بقلم: نيفين عبدالهادي
عندما يكون الحديث عن القدس والأقصى والقضية الفلسطينية بالمجمل، تجد المواقف الأردنية المناصرة والمناضلة تتسيّده بتنسيق وتشاركية مع الجانب الفلسطيني، وصولا للحصول على الحقوق كاملة غير منقوصة، وهنا أقول الحصول على الحقوق عملا لا قولا، تطبيقا على أرض الواقع انتزاعا من المحتل، بتحدّ لم تهزمه يوما سياسات الإحتلال ومخططاته.
وتتوالى النضالات الأردنية لفلسطين وللقدس، لتزيّن يوما بعد يوم فسيفساء عدالة يبحث عنها الفلسطينيون، ويبحثون دوما عن ضالتهم بها، وعن من يدعمهم ويؤيدهم بها، فلم يغب الأردن يوما عن أي طرح للقضية، ليكون حضوره دوما الداعم الأساسي للفلسطينيين، والحامي لحقوقهم، وداعمهم، بكل الإمكانيات الممكنة، حتى ينالوا حقوقهم المشروعة.
ووسط حراك دبلوماسي أردني لا يمكن تصنيفه إلاّ بالدبلوماسية الفذّة بقيادة جلالة الملك لمنع المخططات الإسرائيلية الإحتلالية، برز أمس الأول انتصار أردني جديد للقدس، وذلك في قرار المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) خلال دورته الـ 209 وبالإجماع حول مدينة القدس القديمة وأسوارها، جاء نتيجة جهود دبلوماسية أردنية مكثفة بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني والمجموعتين العربية والإسلامية في المنظمة، وهذا القرار جاء ليؤكد على جميع المكتسبات السابقة التي تم تثبيتها في ملف القدس. القرار الذي يؤشّر على انتصار أردني جديد للأقصى والقدس، أكد على جميع عناصر الموقف الأردني إزاء البلدة القديمة للقدس وأسوارها، بما فيها الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وأعاد التأكيد على رفض الانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب في هذه الأماكن التاريخية، وأكد على بطلان جميع الاجراءات الإسرائيلية الرامية لتغيير طابع المدينة المقدسة وهويتها، والتذكير بقرارات (اليونسكو) السبعة عشر الخاصة بالقدس والتي عبرت جميعها عن الأسف نتيجة فشل إسرائيل، كقوة قائمة بالإحتلال، في وقف أعمال الحفر وإقامة الأنفاق وكل الأعمال غير القانونية والمدانة الأخرى في القدس الشرقية وفق قواعد القانون الدولي، مطالبا بضرورة الإسراع في تعيين ممثل دائم للمديرة العامة لليونسكو في البلدة القديمة للقدس لرصد كل ما يجري فيها ضمن اختصاصات المنظمة، داعيا لإرسال بعثة الرصد التفاعلي من (اليونسكو) إلى القدس لرصد جميع الإنتهاكات التي ترتكبها سلطات الإحتلال الإسرائيلي.
اليوم، حيث تصرّ اسرائيل على خطط احادية الجانب تعمّق من خطوات تراجع السلام، وتجعل من اقامة الدولة الفلسطينية أمرا محالا، حتما لا وجود للبطولات الصغيرة، ولا لحُسن القول، ولا للدوران في حلقة الإستنكارات المفرغة التي تبدأ بك من حيث تنتهي، اليوم، ما تحتاجه فلسطين هو مواقف حقيقية حاسمة وحازمة، وفي هذه الإنتصارات التي يحققها الأردن بشراكة فلسطينية تجعل من الخطوة الإسرائيلية تتأخر عن الإقدام على أي تجاوزات أو جرائم جديدة بحق السلام.
نعم، انتصر الأردن للقدس من جديد، في قرار دولي وبالإجماع، واضعا سياج أمان لهذه المدينة المقدسة، لزهرة المدائن، ففي ضوء الحق يكشف الأردن من جديد فشل إسرائيل وخططها ويهدي للتي هي أقوم لصالح الأقصى وفلسطين، والسلام، الذي يتوق له العالم، فمع هذا القرار أحيا الأردن أشياء من أمسنا بتنا نفتقدها اليوم، تهدف للسلام والأمن، والعيش بعدالة، ففي هذا الإنتصار الكثير من الحبّ والأمل بأن فلسطين والقدس ليست وحدها، ولن تكون.
عن “الدستور” الأردنية