تسابق إسرائيل الزمن في محاولة منها لبسط سيطرتها ونفوذها على كامل أراضي الضفة الغربية المحتلة، من خلال مسارعة وتيرة الاستيطان والتهام الأرض ومصادرتها عبر فرض قوانين عنصرية تجرد الفلسطينيين من ممتلكاتهم وأرضهم، في جريمة هي الأخطر على مستقبل القضية الفلسطينية .
ولم تتوقف سياسة الاستيلاء على الأرض ومصادرتها عبر أوامر عسكرية منذ نشأة دولة الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني، لكن الخطورة الكبيرة ظهرت مع الحكومة اليمينية المتطرفة التي تسيطر على مفاصل الحكم في إسرائيل، والتي تلقى دعما غير مسبوق من الإدارة الأمريكية التي تدعم وتساهم في قضم وابتلاع المزيد من الأراضي لصالح المشروع التوسعي الاستيطاني الإسرائيلي.
هجمة استيطانية
و أخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، بالاستيلاء على 243 دونما من أراضي قرية صوريف شمال غرب الخليل.
وقال رئيس بلدية صوريف محمد عدوان، إن المزارعين عثروا اليوم على إخطارات تقضي بالاستيلاء على المساحة المذكورة في خلة أبو غنيم، والمنصرة، وعين الحمام، القريبة من مستوطنة “بيت عاين” تعود ملكيتها لعائلة غنيمات.
وأعرب غنيمات عن تخوفه من هذه الإجراءات الاستيطانية التعسفية، مشيرا الى أن البلدية تقدمت بشكوى بعد إحضار جميع الأوراق الثبوتية للأرض المزروعة بأشجار الزيتون وغيرها.
كما أخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بالاستيلاء على 2000 دونم من أراضي قرية الجبعة، وفي مناطق “الخور”، و”وادي الخنزير”، والحيلة، بمحاذاة جدار الفصل العنصري من الجهة الغربية، وصولا الى مستوطنة “بيت عاين” شرقا، جنوب غرب بيت لحم.
كذلك أخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بالاستيلاء على نحو 150 دونما من أراضي بيت لقيا غرب رام الله.
وأشارت بلدية بيت لقيا، في بيان صحفي، إلى أن الاحتلال سلم قرارًا عسكريًا يقضي بالاستيلاء على نحو 150 دونمًا من أراضي المواطنين في بلدة بيت لقيا من الجهة الجنوبية المحاذية للجدار.
وأوضحت أنه فور تسلمها القرار، تواصلت مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، والجهات ذات الاختصاص؛ لمتابعة الموضوع، كما حددت أرقام قطع الأراضي المستهدفة، ومالكيها.
أوامر عسكرية
وقال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، إن ما يسمى “مجلس التخطيط الأعلى” التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية، صدق على بناء نحو 7 آلاف وحدة استيطانية سنويا بضوء أخضر من الإدارة الأمريكية، أي ما يقرب من ضعف متوسط الوحدات الاستيطانية في السنوات الثلاث التي سبقتها، والتي كانت تدور في المعدل العام حول 3650 وحدة سكنية سنويًا.
ولم يتوقف الدعم الأمريكي عند ذلك الحد، فعملت إدارة واشنطن على تمكين الاحتلال سياسيا من هذه السياسة العنصرية عبر توفير الحماية لها في المحافل الدولية كافة، وتعدت أكثر من ذلك بعد نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة.
وتشهد الضفة الغربية والقدس المحتلتان، هجمة استيطانية مسعورة طالت آلاف الدونمات منذ بداية الشهر الجاري، كان آخرها ما أعلنت عنه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالاستيلاء على 2522 دونما من أراضيها، شملت 129دونما من أراضي بلدتي الظاهرية والسموع جنوب الخليل، و243 دونما من أراضي قرية صوريف شمال غرب الخليل.
بالإضافة إلى 150 دونما من أراضي بيت لقيا غرب رام الله، و 2000 دونم من أراضي قرية الجبعة جنوب غرب بيت لحم، وهي: “الخور”، و”وادي الخنزير”، والحيلة، بمحاذاة جدار الفصل العنصري من الجهة الغربية، وصولا إلى مستوطنة “بيت عاين”.
كذلك أعلن الاحتلال الاستيلاء على 500 دونم تابعة لبلدة حزما شرق القدس “لأسباب أمنية”، و(66 ) دونماً من أراضي قرية بيت دقو، شمال غرب القدس المحتلة، وهي ذاتها المقام عليها جدار الفصل العنصري.
وأوضح المكتب الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أنه منذ العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تمت المصادقة على بناء 2342 وحدة استيطانية جديدة في الضفة، ليرتفع بذلك عدد المستوطنات منذ مطلع العام الجاري إلى 8337 وحدة جديدة، بزيادة تقارب 50% مقارنة بعام 2018.
كما أعلنت سلطات الاحتلال الاستيلاء على مئات الدونمات في جنين وطولكرم لصالح بناء جدار الفصل العنصري، حيث سلمت سلطات الاحتلال بلدية يعبد جنوب غرب جنين إخطارا بالاستيلاء على 409 دونمات من أراضي بلدات يعبد، وبرطعة، وطورة، وقفين، والعرقة، وزبدة، ونزلة زيد، وظهر العبد في جنين، تمهيدا لبناء جدار الضم على الأراضي بدل “جدار الشبك” المقام على الأراضي، وذلك خلال الاسبوع الماضي.
وقال مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قاسم عواد، إنه تم صدور ما يقارب 17 أمرا عسكريا يقضي بتجديد سريان وضع اليد، التي طالت آلاف الدونمات لصالح ما يعرف بـ”المسار الأمني” لجدار الفصل العنصري، ومناطق نفوذ مستوطنات واستخدامات أخرى، وهي بالمجمل تقع ضمن المناطق المصنفة “ج”، موضحاً أنه منذ العام 1980 أصدرت سلطات الاحتلال أوامر عسكرية بوضع اليد طالت ما يقارب مليون دونم في الضفة الغربية.
مشاريع عنصرية
وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، بفرض عقوبات دولية رادعة على دولة الاحتلال الاسرائيلي، لوقف مخططاتها الاستعماري، وحشد أوسع إدانة دولية لهذه الحملة الاستعمارية التوسعية الشرسة ولمشاريع القرارات والقوانين الإسرائيلية الهادفة لضم أجزاء واسعة من الضفة وفرض القانون الإسرائيلي عليها، بما يؤدي إلى تقويض أي فرصة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين.
وأكدت أن قرارات وأوامر الاستيلاء ووضع اليد على المزيد من الأرض الفلسطينية المحتلة تتسارع في استغلال بشع للانحياز الأمريكي الكامل لدولة الاحتلال وصمت دولي مريب.
وقالت إن عمليات تعميق الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة وتصعيدها تعكس وهن وتخاذل المجتمع الدولي، وتخلي الأمم المتحدة ومؤسساتها عن الايفاء بالتزاماتها والقيام بمسؤولياتها تجاه حالة الصراع في فلسطين المحتلة.
كما أن هذه المخططات الاستعمارية تعكس حجم التواطؤ الدولي مع الاحتلال وزيف مواقف وشعار الحرص على عملية السلام ومبدأ حل الدولتين، وزيف الادعاء بالدفاع وحماية حقوق الإنسان.
وتنعكس هذه الحالة الدولية المتردية بشكل واضح من خلال الازدواجية في المعايير الدولية وسياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا والأزمات الدولية.
وكان عدد من أعضاء الكنيست قد قدموا مشاريع عنصرية جديدة تهدف إلى ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل وفرض “السيادة” عليها.
وقدمت رئيسة حزب “اليمين الجديد” أييليت شاكيد مشروع قانون يقضي بفرض القانون والنفوذ والإدارة الإسرائيلية على مناطق غور الأردن، والكتلة الاستيطانية “غوش عتصيون”، الواقعة جنوب القدس المحتلة، ومحيط مدينة بيت لحم، ومستوطنة “معاليه أدوميم” الواقعة شرق القدس.
ويشمل مشروع القانون فرض “سيادة” إسرائيل على مستوطنات “معاليه أدوميم” و”غوش عتصيون” و”أفرات” و”بيتار عيليت”، التي تشمل مناطق صناعية ومواقع أثرية وطرقات، وعلى مستوطنات غور الأردن كافة .
مواقف دولية
وجدد الاتحاد الأوروبي تأكيده على أن كل النشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة غير قانوني بموجب القانون الدولي، ويقوض قابلية حل الدولتين للحياة واحتمالات السلام الدائم، كما تم التأكيد عليه من خلال قرار مجلس الأمن 2334.
ودعا الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى إنهاء جميع الأنشطة الاستيطانية، تمشيا مع التزاماتها كقوة محتلة.
وجاء في بيان صادر عن المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، حول إعلان سلطات الاحتلال الاإسرائيلية عن توسيع مستوطنات، أنه “في تشرين أول 2019، وافقت السلطات الإسرائيلية على بناء أكثر من 2000 وحدة سكنية في مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية المحتلة.
وقال الاتحاد الأوروبي إن موقفه من سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة واضح ويظل دون تغيير، مؤكدا أن كل النشاط الاستيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي ويقوض قابلية حل الدولتين للحياة واحتمالات السلام الدائم، كما تم التأكيد عليه من خلال قرار مجلس الأمن 2334.”
وشدد الاتحاد الأوروبي في بيانه على أنه سيواصل دعمه لاستئناف عملية هادفة نحو حل الدولتين عن طريق التفاوض، وهو السبيل الواقعي الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق الطموحات المشروعة لكلا الطرفين.