في مشرحة ابو ديس …. ليلةٌ مع العظماء

14 يناير 2016آخر تحديث :
في مشرحة ابو ديس …. ليلةٌ مع العظماء
في مشرحة ابو ديس …. ليلةٌ مع العظماء

viagra samples from the us. كتب هارون عمايرة

لم أفكر كثيرا عندما اتصل بي صديق لي يعمل بمعهد الطب العدلي كي أعد تقريرا عن مجموعة من الشبان ، يتطوعون دائما لتكفين الشهداء بعد تشريحهم في معهد الطب العدلي ببلدة ابو ديس
وكان الموعد الذي اتفقنا عليه لتصوير التقرير ، وهناك في تلك البلدة الوادعة على أطراف العاصمة المحتلة والضاربة جذورها بالارض الفلسطينية ، التقينا بالعظماء ، في البداية كان واحد وسرعان ما أصبحوا كثر ، كنت بحاجة خلال ساعات لا يتجاوزن اصابع اليد لعيون عدة لاراقبهم ، وعقل اخر يترجم ما أراه الى مشاهد لم أراها حقيقة الى في أفلام ليست مرآة بلورية لواقعنا.
اول هؤلاء العظماء
** شهيدٌ فلسطيني ، لم يبخل بروحه من اجل ان يشرق الامل يوماً من الايام على فلسطين لتكون كما عاشها اجداده ، وابت قطرات دمه الطاهرة الا ان تسيل على حجارة المسجد الاقصى لترسم لوحة بطولية اخرى عنوانها #لن_نرحل . (الشهيد مصطفى الخطيب من القدس )
والآخر ….
** ابٌ فلسطيني ، يعتصر الالم قلبه ويخنق الحزن صوته ، يصبر ويحتسب ويقف شامخاً كالجبال امام جثمان نجله البكر ، يراقب ويشرف ويساعد ويدقق ويتابع لحظة بلحظة من يشرحون نجله ، يناقشهم في التفاصيل ويسجل الملاحظات ويقارن بين صور الاشعة ومواضع التشريح ، قاوم بصلابة حتى الثواني الاخيرة لانتهاء التشريح ومغادرة الجميع بعد منتصف الليل (والد الشهيد مصطفى الخطيب)
وبعده ….
** طبيبٌ فلسطيني ، تعلم ليكمل لوحة الطب الفسيفسائية لفلسطين، لا يعرف لغة الوقت بل لغة البحث عن الحقيقة وعن اسرار من حملوها معهم (الشهداء والموتى) ، فهنا يشرح ويحلل ويقيم ويسجل ويستخلص النتائج من اجل تقديم قتلة الفلسطينيين للعدالة الدولية ، دون ان يكل او يمل . (الدكتور صابر العالول – مدير الطب العدلي )
** متطوعون فلسطينيون ، تركوا اشغالهم وعائلاتهم وجمعوا مالهم وتمترسوا خلف ابواب المشرحة في انتظار انتهاء التشريح ، ليكرموا الشهداء بإلباسهم بعد غسلهم ولفهم بهويتنا وعنوانا وعزتنا “علمنا الفلسطيني” ، وحطتنا الرقطاء ، يقرءون القرآن لروحه ويودعونه وداع الاخوة والاصدقاء والاهل والاحبة .(شبان جدعان من بلدة ابو ديس )
** موظفون مخلصون ومسعفون مناضلون، لا ينظرون الى ساعاتهم ولا ينتظرون انتهاء دوامهم يقومون بواجبهم الوطني قبل واجبهم المهني ، تركوا الغرف الدافئة ووقفوا في الهواء الطلق في البرد القارص ، ليقدموا المساعدة ، وليعملوا على تجهيز الجثامين ونقلها بعد انتهاء التشريح من المشرحة الى المشافي لتوضع في الثلاجات تمهيداً للدفن في اليوم التالي .(الموظفون والعاملون في معهد الطب العدلي وجامعة القدس )