بقلم: محمد حسن التل
يدور همس خافت يشكل حالة لدى الأوساط السياسية المحلية وربما العربية والإقليمية، أن الأردن بدأ يفقد دوره في القضية الفلسطينية وبالقدس بالذات، إنعكاسا لعمليات الإنزال التي قام بها عدد من الدول العربية والإقليمية، وانهيار جدار المقاطعة لإسرائيل، وأن الدور الأردني في القضية الفلسطينية لم يعد له أهميته السابقة خصوصا على المقدسات.
ينسى البعض أن علاقة الأردن بفلسطين ليست مرتبطة بالجانب السياسي فقط، وواهم من يظن أن هناك من يستطيع أن يتجاوز دور الأردن في فلسطين وقضيتها، حيث أهمية هذا الدور تتعدى السياسة إلى التاريخ والدم وشرعية الرسالة والعقيدة.
فالقدس في عهدة الهاشميين بإقرار من الأمة جميعها على مدى أكثر من قرن، وعلاقة الدم بين الشعبين الأردني والفلسطيني تتعدى كل الحدود، كما أن القضية الفلسطينية للأردن قضية أمن وطني. لكل هذه الأسباب لا يستطيع أحد اختراق الجدار المتين للدور الأردني في فلسطين، ناهيك عن رفض الشعب الفلسطيني نفسه أن يتم الالتفاف على هذا الدور بعد كل ما قدمه الأردن لقضيته من تضحيات لا يستطيع أحد أن ينافسه عليها، كما أنه يدرك أن مصلحته العليا مع الأردن أقوى من أي طرف كان.
ما يحدث الآن في المنطقة من انهيارات تجاه فتح العلاقة مع إسرائيل والقفز على مركزية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وقيام دولته لا يزيد على مهرجان مؤقت يقوده رجل طامح للاستمرار في البيت الأبيض الأميركي لدورة ثانية. الأميركان والإسرائيليون يدركون أهمية الدور الأردني في الملف الفلسطيني وعمقه وتشعبه على مدى خمسين عاما وأكثر.
خصوصا أن التجربة لبعض الدول في هذا المجال نتائجها كانت مدمرة على المستوى الاقتصادي والسياسي وغيرهما، لأن الإسرائيلي في النهايه لا يعنيه إلا مصالحه فقط، دون الاهتمام بمصلحة شريكه مهما كان وهو مستعد لتدميره في سبيل هذه المصالح.
الدور الأردني مازال قائما على أهميته وعمقه في القضية الفلسطينية وهو لم يأت بالصدفة ولا بالقفز على الأسوار، بل هو نتاج مسيرة تاريخية طويلة من التشابك والتلاحم بين شعبين عاركتهما انعكاسات هذه القضية، خصوصا أن الأردن يعتبر أن القضية جزء من أمنه الوطني. يقول البعض عبر الإعلام أن الأردن وقع معاهدة سلام مع إسرائيل منذ ثلاثين عاما، وهنا لا بد من الإشارة أن الأردن ظروفه مختلفة عن الدول التي وقعت مع إسرائيل مؤخرا ومن ستوقع في المستقبل، ذلك لأن الأردن خاض حروبا ضارية مع إسرائيل ثم دخل عملية السلام في إطار عربي موحد، وهو لم يوقع قبل أن وقع الفلسطينيون أنفسهم، وكان للمعاهدة الإسرائيلية التي جاءت اضطرارا دور أساسي في التخفيف من معاناة الفلسطينيين سواء في الداخل الفلسطيني أو على مستوى الضفة الغربية وغزة، والمعاهدة مكنت الأردن لكي يتحدث مباشرة مع الإسرائيلي في قضايا الفلسطينيين والدفاع عنها وتحصيل الحقوق.
عمان عبر تاريخ المأساة الفلسطينية لم يسجل عليها يوما أنها تخلت عن الشعب الفلسطيني وحقوقه، فلا يزاود أحد اليوم على الأردن بعمليات إنزال لا تسمن ولا تغني من خسارة، مع التأكيد أن السلام سلام شعوب لا سلام حكومات.
الدور الأردني في القضية راسخ رسوخ الحق الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، هذه حقيقة لا يستطيع أحد أن يتجاوزها أو يتناساها.
عن “الرأي” الأردنية