بقلم: الدكتور حازم قشوع
خارطة المنطقة تتغير، وقنوات التجارة في المنطقة تنتقل من مضيق هرمز للعقبة، وهذا ما يجعل المفاهيم تتغير فيها الحقائق بناء على هذه الوقائع، وتتبدل فيها زاوية النظرة السياسية وتتشكل من خلالها بوصلة الاتجاه.
وهذا ما يجعل ميزان الامور يتغير مع تغير درجة القياس وطبيعة مكيال الاحداث، فلا المعادلة التي اعتدنا عليها باتت موجودة ولا زاوية النظر للاحداث باتت واحدة بل وغدت معكوسة، فمن كان يأخذ على دينه او عرقه اصبح ينظر اليه من واقع منفعي او مصلحي.
وهذا لا يدخل المنطقة فحسب في متغيرات الاحداث بل يدخل المنطقة وشعوبها في نماذج ستتغير فيها المفاهيم التاريخية الى موازين مصلحية اذا ما تغيرت فيها ادوات الربط من الحالة الطبيعية الى الواقع، وكما تبدلت عبرها أدوات القياس من الحقائق الحقوقية والموروثة الى النماذج الموضوعية التي تستند الى النظرة الواقعية القائمة على المصلحة والمنفعة المجردة.
فالمنطقة ينتظر ان تدخل في بيئة معرفية وثقافية جديدة حيث ترسم واقعها من على ارضية عمل تقوم على التجارة والاقتصاد حيث تكمن اولوية مجتمعات العمق العربي عن غيرها من المفردات السياسية، فان اهتمام مجتمعات العمق العربي تقوم على التجارة والنظر للمستقبل وزاوية النظرة السياسية تقوم على منفعة التعامل ومردوداتها ولا تقوم على اصل الروابط وموروثاتها. وهذا ما يجعل مجتمعات المنطقة تعيد رسم ميزان القياس على مقياس ميزان الحماية وجلب المنفعة.
وهي ادوات قياس وان كانت آنية ونفعية لكنها حكما ليست سياسية او إستراتيجية هذا لان مآلاتها ستكون لصالح القوة الحامية وليس لصالح الشعوب المحمية، لاسيما في ظل التفوق الكبير في ميزان القوة العسكرية والتغلغل النفوذ في بيت القرار العالمي السياسي والتنموي، فان العمق العربي سيجري استغلاله في اماكن استثمارية لا يمتلكها وان كان يعتبر مالكها، وكانك (تحرث في مارس لا تملكه وان تبني على ارض هي ليست لك ).
وهذا ما يغير ميزان التقديرات ويعزز من فرضية تبدل الاصول يتكون بتغير البيئة، فما هو مناسب من لباس للبحر غير ملائم للجلوس في القصر، وهذا ما يجعل خارطة المنطقة تتغير لكن من واقع ثقافي وتتبدل من منظار مقياس مختلف، وهذا يشكل عنوان تحد لبوابة تتعامل مع هذا المعطى الجديد، فهل ستقبل مجتمعات المنطقة هذه البيئة الجديدة ام ترفضها، هذا ما سيجيب عنه المستقبل القريب ؟!
عن “الدستور” الأردنية