اعتبر عمر شاكر، مدير مكتب منظمة “هيومن رايتس ووتش” في إسرائيل وفلسطين، أن قرار تل أبيب إبعاده يلخص نحو 53 عاما من “الاحتلال البشع”
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده شاكر، الإثنين، قبل مغادرته إلى مطار بن غوريون في تل أبيب لتنفيذ قرار إبعاده
وأبعدت سلطات الاحتلال شاكر، اليوم، عبر قرار قضائي يستند إلى تعديل في قانون الدخول إلى إسرائيل عام 2017، يمنع دخول إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة لأي شخص يدعو إلى مقاطعتها
وقال إن “هذا اليوم يلخص سنوات عديدة من محاولات إسكات هيومن رايتس ووتش (حقوقية دولية)، وإسكات حركات حقوق الإنسان بشكل عام”.
وتابع: “العالم يرى كيفية تعامل إسرائيل مع هذه القضية؛ فحجم التأييد والرسائل التي تلقيناها من الاتحاد الأوروبي، ومن الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش)، ومن منظمات المجتمع المدنية العالمية والإسرائيلية والفلسطينية، كلها تشير إلى الحقيقة، وهي تصعيد إسرائيل الهجوم على حركة الدفاع عن حقوق الإنسان”.
واعتبر أن “الأهم هو أن هذا الوضع سلط الضوء على الصعوبات التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان”.
وقال في هذا الخصوص: “ما واجهته أنا قليل مقارنة بما يواجهه آخرون”.
وأوضح: “في كل يوم تقريبا يتم الافتراء على المدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطينيين والإسرائيليين؛ فالإسرائيليون يتم اتهامهم بعدم الولاء لإسرائيل وبأنهم خونة، وتسن قوانين لتضع عقبات أمام تمويل منظماتهم، أما الناشطون الحقوقيون الفلسطينيون فوضعهم أسوأ بكثير؛ فهم يواجهون تهما جنائية، ومنعا من السفر، ومضايقات دائمة”.
وخاطب شاكر الصحافيين المشاركين بالمؤتمر، قائلا: “أتمنى لو أن عددا مشابها من كاميراتكم يسلط الضوء على مكاتب الناشطين الحقوقيين الفلسطينيين التي يقتحمها الجيش الإسرائيلي، وعلى الناشطين الذين يمنعون من السفر، والذين يعتقلون إداريا دون محاكمة”.
وأضاف: “أهم ما في القضية، تسليطها الضوء على قرابة 53 عاما متواصلة من الاحتلال البشع الذي لا تبدو نهايته قريبة، وهو متسم بالتمييز العنصري المؤسساتي، والقمع الممنهج، وانتهاك حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني تحديدا”.
وتساءل مستنكرا: “إن كانت الحكومة الإسرائيلية قادرة على إبعاد شخص لأنه يوثق انتهاكات حقوق الإنسان دون أن تحسب حساب العواقب، فكيف يمكننا أن نوقف هذه الانتهاكات؟”.
وأردف: “يجب أن يتم تغيير المنهجية التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع هذه القضية، فطالما أنه لا توجد عواقب للانتهاك المنهجي لحقوق الإنسان، وطالما هناك حصانة للمنتهكين، فسنرى المزيد من المدافعين عن حقوق الإنسان يتعرضون للضغوط”.
ومضى يقول: “غدا ستصبح هناك تهم وملاحقات قضائية، اليوم التهم هي دعم مقاطعة إسرائيل، غدا ستتم ملاحقة من يدعو المحكمة الجنائية لفتح ملفات تحقيق، ثم سيمنع وصف الضفة الغربية بأنها أراض محتلة، أو سيمنع وصف المستوطنات بأنها غير شرعية، وهي كذلك، لهذه الأسباب، نحن بحاجة لمقاربة جديدة من قبل المجتمع الدولي”.
وقال سفاراد، بالمؤتمر الصحافي ذاته، إن “قرار إسرائيل يعني أيضا محاولة لعزل الناشطين في حقوق الإنسان عن محيطهم”.
بدوره، قال المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية، كينيث روث، خلال المؤتمر ذاته، إن إبعاد شاكر “رسالة تعصب إسرائيلية ضد المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان”.
وأضاف روث أن “رايتس ووتش تتبع معايير مهنية عالمية في كل الدول التي تعمل فيها، وشاكر كان يطبق هذه المعايير عندما طلب من الشركات عدم دعم المستوطنات غير الشرعية”.
وأردف: “كما حاولت إسرائيل تفسير ذلك بأنه دعم لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (بي دي إس)، لكن المنظمة لم تدع أبدا لمقاطعة إسرائيل، بل تعاملت مع الأمور المتعلقة بالمستوطنات غير الشرعية”.
ورد روث على ادعاءات إسرائيل بأنها “لا تستهدف المنظمة بل القضية متعلقة بشاكر وحده، وأنه يمكن استبداله”، قائلا إن “شاكر يطبق معايير -هيومان رايتس ووتش- ولم يروج لحركة بي دي إس”.
وأضاف: “إذن، القضية ليست متعلقة بشاكر ولا معنى لاستبداله، بل بهيومن رايتس ووتش؛ لأن باحثنا التالي سيواجه المشكلة ذاتها التي واجهها شاكر”.
وأكد: “لهذا السبب، لن نستبدل شاكر، بل سيواصل عمله معنا كمدير (هيومن رايتس ووتش) في إسرائيل وفلسطين، كنا نتمنى أن يتمكن من مواصلة عمله من إسرائيل، لكنه سيواصله من دولة مجاورة لا تفرض علينا رقابة”.
وأشار إلى أنه بعد قرار إسرائيل إبعاد شاكر، “ولمنع دول أخرى من الاقتداء بها في فرض رقابتها على باحثينا، سنعمل على مضاعفة جهدنا في إسرائيل وفلسطين”.
وختم روث بالقول: “لم يكن من قبيل الصدفة أن تركز إسرائيل على المستوطنات غير الشرعية، فمن الواضح أن إسرائيل لا تريد للعالم أن يركز انتباهه على الفصل العنصري والقمع الممنهج الذي يمثله النظام الاستيطاني، لكن عادة ما تؤدي محاولات إسرائيل لفرض رقابتها إلى زيادة الانتباه العالمي إلى سوء سلوكها”.
وشاكر أمريكي من أصل عراقي، من مواليد ولاية كاليفورنيا عام 1984، حاصل على دكتوراه من معهد القانون بجامعة ستانفورد، وماجستير في الدراسات العربية المعاصرة من معهد الشؤون الخارجية بجامعة جورج تاون، وبكالوريوس في العلاقات الدولية من جامعة ستانفورد.
وحسب “هيومن رايتس ووتش”، عمل شاكر على إجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان في إسرائيل والضفة الغربية وغزة.