حديث القدس
حدد الرئيس محمود عباس امس في خطابه الموجه للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 75 ثوابت الموقف الفلسطيني واسس الحل العادل للقضية الفلسطينية وفي مقدمتها انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي المحتلة عام 1967 وتجسيد استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود 67، مؤكدا على وحدانية تمثيل منظمة التحرير لشعبنا وان المنظمة لم تفوض احدا للحديث او التفاوض باسم شعبنا الفلسطيني، ومؤكدا ايضا ان شعبنا لا يمكن ان يتعايش مع الاحتلال او يخضع للضغوطات والاملاءات ، داعيا الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش ، للبدء بترتيبات عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات بالتعاون مع الرباعية الدولية ومجلس الأمن لحل القضية وفق قرارات الشرعية الدولية، وبهذا يكون الرئيس محمود عباس قد وجه اكثر من رسالة واضحة سواء للمجتمع الدولي او للاحتلال الاسرائيلي او الادارة الامريكية او المطبعين العرب.
الرسالة الاولى للمجتمع الدولي هي دعوة لهذا المجتمع لتحمل مسؤولياته بناء على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والمهام المنوطة بمجلس الأمن لحفظ الامن والسلم الدوليين، تطالبه بالزام اسرائيل الخارجة على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بالامتثال لها وتحقيق العدالة بمنح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة اسوة بباقي شعوب الارض وانطلاقا من مبدأ ارسته الأمم المتحدة نفسها حول حقوق الشعوب في تقرير مصائرها، عدا عن مبادئ عدم شرعية احتلال اراضي الغير وتطبيقا لقرارات الأمم المتحدة نفسها ومجلس الأمن الخاصة بالقضية الفلسطينية.
وبهذا وجه الرئيس للأمم المتحدة رسالة سلام واضحة تحترم الشرعية الدولية وقراراتها وتعبر عن رغبة شعبنا في العيش بسلام على تراب وطنه وفي دولته المستقلة. وان اشارة الرئيس عباس الى الاستعدادات الفلسطينية الجارية لاجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بمشاركة كافة قوى وفعاليات شعبنا انطوت على دلالة واضحة وتأكيد للمجتمع الدولي بان شعبنا يؤمن بالديمقراطية والتعددية السياسية وهو جزء لا يجزأ من شعوب الارض التي تتطلع للحرية والازدهار واستمرار المساهمة في الحضارة الانسانية.
والرسالة القوية والواضحة التي وجهها الرئيس للاحتلال الاسرائيلي وحليفته الادارة الامريكية تتمثل في التأكيد على رفض شعبنا للاحتلال الاسرائيلي غير المشروع واصراره على انتزاع حقوقه في الحرية والاستقلال وانه لا يمكن ان يخضع يوما لجبروت القوة او للضغوط والاملاءات التي يمارسها الاحتلال وادارة ترامب لتصفية القضية، وهي اشارة ايضا بأن شعبنا من حقه وفق ميثاق الأمم المتحدة مقاومة الاحتلال والنضال من اجل تجسيد اهدافه المشروعة.
والرسالة الأخرى للمطبعين العرب ولكل من يحاول التدخل في الشأن الفلسطيني، هي رسالة جازمة وواضحة بأن عهود الوصاية والتبعية قد ولت الى الابد وان لا احد مخول بالتحدث باسم شعبنا او التفاوض نيابة عنه سوى قيادته الشرعية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد. كما اكد لكل المطبعين والواهمين بتحقيق السلام في المنطقة بالقفز على القضية الفلسطينية، ان لا أمن ولا سلام ولا استقرار في منطقتنا طالما استمر الاحتلال ودون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وبذلك وضع الرئيس النقاط على الحروف ملخصا موقف شعبنا بكل قواه وفصائله ومؤكدا اننا سنواصل صناعة الحياة وبناء الأمل تحت راية الوحدة الوطنية والديمقراطية والتصدي لمحاولات ومخططات شطبنا والغائنا، وسوف نستمر في انتزاع مكانتنا الطبيعية بين الأمم وفي ممارسة حقوقنا التي كفلتها الشرائع الدولية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل سيستجيب المجتمع الدولي لنداء «السلام والعدل والكرامة الانسانية والوطنية» الذي وجهه الرئيس للعالم اجمع؟ وهل سيدفعنا الاحتلال وحلفاؤه الى اسقاط غصن الزيتون الذي لا زلنا نرفعه رغم كافة الظروف؟