بقلم: الدكتور شهاب المكاحلة
إن سلسلة التصريحات الإسرائيلية المتعاقبة بين الفينة والأخرى حول ضم منطقة الاغوار الفلسطينية المحتلة الى السيادة الإسرائيلية والتسويق إعلامياً وسياسياً لها وفرض القانون الإسرائيلي عليها فيما بعد، وفق سيناريو القدس والجولان المحتلتين، يعني بما لا يدع مجالاً للشك بأن تل أبيب مقدمة على خطوات عدائية توسعية تمتد أبعد من حدودها الحالية.
ففي كانون الأول ٢٠١٣، قررت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للقانون اقتراح قانون لضم المستوطنات الإسرائيلية في غور الأردن إلى إسرائيل معتبرة أن «منطقة الأغوار هي خط الدفاع الأول عن أمن إسرائيل على حدودها الشرقية». وفي هذه الحالة فإن ضم غور الأردن الذي يشكل أكثر من ٣٠ بالمئة من مساحة الضفة الغربية سيكون إفشالاً لحل الدولتين.
ففي دراستين حديثتين لمعهد القدس للاستراتيجية والأمن ومركز جيوستراتيجيك ميديا الإعلامي، فإن الرغبة الإسرائيلية كانت منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي بضم الغور إلى إسرائيل قبل توقيع معاهدتي السلام مع مصر والأردن. ولكن، إثارة موضوع الضم اليوم تعني أن إسرائيل تريد تغيير موازين القوى في المنطقة ونقل صلاحيات وفق استراتيجيات بعيدة المدى إذ لم تعد تلك الاتفاقيات وبنودها تحمي الكيان الإسرائيلي، وفق ما تراه إسرائيل، من منظور عسكري يوفر لها حدوداً أمنية طبيعية تسمح لها فيما بعد بالتحلل من اتفاقياتها الموقعة سابقاً مع جيرانها لأن معاهدات السلام لم تعد تخدم مصالح تل أبيب التوسعية. ومع توقيت إعلان الحكومة الإسرائيلية عن نيتها ضم الأغوار فإننا أمام سيناريوهين:
أولهما، أن إسرائيل انتقلت من مرحلة الرغبة في السلام من أجل الحماية إلى التوسع من أجل الحماية، وهذا بحد ذاته انتقاص لشركائها في المعاهدتين.
ثانيهما، أن إسرائيل تريد الترويج لحلول لا تخدم إلا مصالحها على حساب مصالح جيرانها. وهذا ما حذر منه جلالة الملك عبدالله الثاني في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل” الألمانية في منتصف مايو الماضي من فكرة ضم غور الأردن حين قال: «إذا ضمت إسرائيل فعلاً غور الأردن، سيؤدي هذا إلى نزاع كبير مع المملكة الأردنية الهاشمية، ماذا سيحدث عندما تنهار السلطة الوطنية الفلسطينية؟ سيكون هناك المزيد من الفوضى في المنطقة». ونظرا لأن إسرائيل تعيش وتنمو وتتطور على حساب الفوضى والتطرف اللذين تخلفهما لجيرانها، فإننا أمام مشهد سريالي معقد للمنطقة ككل تشعل نيرانه تل أبيب برفضها حل الدولتين وضم الاغوار والجولان ونشر العنف والفوضى والتطرف ما سيقود إلى نتائج لا يعلم حدودها إلا الله.
هنا، لا يطلق الأردن تهديدات للقيادة الاسرائيلية لكن لا بد من أن يعي الجميع في منطقة الشرق الأوسط والعالم ومن يروج لفكرة الدولة الواحدة وصفقة القرن ذات الصيغة الإسرائيلية أن قرار الضم هذا أشبه بقنبلة موقوتة، يمكن أن تنفجر في أي وقت حتى بمن صنعها.
عن “الرأي” الأردنية