هل نصدّق نتنياهو؟

21 أغسطس 2020آخر تحديث :
هل نصدّق نتنياهو؟
هل نصدّق نتنياهو؟

بقلم:أنطوان شلحت

لا تنوي هذه المقالة الإجابة بلا أو بنعم على سؤال العنوان الذي يُطرح في سياق التعقيب على عملية الاستحصال التي أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لـ”اتفاق أبراهام” مع الإمارات، وفي صلبها توكيده أنه بمثابة انزياح كبير نحو الموقف الإسرائيلي.

وستكتفي بالإشارة إلى أنه، منذ الانتخابات الإسرائيلية العامة عام 2015، وما تلاها من تأليف حكومة يمينية صرفة برئاسة نتنياهو (ضمت بداية أحزاب الليكود، “كلنا”، “البيت اليهودي”، ولاحقًا “إسرائيل بيتنا”) بمشاركة حزبي اليهود المتشدّدين دينيًا “شاس” و”يهدوت هتوراه”، تراكمت فيما يتعلق بوجهة إسرائيل حيال ملف الصراع مع الفلسطينيين مؤشراتٌ قوية إلى ما يلي:

بدأت تلك الحكومة الإسرائيلية تلوّح بضرورة أن يتم التوجّه نحو ما يسمّى “المسار الإقليمي” في كل ما يتعلق بتسوية الصراع سياسيًا؛ هذا المسار في حال انطلاقه سيكون نتاج تفاهماتٍ مع عدة أطراف إقليمية عربية، وأيضًا مع الولايات المتحدة؛ الغاية القصوى من ذلك على المستوى الإسرائيلي تتحدّد بتجنّب أي ضغوطٍ من الخارج تُمارس على إسرائيل، وكبح إجراءات التدويل الفلسطينية، وتعليق ما يسمّى بـ”الحل الدائم” إلى إشعار آخر.

وذلك كله بموازاة استمرار الرهان على: مآلات قيد التشكّل بقوة وقائع مفروضة على الأرض برسم مشاريع الاستيطان المتواترة؛ بقاء وضع الانقسام الفلسطيني سياسيًا وجغرافيًا؛ إزاحة ثقل القضية الفلسطينية من خلال إبراز مشكلات إقليمية أشدّ وطأة، مثل “الخطر الإيراني” سواء النووي أو المرتبط بدعم “الإرهاب”، و”خطر الإسلام المتشدّد”.

وأمكن استشفاف هذه الاستنتاجات، مثالًا لا حصرًا، من تصريحات نتنياهو عشية تشكيل حكومته المذكورة، وفي أثناء إعلان انطلاقها. كذلك استشفت من أحد الخطوط العريضة لتلك الحكومة، وقد ورد فيه: “إن الحكومة ستدفع بالعملية السياسية وتسعى إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ومع كل جيراننا، من خلال الحفاظ على مصالح إسرائيل الأمنية والتاريخية والقومية.

وإذا ما تم التوصل إلى اتفاقٍ كهذا، فسيتم طرحه لمصادقة الحكومة والكنيست عليه، وإذا ما اقتضت الحاجة بموجب القانون القائم فسيتم طرحه للاستفتاء العام” (سنّ الكنيست الإسرائيلي عام 2014 “قانون أساس الاستفتاء”، وينص على إجراء استفتاء على أي اتفاق تسوية فيه تنازل عن مناطق تقع تحت السيادة الإسرائيلية).

وفي سياق عرض الخطوط العريضة لبرنامج حكومته، قال نتنياهو: “تمكنّا حتى اليوم من استثناء إسرائيل من الهزّات والفظائع التي تجتاح المنطقة. وسنواصل الحفاظ على أمن إسرائيل. كما أن التهديدات في المنطقة تولّد الفرص أيضًا، إذ هناك لدى دول كثيرة محيطة بنا مصالح مشتركة معنا، وتتطابق رؤاها مع رؤيتنا بالنسبة للمخاطر، لا بل إنها تعتبر إسرائيل شريكًا رئيسيًا في درء هذه المخاطر.

وسنقوم بأي جهد لترجمة هذه الشراكة إلى إجراءاتٍ ضامنة للاستقرار والسلام، بما في ذلك السعي إلى اعتماد تسوية سياسية مسؤولة مع الفلسطينيين، تحفظ المصالح الحيوية لإسرائيل. كما سنواصل تنمية حلفنا الراسخ مع الإدارة الأميركية والشعب الأميركي، حتى في لحظات الاختلاف، علمًا أن هذا التحالف أقوى من أي خلاف”.

ينبغي التنويه كذلك بأن نتنياهو أشار، في الوقت عينه، إلى مسألتين على صلة بكل ما تقدّم: الأولى، أن الشروط الضرورية للتوصل إلى ما بات يعرف باسم “حل الدولتين للشعبين” (مغاير لـ”حل الدولتين”) ليست متوفرة بعد، وأنه فقط إذا حدث تغيّر في الموقف الفلسطيني يمكن التوصل إلى هذا الحل. وتحديدًا كان يقصد بهذا التغيّر: التخلّي عن إجراءات تدويل القضية الفلسطينية التي اعتبرها “خطوات أحادية الجانب تستند إلى الإكراه وتشويه الحقيقة”، والموافقة على الاعتراف بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي.

الثانية، أن مبادرة السلام العربية التي تم إعلانها عام 2002 لم تعد متلائمة مع التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط أخيرًا، ولا سيما بعد ثورات الربيع العربي.

أفلا تحدّد هذه المؤشرات كل ما يمكن أن يتماشى مع التصوّر الإسرائيلي تجاه مستقبل دولة الاحتلال، وتجاه الفلسطينيين والقضايا الإقليمية، سواء بسواء؟ عن “عرب٤٨”