cheapest cialis in canada. بقلم: مايك سلمان
تشكل نتيجة التصويت على مشروع القرار الفلسطيني لإنهاء الاحتلال في مجلس الامن خيبة أمل للشارع الفلسطيني وفشل ذريع للدبلوماسية الفلسطينية حيث كان من الضروري التروي لبضعة ايام قبل طرح المشروع على التصويت للتأكد من ان القرار سوف يجتاز موافقة 9 اعضاء في مجلس الأمن إذ لا يُعقل أن يتم طرح مشروع القرار والتصويت عليه في نفس اليوم دون اعطاء الفرصة والوقت الكافي للدبلوماسية الفلسطينية كي تتمكن من تحقيق انجاز حتى ولو كان هذا الانجاز محدوداً. ويدعي كبار المسؤولين في الخارجية الإسرائيلية أن السلطة الوطنية الفلسطينية سعت للخسارة منذ البداية حتى لا تضطر الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض الفيتو وبالتالي المخاطرة بحصول أزمة علنية معها تؤدي الى تجميد المساعدات الأميركية للسلطة الوطنية الفلسطينية خاصة في أعقاب الضغوط المباشرة التي مارسها وزير الخارجية جون كيري على الرئيس محمود عباس والضغوط الغير مباشرة بواسطة مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سامنثا باور.
وبناء على تلك المعطيات فإن عدة تساؤلات تطرح نفسها في الشارع الفلسطيني حول سبب استعجال التصويت في مجلس الأمن على مشروع القرار الفلسطيني، خاصة وانه جاء قبل يوم واحد من استبدال دول أعضاء في مجلس الأمن تعتبر صديقة لإسرائيل مثل استراليا ورواندا بدول صديقة للفلسطينيين وهي فنزويلا وماليزيا، كما يطرح تساؤل آخر نفسه حول امكانية وجود رغبة خفية لدى الدبلوماسية الفلسطينية في إفشال مشروع القرار تجنبا لمواجهة تبعات الفيتو الأميركي إضافة الى علامة الاستفهام الكبيرة حول الاسباب التي ادت في آخر لحظة الى امتناع نيجيريا ورواندا عن التصويت لصالح مشروع القرار.
وبدون ادنى شك فإن تسرع الجهاز الدبلوماسي في السلطة الوطنية الفلسطينية في طرح مشروع القرار للتصويت ازاح عن الادارة الامريكية حملا ثقيلا إذ انها لم تعد مضطرة للمزيد من الاحراج امام المجتمع والمؤسسات الدولية وذلك باستخدامها لحق النقض “الفيتو” ضد مشروع القرار . ويبدو أن نتائج التصويت في مجلس الأمن لم تأت نتيجة الضغط الذي مارسته واشنطن على الدول الاعضاء في مجلس الامن فحسب، بل أيضاً نتيجة لجهود دبلوماسية إسرائيلية مكثفة ادارتها وزارة الخارجية ومكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنجاح حيث تم التركيز على أفريقيا كهدف للجهود الدبلوماسية الاسرائيلية لافشال الجهود الدبلوماسية الفلسطينية، والتي تجسدت في امتناع رواندا ونيجيريا عن التصويت.
ويبدو أن الدولة الأهم في هذه المعادلة كانت نيجيريا، حيث أنها الدولة التاسعة التي كان من المفترض أن توفر الأغلبية المطلوبة في مجلس الأمن للمشروع الفلسطيني ، بيد أنها وبصورة مفاجئة غيرت موقفها في آخر لحظة من مؤيد الى ممتنع عن التصويت، علما أنها تاريخياً كانت تصوت تلقائيا لصالح الموقف الفلسطيني، وبالتالي فإن هذا الامر يفتح المجال للحديث عن تغيير تاريخي في طبيعة تصويت نيجيريا لصالح القضية الفلسطينية. ويبدو أن المكالمة التي أجراها رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو مع الرئيس النيجيري جوناثان غودلاك ومع رئيس رواندا بول كاغامي في آخر لحظة هي التي حسمت الموقف. وكما أن سبب التغيير في موقف نيجيريا يعود الى توطد علاقاتها مع إسرائيل والى طبيعة المصالح المشتركة بين الدولتين والتي نشأت نتيجة للحرب على ما يسمى بالإرهاب العالمي، حيث كانت إسرائيل من بين أول الدول التي عرضت المساعدة على نيجيريا في حربها ضد تنظيم “بوكو حرام”. وبحسب تقارير إعلامية مختلفة فإن إسرائيل في حينها باعت نيجيريا أسلحة في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة حظر بيع الأسلحة عليها.
وتؤكد جريد يديعوت احرونوت في تقرير لها نشر مؤخراً “بأن ما يقارب من 30 ألف نيجيري يزوروا إسرائيل سنويا ، كما أن الرئيس النيجيري وخلال زيارته الاخيرة لإسرائيل وقع على اتفاق طيران مباشر بين الدولتين، إضافة إلى أن إسرائيل تتعاون مع نيجيريا في مجالات الزراعة والبناء والاتصالات والاستخبارات، وينشط في نيجيريا أكثر من 50 شركة إسرائيلية في مجالات الهندسة المدنية والطاقة والاتصالات والأمن وغيرها”.
ويضيف التقرير ايضاً الى أن إسرائيل لم تفاجأ بموقف رواندا الامتناع عن التصويت، حيث أن علاقاتها مع اسرائيل جيدة، إضافة إلى علاقات جيدة تربط بين وزيري خارجية الطرفين، وأيضا بين رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو والرئيس الرواندي. وأن هناك نشاط تجاري إسرائيلي كبير مع رواندا، كما أن وزارة الخارجية الاسرائيلية تستثمر في علاقاتها من خلال المساعدات التي تقدمها لرواندا في مجالات مختلفة.
وأخيراً إن الفشل الدبلوماسي الفلسطيني الذريع في مجلس الامن يحتم على قيادتنا التاريخية برئاسة سيادة الرئيس محمود عباس الايعاز بتشكيل لجنة تقصي لمعرفة الاسباب التي ادت الى الاخفاق الدبلوماسي الحاصل ومحاسبة الجهة المسئولة عنه ، كما أننا بحاجة أيضاً الى قرار رئاسي حازم لإعادة هيكلة الدبلوماسية الفلسطينية ودائرة شؤون المفاوضات كي نتمكن من مجابهة دهاء اسرائيل وغطرستها الاعلامية والسياسية وتجنب اي هزيمة قد تشكل ضربة قاضية لدبلوماسيتنا الفلسطينية في المستقبل.