تشهد المستوطنات الإسرائيلية حركة توسع وبناء وتطوير مستمرة، ويوفر الاحتلال الميزانيات الضخمة لتشجيع المستوطنين على البناء والإقامة في مناطق الضفة الغربية، بينما يواجه أصحاب وسكان الأرض الفلسطينين، سياسات وإجراءات مشددة لمنعها من البناء والإصلاح والإعمار، بذرائع وحجج متعددة ومفبركة من الاحتلال وخاصة في المناطق والأراضي المصنفة وفق اتفاق أوسلو ب”ج “، والتي فرض الاحتلال فيها قيود مشددة لتضييق الخناق على سكانها الأصليين خاصة على صعيد البناء الذي يعتبر ممنوعاً في كافة المناطق.
ورصد نشطاء والمجالس القرية، قيام قوات الاحتلال مؤخراً، بإصدار قرارات بالهدم ووقف بناء منازل في قرى جلبون شرق جنين، وطورة جنوب غرب المدينة ، سبقها هدم عدة منازل في فقوعة وجلبون بذريعة البناء دون ترخيص، والذي اعتبره الناشط في لجان الدفاع عن الأراضي وليد سليم، جزء من المخطط الاسرائيلي لمصادرة ونهب الأراضي والتضييق على أصحابها لتركها والتخلي عنها، تمهيداً لمصادرتها بشكل تدريجي، موضحاً، أن الاحتلال يسمح للمستوطنين بالتوسع والبناء، بينما يعاقب كل فلسطيني بهدم منزله وتدمير مقومات معيشته وحياته.
وذكر سليم، أن الهجمة الإسرائيلية ضد البناء في المناطق التي تعتبر “ج “، ارتفع وتزايد بوتيرة عالية منذ الحرب على غزة، فقوات الاحتلال نفذت عمليات هدم طالت منازل وبركسات وحتى مشاريع زراعية في عدة مواقع، كما فرضت رقابة على تحركات المواطنين، وأخطرت كل من قام بمحاولة البناء في أرضه، مشيراً، للمفارقة الكبيرة، في حصار القرى والتجمعات الفلسطينية، بينما أعاد الاحتلال بناء مستوطنة “حومش” بعد 14 عاماً من الإخلاء خلال قرار فك العزل والانسحاب الأحادي الجانب، وخلال زمن قياسي، عادت الحياة للمستوطنة وتم بناء عشرات الوحدات الاستيطانية.
هدم وإخطارات في جلبون ..
وخلال العام الجاري، اقتحمت قوات الاحتلال قرية جلبون الحدودية والجدارية شرق جنين، وهدمت عدة منازل بعدما أنفق أصحابها أموال طائلة في البناء والأعمار، وطردتهم منها مما كبدهم خسائر فادحة، وذكر رئيس مجلس جلبون إبراهيم أبو الرب لـ”ے”، أن قوات الاحتلال اقتحمت القرية، بتاريخ 9-10-2024، وسلمت 16 مواطناً، إخطارات بوقف بناء منازل لـ 13 مواطناَ موزعة شمال وجنوب وشرق القرية، بنفس الحجة الدائمة البناء دون ترخيص في أراضي مصنفة “ج”، وأضاف ” غالبية المنازل التي استهدفت، أنهى أصحابها البناء واعمارها منذ سنوات، ويعيشون فيها مع أسرهم التي أصبحت مهددة بالتشريد، لان محاكم الاحتلال لن توافق كالعادة على الاعتراضات والاستئنافات التي تقدم ضد القرارات الجائرة “.
وذكر أبو الرب، أن القرية تعيش معاناة مستمرة، بسبب الاستهداف والمضايقات الاحتلالية المتزايدة منذ الحرب على غزة، وإضافة للمداهمات والحصار والإغلاق وشل الحياة، أصبح هناك مصادرة واحتلال للمنازل وتحويلها لثكنات عسكرية، موضحاً أن عمليات الهدم والإخطارات وهذه السياسات والتي يأتي في إطارها حرمان المزارعين من قطف ثمار الزيتون حتى اليوم، هدفها التضييق على الأهالي وطردهم وتشريدهم وتوسيع المستوطنات المقامة على أراضي القرية.
استهداف طورة ..
ولا يختلف المشهد في قرية طورة الحدودية والجدارية، فمنذ سنوات، يواجه الاحتلال ممارسات وقيود تعسفية، وحرب ضد البناء والتوسع العمراني، وبحسب رئيس المجلس طارق قبها، مخطط الاحتلال يرتكز على منع كل أشكال التوسع والبناء في القرية التي نهب الاحتلال مساحات من أراضيها وعزل أخرى خلف جدار الفصل العنصري.
وذكر قبها، أن الاحتلال وزع 13 إخطاراً على المواطنين لوقف البناء بحجة عدم الترخيص والذي تعتبر سياسات الاحتلال السبب الرئيسي له، فالادارة المدنية تمنع المواطنين من البناء بذريعة تصنيف الأراضي كمنطقة “ج”، وتعود ملكية المنازل التي أخطرت لكل من المواطنين: حسن أحمد عطاطرة، وأحمد كامل زيد، ومحمد جمال زيد، ومصعب وليد زيد، وخالد عطية الجوهري، وإبراهيم فتحي قبها، وبهاء حمزة زيد، ومحمود صالح خطيب، وناصر مروح قبها، ومروح سليمان قبها، ومحمد مروح قبهاوعلي حسن عبادي.
الهدم والتدمير ..
في غضون ذلك، هدمت قوات الاحتلال منزل المواطن الستيني محمد خضر قبها، والذي أفاد، أن قوات الاحتلال سلمته إخطاراً لهدم منزله الذي جهزه لزواج نجله، ويقول “بعد إنجاز البناء وتأثيته، فوجئنا باقتحام الاحتلال وتسليمنا قرار بالهدم ومنحنا أسبوع للإخلاء، ولكن بعد أيام وقبل انتهاء الفترة، عادوا لاقتحام المنزل وخلال دقائق هدموه بكافة محتوياته”، وأضاف “دمروا كل شيء، وخسارتنا تتجاوز 130 ألف شيكل، سرقوا الفرحة التي كنا نستعد لها، وهذا ظلم وممارسات تعسفية ومنافية لكافة الأعراف والقوانين”، ويكمل “منزلنا ليس أول أو آخر منزل يتم هدمه، فهذا احتلال غاشم، تهدف سياسته من البداية للنهاية، لترحيل هذا الشعب من أرضه ووطنه، لكننا سنبقى صامدون ولن نرحل أو نتخلى عن أرضنا “.
وفوجيء المواطن يونس حسن راشد زي، 33 عاماً، من طورة، بتنفيذ قرار الهدم لمنزله المكون من طابقين، مساحة كل واحد منها 150 متر، دون إبلاغه بالموعد والوقت ودون منحه فرصة للاخلاء، ويقول “قبل عام ونصف، تلقيت إخطاراً لوقف بناء المنزل الذي تعيش فيه أسرتي، وخلال متابعتي لقضية الاعتراض والاستئناف، فوجئت بتاريخ 2409-2024، بقيام الاحتلال بمداهمته والشروع بهدمه، ويقول “عندما علمت، سارعت نحو المنزل، فوجدت الجنود يحاصرونه مع الجرافة، وينفذون الهدم، ولدى احتجاجي على تدمير حياتنا وأساليبهم الهجمية، تعرضت للضرب المبرح، وقال لي ضابط الجيش: حتى لو كان معك قرار أو أوراق بملكية منزلك، سنقوم بالهدم فوراً، وهذا ما حدث”، ويضيف “دمروا حتى الأثاث الذي تمكنا من انقاذه ووضعناه قرب المنزل وخسرت كل ممتلكاتي بقيمة 500 ألف شيكل، وشردوني وأسرتي “.
ويعيش أصحاب المنازل المهددة، لحظات خوف وقلق، في ظل رفض محاكم الاحتلال ما يقدمونه من اعتراضات واحتجاج ضد قرارات الاحتلال، وقال الناشط المختص في لجان مواجهة الاستيطان، سامي زياد: “المحاكم تتأمر وتنفذ سياسات الجيش والادارة المدنية، وفي كافة القضايا والمحاكم، صادقت على الإخطارات وقرارات الهدم، لحرصها على محاربة الوجود الفلسطيني في المناطق الحدودية، وحرصها على تدمير كافة المباني والتجمعات بما فيها البركسات من المناطق ج، لتسهيل عمليات مصادرة الأراضي وضمها في المستقبل”، وأضاف “هذه السياسة التي تنفذ على نطاق واسع في مناطق الأغوار، أدت لمصادرة وضم مئات الدونمات ومساحات واسعة من الأراضي مما ساهم في تمرير المخططات الاستيطانية التوسعية التي يجري تعميهما وتنفيذها في عدة مناطق في الضفة في ظل الحرب المستمرة على غزة ولبنان، مما يهدد كافة الأراضي الحدودية في ظل انشغال العالم عن الضفة وما تمارسه اسرائيل فيها من سياسة التهويد والضم والتطهير العنصري”.