
كل ذلك يحصل وإسرائيل المجرمة محميّة من أقوى دولة في العام، ومعها العديد من الدول التي تشبهها في إرثها الاستعماري!

فظائع الاحتلال طالت الجميع.. وكل شيء

اعتداء الكلب الإسرائيلي على المسنة دولت الطناني، لم يكن أبشع ما حصل في هذه الحرب الوحشية، فقتل الصغار والكبار، وهم نيام في أسرّتهم، والنازحين في مراكز الإيواء، وفي الخيام، والرضع في الحاضنات والمرضى والجرحى في المشافي، ودفن الناس أحياءً وإبادة الناس أفراداً وجماعات، وإلغاء عائلات بأكملها من سجلات الحياة أبشع وأقسى بكثير.


حرمان الأطفال من المأكل والمشرب والأمان، ومن مستقبلهم المنتطر، وكسر قلوب الآباء والأمهات على أبنائهم، والأبناء على آبائهم وأمهاتهم وأخوتهم وأصحابهم، أبشع بكثير مما حدث للمواطنة دولت الطناني.

يتفننون في التنكيل بالأسرى

ما خبره الأسرى الغزيون في ساحات الاعتقال وفي السجون، من انتهاك لكرامتهم الإنسانية، وتنكيل وتعذيب بالكهرباء والهراوات والقيود على أيدي الجنود والمحققين، وبأنياب كلابهم البوليسية، وما يتعرض له الأسرى من كافة مدن وقرى ومخيمات فلسطين في سجون الاحتلال على الدوام خلال مداهمات وحدات القمع، التي كانت دوماً تسبقها كلابها إلى زنازينهم، يضاهي ما تعرضت المسنة دولت ويزيد.


ما جرى للمسنة دولت لم تكن الحادثة الوحيدة التي تحصل في هذه الحرب الهمجية، فكم مواطنٍ غزيّ نهشته كلابهم، وظل وجعه وخوفه حبيس صاحبه لأنه لم يتسرب أي تسجيل لما حصل لهم. وهناك حوادث كثيرة تضاهيها في البشاعة وربما تزيد.

ليست الجريمة الأولى ولا الأخيرة

ما جرى للمسنة دولت الطناني لم تكن الجريمة الأولى من هذا النوع، ولن تكون الأخيرة، فجيش الاحتلال ومستوطنوه استعانوا منذ وقت طويل بكلابهم البوليسية المدربة على الانقضاض فقط على الفلسطيني، لترويع المواطنين في الضفة الغربية، حتى قبل أن يكون هناك “طوفان”، وعدوان بهذا الحجم، حيث كانت كلابهم المسعورة تنقض على الرجال والنساء والأطفال وتنهشهم، وتدمي أجسادهم، من دون أن تُعير المؤسسات الإنسانية والحقوقية الدولية اهتماماً بمثل هذه الممارسات الوحشية.

سلسلة طويلة من الجرائم المماثلة في الضفة

من لا يذكر المواطنة يسرا ربايعة من قرية العبيدية شرق بيت لحم؛ عندما هاجمها أحد كلاب المحتلين في آذار 2007، وقام بنهشها وجرّها على مرأى من الجنود، والطفل محمد فضل عبد الرحمن قاسم (12 عاماً) من مخيم جنين، نهش كلبهم لحمه الغض في كنون الأول 2005، وأكرم جمال من قرية الطبقة جنوب الخليل في شباط 2012، ومالك معلّا من حي أم الشرايط في البيرة، والحاج سالم من طمون هاجمه كلب ضخم بشراسة وهو على سريره وقام بقضم أذنه ويده، وسحبه أرضاً أكثر من نصف ساعة، فيما الجنود يرقبون المشهد دون أن يحركوا ساكنا، والشاب حمزة ارشيد أثناء اعتقاله من قرية صير قرب جنين في شباط 2024، والطفل إبراهيم جمال حشاش (٣ أعوام) في مخيم بلاطة روّعه ونهش لحمه الطري أحد كلابهم المتوحشة في شباط 2024 أيضاً.
القائمة تطول وتطول، وجيش الاحتلال “الأكثر أخلاقاً في العالم” ماضٍ في ممارسته الإجرامية، ودولة إسرائيل التي قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني لا تزال تتمتع بالحصانة حتى بعدما أدرك العالم حقيقتها.