بين صحافي وصحافي

31 يوليو 2016آخر تحديث :
بين صحافي وصحافي
بين صحافي وصحافي

مصطفى سعدون – صحفي من العراق

ربما أن عدد الصحافيين في العراق أكثر من أعدادهم في البلدان الأخرى. بعد العام 2003 عندما دخلت القوات الأمريكية للعراق، فتحت الأبواب للأحزاب السياسية ولرجال الأعمال ورجال الدين على مصراعيها لإنشاء مؤسسات إعلامية، مكتوبة ومسموعة ومرئية. هذه المؤسسات جلبت إلى عالم الصحافة كثيرًا من “الصحافيين”.

قد تجد اليوم في كل حي من أحياء العراق، صحافيًا، وفق المؤشرات الموجودة على أرض الواقع. أعداد الصحافيين تزداد بشكل كبير. فنقابة الصحافيين العراقيين فيها ما يقارب الـ20 ألف صحافي ينتمي إليها. هذا عدا آلاف الصحافيين الذين لم ينتموا للنقابة واكتفوا بالعمل في مؤسساتهم.

لعبت الاستثناءات والامتيازات التي مُنحت للصحافيين دورًا سلبيًا في استقطاب الآلاف من الذين أساءوا للمهنة

1- دكاكين الأحزاب

بكل تأكيد يختلف صحافي عن آخر، من ناحية المهنية، لكنهم بالمحصلة جميعهم يسمون “صحافيين”. بالمقابل هناك من يريد أن يقصر المهنة على خريجي كليات الإعلام، وهذا ما لا يمكن أن يكون. فالصحافة اليوم يمارسها جميع البشر، لكن الذين يمارسونها بحرفية ومهنية، هؤلاء قلة، ربما من داخل كليات الإعلام أو خارجها.

لعبت الأحزاب السياسية دورًا كبيرًا في الانتقاص من هذه المهنة، فراحت تفتح “دكاكين” صغيرة وتطلق عليها تسمية “مؤسسة إعلامية”، وعينت بها عشرات الموظفين بلا راتب وعوضتهم بـ”باج تعريفي” وسمتهم “صحافيين” فأصبحوا طامعين بممارسة هذه المهنة. مارسوها لسنوات لكنهم بقوا يراوحون في مكانهم، لم يطوروا أنفسهم أبدًا.

تجد اليوم لدى “صحافي” عشرات “الباجات” لكنه لم يعمل في أية مؤسسة إعلامية رصينة، أو على الأقل مؤسسة معروفة. هو لم يعمل بالأساس. مقابل ذلك تجد صحافيًا يكتب ويعمل منذ سنوات في مؤسسات محلية وغير محلية، لكنه غير آبه لأي من تلك الهويات التعريفية.

2- استثناءات الصحافيين

لعبت الاستثناءات والامتيازات التي مُنحت للصحافيين دورًا سلبيًا في استقطاب الآلاف من الذين أساءوا للمهنة. ففي سنوات فرض نظام “الزوجي والفردي” على المركبات (نظام طبقته دائرة المرور في العراق حدد للأرقام الزوجية يوم والفردية يوم)، كان الصحافي مستثنى من هذا النظام. هنا كانت فرصة الانتهازيين لاستغلال الوضع وفتح “دكاكينهم” لمنح هوية “مؤسساتهم” لكل من يريد مقابل 100$.

بعد ذلك جاءت قطع الأراضي التي وزعت للصحافيين أيضًا، وهذه المرة طمعت أعداد كبيرة بالتقرب من هذه المهنة، فحصلوا على قطع الأراضي، بينما أعداد كبيرة من الصحافيين لم يحصلوا في ظل وجود منافسين لهم من مهن أخرى.

3- الإعلامي – الصحافي

ربما لن يبدِ أغلب رجال الأمن احترامهم للمقابل إذا ما عرفوا أنه صحافي، ليس لأنهم لا يريدون احترامهم، بل لأنهم قابلوا أشخاصًا لم يظهروا سوى الإساءة لهذه المهنة. هناك الذي يشترط الحصول على “مكافئة” مقابل تغطية أي مؤتمر، وهناك من أظهر هوية تعريفية تابعة لمؤسسة ما لنقاط التفتيش، فاتضح أنه لم يكن صحافيًا.

مقابل ذلك انتشرت تسميات “الإعلامي” “الصحافي” “الكاتب” قبل مئات الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما الذي يخرج من تلك الصفحة وما يُكتب فيها، لا يمكن أن يكون من صحافي يحاول السير في طريق محترف.

العراقيون جزعوا من شيء اسمه إعلامي وصحافي، إلا من بعض الأسماء التي يجدونها أرقامًا صعبة وحقيقية في الساحة العراقية، ويتابعونها بشكل مستمر، وفي ذات الوقت أصبحت لديهم دراية بالمؤسسات وبأسماء الصحافيين، فإذا ما واجهوا “صحافيًا” فإنهم سيعرفون من أمامهم.

  indian viagra online.