مقتل قاسم سليماني: ما موقف القانون الدولي؟

9 يناير 2020آخر تحديث :
مقتل قاسم سليماني: ما موقف القانون الدولي؟

أمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشن الغارة الجوية التي أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، قرب مطار بغداد الدولي يوم 3 يناير/ كانون الثاني 2020. فما المبرارات القانونية التي استند إليها ترامب عند اتخاذ هذا القرار؟

الولايات المتحدة قالت إن عملية قتل سليماني “هدفت إلى منع إيران من شن مزيد من الهجمات”، فما الذي يجب أخذه في عين الاعتبار عند النظر في مدى قانونية الخطوة الأمريكية؟

ما موقف القانون الدولي؟
يسمح القانون المتضمن في ميثاق الأمم المتحدة للدول باتخاذ إجراءات للدفاع عن النفس عند تعرضها لهجوم مسلح. لكن خبراء القانون يرون أن كل دولة تقوم بتفسير هذه الفقرة على هواها.

ويقول أستاذ القانون الدولي في جامعة أوكسفورد البريطانية، دابو أكاند، إنه “إذا صح ادعاء الولايات المتحدة أنها تصرفت دفاعا عن النفس لمنع وقوع هجمات وشيكة، فهذا النوع من الإجراءات يُعد مقبولاً، بموجب ميثاق الأمم المتحدة”.

لكن أغنيس كالامارد، مقررة الأمم المتحدة المعنية بحالات القتل خارج نطاق القضاء، قالت، في تغريدة على تويتر، إن “التحقق من صحة هذا الادعاء أمر من غير المرجح أن يحدث”.

وأورد تقرير للأمم المتحدة حول عمليات “القتل العمد”، يعود لعام 2010، أن عدداً من الدراسات اعتمدت الدفاع عن النفس كمبرر لاستخدام القوة “إذا كان ثمة تهديد حقيقي وشيك، تتوفر معه حاجة فورية للدفاع عن النفس، لا تترك مجالاً لأي خيارات أخرى، ولا تسمح حتى بلحظة من التأني”.

وكان البيان الأولي لوزارة الدفاع الأمريكية حول العملية قد أغفل كلمة “وشيكة”، وقال إن الغارة استهدفت ردع الهجمات الإيرانية المستقبلية، وإن القائد العسكري الإيراني البارز سليماني “كان يعمل بنشاط على تطوير خطط لمهاجمة الدبلوماسيين الأمريكيين واستهداف القوات الأمريكية في المنطقة”.

وفي تصريحات لاحقة، قال مسؤولون أمريكيون، بينهم الرئيس ترامب نفسه، إن سليماني كان يخطط لـ “هجمات وشيكة”.

وعلَّقت إليزابيث وارن، مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية على الأمر بالقول: إن “الإدارة الأمريكية غير قادرة على الإبقاء على روايتها دون تحوير”.

بحسب أستاذ القانون الدولي في جامعة أوكسفورد البريطانية، دابو أكاند، قد تعتمد مشروعية الغارة الأمريكية، بموجب القانون الدولي، على تقديم واشنطن أدلة على وجود خطط لشن هذه الهجمات المستقبلية.

وفي حين لم تقم حكومة الولايات المتحدة بعد بمشاركة التفاصيل علنًا، قالت إدارة ترامب إنها أطلعت شخصيات بارزة في الكونغرس الأمريكي على ما لديها من معلومات استخباراتية بهذا الصدد”.

وفي معرض ردِّه على سؤال لأحد الصحفيين حول تفاصيل التهديدات الوشيكة، أشار وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى الأحداث التي قادت إلى شن الغارة الأمريكية، دون أن يسوق أي أدلة على وجود خطط لشن هجمات وشيكة.

ووفقاً لخبير القانون الدولي بجامعة كلية لندن، رالف وايلد، فقد استخدمت الولايات المتحدة مبررات أخرى في الماضي.

ويقول وايلد: “منذ وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول، تبنّت الولايات المتحدة رؤية مفادها إمكانية استخدام الدفاع عن النفس كمبرر لمنع وقوع المزيد من الهجمات على المدى الطويل، حتى في حالة وجود خطط لشن هجمات غير وشيكة. وهو ما استخدمته إدارة أوباما لتبرير الهجمات بالطائرات المسيّرة”.

 

كانت ردود فعل نواب البرلمان العراقي على الضربة غاضبة؛ إذ مرروا قراراً غير ملزم يدعو لإنهاء الوجود الأمريكي في العراق. ووصفت الحكومة العراقية الغارة الأمريكية بأنها “انتهاك فاضح لسيادة العراق”.

وكانت القوات الأمريكية قد دُعيت إلى العراق لمحاربة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، وتدريب القوات العراقية.

وقد تجادل الولايات المتحدة بأن هذه الدعوة تمثل شكلاً من أشكال الموافقة، يمنحها الحق في حماية مصالحها وموظفيها داخل العراق. ولكن أكاند يقول إن شروط اتفاقية استضافة القوات الأمريكية لا تسمح للأخيرة بشن مثل هذا الهجوم.

نشر ترامب تغريدة على تويتر، الأحد الماضي، حذر فيها من أن الولايات المتحدة ستستهدف “مواقع حيوية وثقافية إيرانية” حال تعرُّض المصالح الأمريكية لأي ضرر.

ورد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بالقول إن الهجوم على المواقع الثقافية سيكون بمثابة جريمة حرب.

بدوره قال أندريا براسو، من منظمة هيومن رايتس ووتش، إن تهديد ترامب “ينم عن استهانة فادحة بالدور العالمي للقانون”.

من جانبها، أصرت الحكومة الأمريكية على أنها ستتصرف بموجب القانون الدولي. ولكن الهجوم على موقع ثقافي ينتهك العديد من المعاهدات الدولية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة وقَّعت على اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية، عام 1954، المعنية بحماية المواقع الثقافية في أعقاب تدمير مواقع التراث الثقافي خلال الحرب العالمية الثانية.

 

وفي عام 2017، أصدرت الأمم المتحدة قرارًا، في أعقاب هجمات ردًا على هجمات تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية، يدين “التدمير غير القانوني للتراث الثقافي ، بما في ذلك تدمير المواقع الدينية والأعمال الفنية”.

وكانت الولايات المتحدة أحد أشد المنتقدين لتدمير التنظيم لموقع تدمر التاريخي في سوريا، عام 2015، وكذلك لهدم طالبان لتمثالي بوذا في باميان الأفغانية، عام 2001.

وفي عام 2016، أدانت المحكمة الجنائية الدولية شخصًا بتهمة تدمير التراث الثقافي لأول مرة، بعد أن قام متطرف ذو صلة بتنظيم القاعدة بتدمير أضرحة دينية أثرية في مالي.

ورغم أن الولايات المتحدة ليست ضمن الدول الموقعة على قانون المحكمة الجنائية الدولية. إلا أنها وقعت على اتفاقيات أخرى لحماية الممتلكات الثقافية وأي هجوم على موقع ثقافي سيمثل نكوصاً كبيراً عن تعهداتها.