بقلم: مورين كلير مورفي *
في الثاني من إبريل/نيسان، قال الممثل الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف: إنه يتعين على إسرائيل والمجتمع الدولي مساعدة السلطة الفلسطينية؛ لتمكينها من مواجهة «العواقب الاقتصادية الخطرة لوباء كوفيد – 19».
غير أن معاملة إسرائيل وكأنها المتصدق- وليس كقوة احتلال تتحمل التزامات محددة بموجب القانون الدولي – هي مثال آخر يبين أن الأمم المتحدة تتعامل بصورة طبيعية مع وضع جائر أصلاً. وهي بذلك تتستر على الدور المباشر لإسرائيل في إعاقة نمو الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما لو أنها متفرج على ما يحدث في تلك الأراضي المحتلة. حتى أن مسؤولين في الأمم المتحدة، بمن فيهم السكرتير العام أنطونيو جوتيريس، أشادوا بما اعتبروه «الجهود المشتركة للجيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية من أجل كبح انتشار فيروس كورونا».
وتتناقض هذه الإشادات مع كل ما فعلته إسرائيل من أجل تعطيل فاعلية قطاع الصحة الفلسطيني، سواء من خلال مهاجمة أطقم الإسعاف، أو قصف واقتحام المستشفيات وحرمانها من الوقود، ومنع السلطة الفلسطينية من استيراد تجهيزات طبية وأدوية، إضافة إلى سعيها لإفقار سكان قطاع غزة وجعل منطقتهم غير صالحة للعيش.
وكما قالت منظمة «بتسيلم» ( مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة )، فإن «الحالة الرهيبة لنظام الرعاية الصحية الفلسطيني هي نتيجة مباشرة لعقود من الاحتلال الإسرائيلي».
وأشارت «بتسيلم» إلى أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، مسؤولة مباشرة عن الأوضاع الصحية للفلسطينيين الذين يعيشون تحت حكمها، وقالت: إن «هذه المسؤولية تشمل الاستجابة للاحتياجات الطارئة، وتوفير الرعاية الطبية الأساسية والتجهيزات الطبية، وتطبيق إجراءات الحماية من العدوى».
وفي الواقع، بينما يتباهى الجيش الإسرائيلي بجهوده من أجل تأمين الغذاء للمستوطنين الإسرائيليين المسنين المعزولين داخل بيوتهم، فإن إسرائيل تعمل بنشاط من أجل تقويض قدرة السلطة الفلسطينية على التعامل مع الوباء. وأحد العوائق الرئيسية هو الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة – وهو الآن في عامه الثالث عشر.
وفي منتصف إبريل/نيسان، دعت 19 منظمة دولية لحقوق الإنسان إسرائيل إلى أن ترفع فوراً هذا الحصار «بحيث يتمكن قطاع غزة من الحصول على الإمدادات الطبية الضرورية».
وعلى العكس من مسؤولي الأمم المتحدة الذين يدعون إسرائيل إلى «مساعدة» السلطة الفلسطينية، فإن هذه المنظمات الحقوقية الدولية تشدد على ضرورة أن ترفع إسرائيل، أو على الأقل تخفف، قبضتها الخانقة على الاقتصاد الفلسطيني. وقالت المنظمات في بيان مشترك: «يجب على إسرائيل أن تسهل دخول السلع وترفع القيود الاقتصادية والتجارية التي تعيق أنشطة الصحة العامة… كما يجب على إسرائيل أن تحافظ على إمدادات ثابتة من الكهرباء والوقود من أجل تمكين السكان من توفير احتياجاتهم والمستشفيات من إداء مهماتها».
ودعت المنظمات إسرائيل الى الالتزام بالقانون الدولي وتحمل مسؤولياتها القانونية تجاه الفلسطينيين، وقالت: «إن البند 56 من ميثاق جنيف الرابع ينص تحديداً على أن قوة الاحتلال ملزمة بتطبيق إجراءات وقائية من أجل مكافحة أمراض معدية وأوبئة».
وهذا يعني أنه في حال انتشار وباء «كورونا» بشكل مكثف في الأراضي المحتلة، فسوف تكون إسرائيل مسؤولة مباشرة.
وفي الوقت الراهن، هناك مخاوف شديدة من أن انتشار وباء «كورونا» على نطاق واسع في غزة سوف يكون كارثة.
* مديرة تحرير موقع «إلكترونيك انتفاضة»
بالاتفاق مع “الخليج”