العلة ليست في عدم توافر الوظيفة فقط، بل في سد أبواب الفرص. الوظيفة فرصة من ضمن الفرص، لكنها ليست الفرصة الوحيدة، والحاصل أن الأجهزة الحكومية على رغم المتغيرات في الداخل والخارج لم تستطع الارتقاء إلى التطلعات، ما زالت كما كانت بشروطها القديمة في التراخيص والسماح بالأعمال، هي في كوكب آخر بعيد عما حولها، والتقدم الذي نراه في بعض قليل منها ضئيل، ولم يشمل فتح الفرص.
المطلوب فتح الأبواب، خصوصاً لطاقات الشباب المعطلة، ولن يأتي ذلك إلا بإعادة النظر في كثير من الشروط واللوائح التي يفترض أنها تنظم الأعمال، لكنها في واقع الحال تسد الأفق وتضيق واسعاً.
هناك مجالات كثيرة ومتعددة لإيجاد فرص عمل بعيداً عن التوظيف شبه الإجباري في الشركات، خصوصاً أن الاستقرار في الوظيفة في بعضها فيه احتمالات، هناك فرص عمل تعتمد على الموهبة وحب العمل والاستمتاع به، وأكثر الحاضنات لاكتشاف الشباب لرغباتهم وأعمال يجدون أنفسهم فيها بما يحقق إنتاجاً أفضل هي الأعمال التطوعية، هي مرحلة يفيد فيها الشاب ويستفيد، وقد يخرج منها بفكرة قد تغيّر مسار حياته العملية، والنظر إلى أحوال تنظيماتها لا يسر ولا يشير إلى استيعاب للمتغيرات. من ذلك إعادة النظر في الشهادات التي تسمح بالحصول على ترخيص لتقديم خدمة، لننظر هل هناك حاجة لمثل تلك الشهادة أم لا؟ هل من الضرورة أن تكون الخياطة حاملة لشهادة الثانوية العامة لتحصل على رخصة مشغل؟ هذا عود من عرض حزمة شروط هنا وهناك. لو تلتفت الأجهزة الحكومية لمعوقات موجودة في أنظمتها القديمة لاكتشفت الكثير من فرص ضائعة، تحجب بقوة النظام لا يسمح أو لا يرد فيه مثل هذا التصنيف. تخيل لو أن الإنترنت والـ «يوتيوب» تحديداً كانا برخصة حكومية، فهل كان من الممكن ظهور كل هذه الأعمال والكثير منها إيجابي وكشف مواهب وقدرات؟