دعوة إسرائيلية لعدم تكرار أخطاء حرب غزة خلال المواجهة القادمة مع حزب الله

11 نوفمبر 2025آخر تحديث :
دعوة إسرائيلية لعدم تكرار أخطاء حرب غزة خلال المواجهة القادمة مع حزب الله

عندما تظهر كل الدلائل أن المواجهة المتجددة مع حزب الله تقترب، فقد تزايدت الدعوات الإسرائيلية بالحديث عن اقتراب الوقت للتخلص من الأوهام التي رافقت القتال ضد حماس، والحديث المتكرر عن انتصارات مطلقة، لم تجد طريقها على التنفيذ على الأرض.

وذكر مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، أنه ‘بعد نحو عام من تسجيل أحد أهم الإنجازات في حرب السيوف الحديدية، المتمثلة بالضربة القاتلة لحزب الله، الذي شكل تهديدا استراتيجيا طويل الأمد لإسرائيل، وبمثابة معقل مركزي لإيران في الشرق الأوسط، أصبحت الحاجة للعودة إلى حملة واسعة في لبنان لضمان عدم تكرار هجوم السابع من أكتوبر 2023 نفسه، لمنع أي تهديد يبرز في لبنان مسألة وقت’.

وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته ‘عربي21’ أن ‘استمرار توفر مزيج من دوافع الحزب، والدعم الذي تقدمه إيران، وصعوبة نزع سلاحه، يعني نشوء تهديد مزعج للاحتلال، حيث يتم تهريب الكثير من الأسلحة إلى لبنان؛ ويتم إعادة تأهيل الحزب، بما فيه تعيين القادة، وتجنيد عناصر جدد، مما يعني أنهم لن يوافقوا مع مرور الوقت على استيعاب المعادلة التي تفرضها إسرائيل’.

وأوضح ميلشتاين أن ‘الاتفاق الواسع القائم بشأن الحرب التي اندلعت في لبنان حتى العام الماضي، وتلك التي من المحتمل أن تكون مطلوبة قريباً، ينبع من أن الصراع في هذه الساحة يقوم على أهداف محددة ورصينة، وجهد سياسي مكمل للجهد العسكري، على عكس الحملة على غزة، التي كانت ناجحة بالفعل من الناحية العسكرية، لكنها فشلت استراتيجياً من خلال استحضار الأوهام، والتمنيات، والاعتبارات الحزبية، والشعارات الفارغة، وخطط الأوهام التي انهارت مع نهاية الحرب، والمغامرات الضارة مثل الهجوم على قطر’.

وأشار إلى أن ‘كل هذه السلوكيات الاسرائيلية خلال الحرب أضرّت بشكل كبير بمكانة إسرائيل الدولية، ورافقها نقاش داخلي حول هدف الحملة، وانتهت بالتنفيذ الأميركي، مع الحد من نطاق عمله، ووضعه أمام حقائق، معظمها غير مناسبة له، ولذلك في مواجهة الحملة المحتملة في لبنان، يجب على إسرائيل أن تلتزم بالسياسة التي اتخذها ضد الحزب منذ السابع من أكتوبر 2023، وأن يتجنب تبني خصائص الحرب في غزة’.

وأكد أنه ‘يشترط أن يكون للحرب المحتملة القادمة مع الحزب حدود محددة في الزمان والمكان، وأن يكون مبنياً على أهداف قابلة للتحقيق، مع التركيز على “تطهير” منطقة جنوب الليطاني من التهديدات الأمنية، الأمر الذي قد يتطلب مناورة برية متجددة في جنوب لبنان، بجانب الهجمات في بقية أنحاء الدولة، بما في ذلك بيروت، بدلاً من الشعارات الفارغة التي تم استخدامها في الحرب على حماس’.

كما دعا الكاتب الاحتلال إلى ‘ضرورة الحفاظ على تنسيق واسع النطاق مع النظام الدولي، حتى لا تتعرض إسرائيل لضغوط شديدة كما حدث في قطاع غزة، حيث يتم اغتصاب مسؤوليتها الوحيدة، وحرية عملها تدريجياً، لأن نزع سلاح الحزب بالكامل، كما يُزعم أيضاً بالنسبة لحماس، هدف مبرر، لكن الأمر يتطلب تفكيراً عميقاً فيما يتصل بإمكانية تطبيقه، وفي الحالتين ليس من المؤكد أن يتحقق الحد الأقصى من الطموح، إلا إذا كانت تلك المنطقة في الجنوب اللبناني محتلة، ويقرر الجيش البقاء لفترة طويلة في هذه الأراضي’.

وأضاف ميلشتاين أنه ‘في المقابل، هناك أهداف ليست مثالية، لكنها قد تكون الأسوأ في الوقت الراهن: في حالة حماس، منع التكثيف من خلال السيطرة الفعلية على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، وتنفيذ النموذج اللبناني للتهديدات المستمرة، حتى تقرر إسرائيل شنّ حملة واسعة ضد حماس في المستقبل؛ وفي حالة الحزب ضمان حرية العمل، وتطهير جنوب لبنان من التهديدات، وتعزيز الضغوط الدولية، ويتعين على الحكومة اللبنانية أن تتحرك بشكل حاسم ضد الحزب، دون توقعات مفرطة في هذه المرحلة’.

وبين أنه ‘من السهل الاستهزاء والادعاء بأن هذه هي الانهزامية بروح السادس من أكتوبر، لكن من المستحسن أن تتسلح بموقف رصين وانتقادي، وهو ما لم يكن موجودا قبل السابع من أكتوبر، وبعده، وأن تفهم أن الإصرار على الأوهام، كما ظهر في غزة، يؤدي إلى مستنقع، لم ينته إلى ضرر أكثر حدّة بفضل تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب’.

وأوضح أنه ‘من المثير للاهتمام بالمناسبة أن المطالبة بنزع السلاح الكامل لحماس والحزب، كثيراً ما يثيرها أولئك الإسرائيليين الذين خلقوا مفهوم السابع من أكتوبر، واعتقدوا أن الحمض النووي للعناصر الإسلامية المتطرفة يمكن تغييره من خلال الإغراء الاقتصادي، وهي فجوة لن يتم التحقيق فيها أبداً بطبيعة الحال، ويتمسكون الآن بالاعتقاد بأنه من خلال الضغط العسكري سيكون من الممكن إجبار الحركة والحزب على التخلي عن عنصر أساسي من هويتهم، وتحويلهم إلى أحزاب سياسية، أو جمعيات خيرية’.

ولفت ميلشتاين إلى أنه ‘بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع هذه الحروب غير العادية والمهتزة، آن الأوان لأن نعترف أنه لا يوجد شيء اسمه “النصر” المطلق والأبدي’، رغم أن كل إنجاز عسكري يتطلب الصيانة، وهو درس مهم فيما يتعلق بإيران واليمن، ولذلك فإن تمسك بنيامين نتنياهو بصورة “برلين 1945” المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية سيؤدي لزيادة صعوبة فهم الطبيعة الفريدة للحملة، والأعداء بدقة، وتطوير تصور ملائم، كما أن احتمالات اجتثاث التطرف القسري مع حث عقول شعوب المنطقة على التفكير بشكل إيجابي يعني صفر’.

تشير هذه القراءة الإسرائيلية إلى أن دولة الاحتلال، قد تكون مطالبة باستمرار بالمراقبة، واتخاذ المبادرات من أجل وقف التهديدات، كما يحدث حالياً في لبنان، مع الحفاظ على قوة عسكرية كبيرة وقادرة، وتطوير تحالفات إقليمية، ومنع الاحتكاكات غير الضرورية، ونبذ الأوهام، والأهم من ذلك التحقيق في أخطاء الماضي، وبدون كل ذلك سوف تستمر دولة الاحتلال في الاعتماد على الأوهام، بدلاً من الاستراتيجية المطلوبة.

لا يوجد شيء اسمه ‘النصر’ المطلق والأبدي، وكل إنجاز عسكري يتطلب الصيانة.