حديث القدس
البيان الذي اصدرته حركتا «فتح» و «حماس» أمس إثر لقاء اسطنبول واكدتا فيه على الاتفاق على اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وللمجلس الوطني الفلسطيني في غضون ستة أشهر يشكل خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح بعد اعلان الحركتين قبل أسابيع عن اتفاقهما على توحيد الجهود في مواجهة المخططات التي تستهدف شعبنا وحقوقه والعمل على انهاء الانقسام وبعد الاجتماع المهم للأمناء العامين للفصائل برئاسة الرئيس محمود عباس، وهي خطوة مهمة في توقيتها ومضمونها.
من حيث المضمون، لا شك ان تجديد وتعزيز الشرعية الفلسطينية عبر صندوق الاقتراع يعيد للمواطن الفلسطيني حقه الطبيعي في قول كلمته ويعيد للنظام السياسي الفلسطيني فاعليته وتأثيره ويوجه رسالة واضحة للعالم أجمع حول ايمان شعبنا بالديمقراطية والتعددية السياسية، وبالتالي فإن شعبنا هو الوحيد صاحب الحق في اختيار ممثليه وقياداته.
كما ان هذه الانتخابات تعيد لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، صورتها المشرقة كسقف يضم كافة الفصائل والقوى الفلسطينية، وكإطار تمثيلي وحيد اختاره شعبنا لقيادة مسيرة نضاله، عدا عن ان انتخاب اعضاء المجلس الوطني وبالتالي فرز اللجنة التنفيذية ينطوي على تجديد سيرحب به العالم أجمع ويسحب البساط من تحت اقدام كل اولئك الذين طالما اخذوا على الجانب الفلسطيني عدم انتخاب اعضاء المجلس الوطني لمنظمة التحرير التي هي بمثابة المرجعية العليا للسلطة الوطنية. كما ان عملية الانتخاب في اطار المنظمة من شأنها تعزيز الديمقراطية واصلاح كافة اوجه الخلل التي طالما تحدث عنها كثيرون.
كما ان انتخابات المجلس التشريعي تعيد للنظام السياسي الفلسطيني فاعليته وتعزز شرعيته بعد غياب طويل للمجلس التشريعي في ممارسة دوره الطبيعي في سن القوانين ومساءلة الأطر التنفيذية ومراقبة عملها.
ومن الواضح ان ما ينطبق على انتخابات المجلسين الوطني والتشريعي ينطبق ايضاً على الانتخابات الرئاسية خاصة تعزيز الشرعية الفلسطينية.
ومن حيث التوقيت، فإن هذه الخطوة المهمة تأتي في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الاسرائيلي بدعم من ادارة ترامب تنفيذ مخططات تكريس الاحتلال والاستيطان وتصفية القضية الفلسطينية، وفي الوقت الذي نشهد فيه انهيارا على الصعيد الرسمي العربي بعد خروج عدة دول على مقررات الجامعة العربية وهرولتها نحو التطبيع مع اسرائيل مع كل تداعيات ذلك على القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة والثابتة لشعبنا.
ولهذا تأتي هذه الخطوات المتتالية للكل الوطني الفلسطيني في مواجهة كل ما يحاك ضد شعبنا وحقوقه، ومن نافل القول ان الوحدة الراسخة لكل القوى الفلسطينية في اطار منظمة التحرير على قاعدة استراتيجية واضحة متفق عليها تنطلق من الثوابت الوطنية الفلسطينية والشرعية الدولية، ومن اهداف شعبنا المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة، تشكل شرطاً أساسياً للتصدي لكل المخططات المعادية واحباطها من جهة، والمضي قدماً في نضالنا العادل حتى دحر الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس وضمان حق اللاجئين في العودة والتعويض.
وفي الحقيقة فإن هذا الانجاز الفلسطيني يثلج صدور أبناء شعبنا وكل مناصري قضيته، الا ان ما يجب ان يقال هنا ان الاتفاق على اجراء الانتخابات في غضون ستة شهور يجب الا يعفي كافة قوانا الوطنية عن الالتفات لما يتواصل تنفيذه على الارض من قبل الاحتلال وما يتواصل حياكته في العلن والخفاء من اجل تصفية القضية، واذا كانت الانتخابات محوراً مهماً فإن التصدي الفاعل لما يجري بات ضرورة وبالتالي وحتى اجراء الانتخابات هناك خطوات لا بد منها على الارض تجسيداً لهذه الوحدة وتجسيداً للإصرار على احباط كل المخططات المعادية.