بقلم: حمدي فراج
تضج منطقتنا بالسياسة وهمومها وتآمراتها وتربصاتها بقضيتنا، ما دفعت بوزير خارجية أعتى دولة في العالم ان يسافر جوا نحو 15 ساعة كي يمضي أقل من نصفها بصحبة رئيسي وزراء المحمية التي تصادف هذه الايام ذكرى مرور 72 سنة على إقامتها ، وهو ما كان يستطيع فعله هاتفيا في هذه الظروف الكورونية الخطيرة .
لكن كل هذا ، لم يمنع منظمتين حقوقيتين وازنتين ، كالحق و الهيئة المستقلة ، ان تتصديا لمسلك غريب وعجيب تمثل في رفض مدير شرطة تنفيذ امر قاضي المحكمة اطلاق سراح تسعة أشخاص من باعة البسطات تشاجروا مع قوة أمنية حضرت لإخلائهم وإزالة بسطاتهم في الثالث من الشهر الجاري . وبدلا من ان تقوم الشرطة بدورها الاساسي تنفيذ قرارات القضاء ، ابلغت ذويهم انهم الآن موقوفون على ذمة المحافظ .
قالت الحق : “ان الامتناع عن تنفيذ الاحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس، والعزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفاً عاماً ، وللمحكوم له حق رفع دعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً كاملا له”. في حين قالت الهيئة المستقلة : “ان عدم تنفيذ قرارات المحاكم يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وأن التوقيف لأغراض التحقيق الابتدائي يتم في أضيق الظروف وأن الأصل أن يكون الإنسان حرا طليقا، اعتماداً على مبدأ البراءة كقاعدة أساسية في إرساء العدل”.
إذن ، وبعد اكثر من ربع قرن على مجيء هذه السلطة ، ما زال هناك من يرتكب من بين ظهرانيها افعالا ترقى الى مصاف الجرائم ، حتى لو كان مدير شرطة ، يرفض تنفيذ قرار قاضي ، طبعا مدير الشرطة رغم انه يظن بنفسه ظنون العظمة ، لا يستند في قراره على قرارة ذاته ، بل يستأنس بقرار المحافظ او مدراء الامن ، وقد جاء في بيان الحق “عدم قانونية الاحتجاز على ذمة المحافظين، لمخالفته أحكام القانون الأساسي الفلسطيني المعدل وبخاصة المادة (11) منه التي شددت على عدم قانونية التوقيف إلا من خلال أمر قضائي، إضافة لما أكده القضاء الفلسطيني بشأن عدم قانونية التوقيف على ذمة المحافظين؛ وذلك من خلال جملة من القرارات الصادرة عن محكمة العدل العليا الفلسطينية” .
لن يتقدم شعب مهما ما امتلك من مقومات العظمة واستفخارات خير أمة وشعب الجبارين ، الى الامام أنملة دون احترام قرارات القضاء التي يقود تنفيذها الى تشكيل اول مداميك صلاحيته وبقائه وتطوره الى استقلاله ، فينتزع بذلك ثقة عامة الناس به واللجوء اليه مما يحيق بهم من مظالم . وقد قيل عن وينستون تشيرتشل رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية ، انه نزل عند قرار القاضي ازالة مطار عسكري بعد شكوى من الجيران تتسبب طائراته في ازعاجهم ، بقوله : أفضّل ان أخسر الحرب على ان يقال ان تشيرتشل عطّـّل قرار القاضي .