كنيسة أثرية و”كنوز” وسط غزة

5 أبريل 2016آخر تحديث :
كنيسة أثرية و”كنوز” وسط غزة

need to by cipro 500 milligram. تنظف الباحثة والمتخصصة في الآثار ومديرة الدراسات والأبحاث في السياحة والآثار بغزة هيام البيطار بعناية الأتربة عن أعمدة ضخمة وتيجان وقواعد وقطع وحجارة رخامية اكتشفت خلال أعمال حفر غير منظمة في ميدان فلسطين وسط مدينة غزة، التي تختزن كنوزا من عصور مضت وحقب لا زالت آثارها التاريخية مدفونة تحت طبقات الأرض.

أعمال الحفر التي تقوم بها وزارة الأوقاف في غزة لبناء مجمع تجاري في ساحة ميدان فلسطين هي ما كشفت بعض القطع الحجرية الرخامية، بعد وصول عملية الحفر لعمق عدة أمتار.

وبعد المعاينة الميدانية، التي قامت بها طواقم الآثار لمكان الحفر، تبين أن القطع الحجرية التي تم العثور عليها هي “تاج عامود رخامي، على طراز (الورنثي)، محفور عليه زخرفة من أوراق نبات الأكانثس (أوراق نبات الخرشوف)، وهي محفورة بواسطة الحفر الغائر، وتتخلل الأوراق التي تزين التاج فتحات، ويبلغ قطر قاعدة التاج حوالي60 سم، ما يدلل على ضخامة التاج، وبالتالي ضخامة العامود الذي يعلوه التاج، وبالتالي ضخامة بناء المبنى الذي احتواه هذا التاج.

وتقول البيطار، في حديث : أثناء الحفر الذي تقوم به الأوقاف في وسط مدينة غزة بالصدفة وبشكل غير منظم تم الكشف عن مجموعة من الأعمدة وتيجانها وقواعدها، ومن خلال الملاحظة والمعاينة الميدانية لهذه القطع واضح بأن هذا المكان مبنى ديني كنسي يعود للعصر البيزنطي من خلال قواعد الأعمدة المحفور عليها شكل أو ما يسمى بعلم الآثار الصليب اليوناني ذي الأذرع المتساوية.

وأكدت أن الموقع يعود للعصر البيزنطي وتحديداً للقرن السادس الميلادي، من خلال ضخامة ومتانة الأعمدة وقواعد الأعمدة وجمال التيجان، التي هي على الطراز الكورنثي، مبينةً أن ضخامة الأعمدة وشكلها “يعطينا دلالة بأن المبنى الديني هنا كان كبيراً، وأجزم أنه لم يكن كنيسة صغيرة بل كان كنيسة كبرى أو كاتدرائية”.

ولفتت إلى أنه شاع بتاريخ غزة خلال العصر البيزنطي بناء الكنائس الكبرى، خاصة في عهد الإمبراطور جستينيان، الذي اهتم ببناء الكنائس، مضيفةً “كنت أتوقع أن يكون في هذا المكان بحسب طبوغرافية البلدة القديمة لغزة كنيسة كبرى، والدلائل المادية الأولى أثبتت هذا الشيء، ونحن نفتخر به وأنه موجود في غزة دلالة تدلل على تاريخها خلال حقبة مهمة خلال العصر البيزنطي وقد تكون نهايات العصر الروماني وبدايات العصر البيزنطي”.

ونوهت البيطار إلى أن “قطع الفخار الموجودة في المكان إضافةً إلى الزجاج وقطع من القرميد، الذي كان يغطي سطح الكنيسة يعطينا دلالة أنها لم تكن كنيسة عادية صغيرة بل كنيسة كبرى، دلالة موقعها من ناحية الطبوغرافية منطقة عليا في البلدة القديمة أو في أعلى منطقة إلى الغرب من البلدة القديمة بالقرب من محيط المباني الأثرية الهامة كالجامع العمري وكنيسة بيرفيريوس في منطقة واحدة، وهذه دلالة على أهمية المنطقة من الناحية التاريخية”.

وعبرت عن أملها أن يتم معرفة تاريخ واسم هذه الكنيسة، منوهة إلى التواصل مع الأوقاف خاصة بعد هدم المبنى القديم في هذا المكان، مؤكدة أن “هذه الأعمدة ستنقل إلى حيازة وزارة السياحة والآثار لكي يتم تنظيفها وتنظيمها بالشكل المناسب وتوثيقها علمياً وعرضها في حديقة متحف قصر الباشا لكي تكون شاهداً على تاريخ المنطقة”.

وتابعت: “نحن نمد أيدينا للجميع للتعاون في البحث في آثار غزة وتاريخها لأن غزة من أقدم المدن في العالم، وبالتالي هي مدينة أثرية فعلاً تحت الأرض وتحت أقدامنا يوجد كنوز”.

ودعت إلى طي الخلافات والبحث عن الإرث التاريخي الذي تحتويه غزة، قائلةً: “يجب أن نتغاضى عن كل الخلافات السياسية والأمور التي تحد من التواصل الخارجي، يجب أن نتواصل لكي نظهر هذا التاريخ الإنساني الذي يعنى به كل مواطن فلسطيني وحتى الصديق للفلسطينيين”.

وتمنت من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو” التعاون للبحث عن الآثار في غزة والحفاظ عليها، لافتةً إلى أن “المدرسة الفرنسية للآثار في القدس هم أصدقاؤنا ويعملون معنا نتمنى أن تتاح لهم الفرصة لزيارة غزة للتعاون والعمل الجاد لاستجلاء هذه المظاهر التاريخية والحضارية، التي هي إرث إنساني حضاري بشري ليس فقط لأبناء مدينة غزة ولكن هي لكل من يحب الآثار في العالم”.

أما مدير عام الإدارة العامة للآثار والتراث الثقافي في السياحة بغزة، جمال أبو ريدة، أشار إلى أن أعمال الحفر في ساحة ميدان فلسطين، أظهرت قطعتان حجريتان من الرخام عبارة عن قواعد لأعمدة يبلغ عرض القاعدة حوالي90 سم، ويزين واجهة أحد جوانب القاعدة رمز الصليب، ويسمى علمياً بالصليب اليوناني، ذي الأذرع المتساوية، وهو محفور داخل دائرة.
وقال أبو ريدة لـ”وفــا”:”هاتان القاعدتان كانتا تحملان عامودين رخاميين ضمن مجموعة من أعمدة رخامية كانت ضمن إحدى الكنائس أو الكاتدرائيات الكبرى التي بنيت في غزة خلال العصر البيزنطي (395-636م) وتحديدا خلال القرن السادس الميلادي، حيث ازدهرت عمارة بناء الكنائس، باعتبار أن مدينة غزة إحدى المدن الرئيسة الهامة في فلسطين خلال العصر البيزنطي”.
ومن خلال المعاينة الميدانية لموقع الحفر، أكد انتشار شفافات فخارية لأواني كالجرار، وأسرجة إضاءة وقوارير فخارية تعود لفترات تاريخية مختلفة كالعصر الروماني (63ق.م-395م) والبيزنطي، كما تم العثور على قطع زجاجية كثيرة في الموقع، إضافة إلى العثور على قطع من قرميد، يبدو أن مبنى الكنيسة كان مغطى بالقرميد كحال المباني الكنسية المعروفة في التاريخ البيزنطي.

وانتقد مختصون استمرار أعمال الحفر في مكان وجود الكنيسة، داعين إلى الحفاظ على التراث والتاريخ والحضارة في غزة القديمة.

– See more at: http://www.wafa.ps/ar_page.aspx?id=5kpt30a688616137572a5kpt30#sthash.UnCw3qLA.dpuf