الكم وتضائل القيم

31 يوليو 2016آخر تحديث :
الكم وتضائل القيم
الكم وتضائل القيم

generic flomax sellers. بقلم : اخلد نواس
بعيدا عن الشراء والبيع حسب قانون العرض والطلب، ترخص الأشياء حين تكثر، لا أقصد بهذا التعريف السلع، أعني ما تم تسليعه من أفكار لتعرض في أسواق إلكترونية تتاجر بغباء المتعاملين معها.
هذه الأفكار التي تلبي احتياجات وفضول البشر، أصبحت في متناول أيديهم بالمجان، في مقارنة بين الكبت المجتمعي والحرية المطلقة بين جيلين، جيل لا يمتلك أدوات الرقابة على ما يمكن للجيل الجديد أن يراه وتصيبه الرغبة بتجربته والتعامل معه، هذا الكم الهائل الخطير من المعلومات كالدواء حبة منه شافية وعشرة تكفي للقتل، القليل من المعرفة يقتل في المعنى الشمولي بين ما هو وهمي وما هو واقعي، بين ماهو متخيل وما يمكن تطبيقه على الأرض …
كيف تقنع شابا يتفاخر بالفوز بالمرتبة الأولى في سباقات السرعة أن السيارة الحقيقية لا تعني كبسة جديدة لتبدأ اللعبة مرة ثانية وتغير النتائج !
وكيف تقنع شابا يرى ملكات الجمال بكبسة زر، ويمكنه أن يتصل مكالمة ليسمع صوت (الغنج) مقابل فاتورة يسددها المحاسب الذي يعمل عند والده المشغول بالبورصة التي استحوذت عليه فصار عبدا لها، أو الأم التي تتابع أخر إختراع للمناكير ،وعلوم الأبراج ،وطرق الإيتيكيت ،كل هذا الهوس والإدمان، يجعل قيمة القناعة ضئيلة عند الغالبية، ويجعل معنى الطموح نادرا عند البعض .
الشركات العابرة للقارات تنظر للدول على أنها متاجر لها ودكاكين لبيع منتجاتها، ولم يعد أي دين كافيا لتبني القيم الأخلاقية الأساسية خصوصا بعد ترويج الطقوس والإبتعاد عن الجوهر، أخطر ما يميز هذه المرحلة تسويق القتل والموت على أنه حالة طبيعية وتبرير أنه ضرورة للبقاء أمام أعداء وهميين، في غياب العدل لتطبيق القانون المحدود الذي لا يقيس الأبعاد الأخلاقية للحالات التي يتعرض لها المغفلين الذين يتعاملوا بالأبعاد الأخلاقية المنطوقة وغير المكتوبة كأساس يقوم عليه هذا العالم، الورقة تعني أن هذه المرأة ملكي (عبدتي الحرة بالحدود التي اسمح لها بها أن تكون)، والورقة تعني أن هذا البيت ملكي، والورقة تعني أني مصرح لي بقيادة سيارة سرعتها 240 كيلومتر بالساعة، حصلت عليها بواسطة من والدي، ومن حقي أن أجرب (تسكير العداد) التي يتحدث عنها أصدقائي في ثقافة جديدة يتعلمونها بين الحصص المملة في المدرسة (التشحيط والتخميس والبتونة)، في هذا العالم المجنون على الأمهات مراجعة أولوياتهن والفصل بين (الدلال والدلع) وعلى الأباء إعادة ترسيم الحدود للمقبول واللا مقبول …
من يشاهدون القتل ويمارسونه سيجدون السرقة حدث عابر لتلبية رغباتهم الخاصة، ومن يسرقون سيكذبون ببساطة، ولا يمكنك الإثبات ، انهيار الرادع الأخلاقي الداخلي يجعل هذا الكم الكبير من القبح مبرر وقابل للتداول،في حين تتضائل قيم الأخلاق التي وجدت قبل الأديان مع فطرة الإنسان، قد يظن البعض أن السير في جنازة الميت، يخفي أثار قتله، الأم التي دللت والأب الذي مول هم من قتلوا إبنهم في حادث السير، قد أبدو سفاحا بهذا التوصف أو على الأقل غير رقيق، لكن قبول تداول الحشيش بين أوساط الأغنياء من باب الرفاهية، والفقراء من بند الخروج من الواقع لعالم أقل قبحا،يجعلني أفكر باعادة تصنيف المخدرات هوس الأغنياء بالمتع ورغبة الفقراء في الوصول الى المطلق، إنها متعة الطيران والتحليق لمن يرفضون الواقع، تماما كمن يحاربون الجنون بالجنون والتطرف بالتطرف. .
.
ربحنا معركة المحافظة على كياننا بحماية من نحبهم ماليا، لكننا خسرناهم، بهذا البعد سقط المناضلين في فخ السلطة، للمحافظة على مكتسباتهم قسموا الدولة، ليطردوا شبح التطرف الديني رهنوا قرارهم لشخص واحد والغوا عقولهم، العقل البشري في أزمة تضائل القيم، تبرير القتل أفقد الناس كل القيم الأخرى.
نعم وببساطة من يقتل يسرق ومن يسرق يخدع ومن يخدع يكذب، كل هذا البعد اللا أخلاقي مرتبط بالمصالح الخاصة وفي الغالب يسير بخط عكسي، يكذب ثم يخدع ثم يسرق ثم يقتل، نحتاج متخصصين بدراسة أسباب ونتائج ما نحن عليه، واستنفار من وزارت الصحة لتحارب هذا الوباء، في بعض الدول حين يصير طبيبا صاحب قرار ويشخص أن الأزمة في القدمين، وينسى الدماغ في الرأس، سيكتشف لاحقا أن العلاج هو بقطع الرأس، لا تغيير ما في الدماغ، وباء القتل الخطير الذي يتفشى بسرعة جنونية، ينتقل من مكان الى أخر وينمو حسب البيئة التي يتغذى عليها، حين تنمو بذرة في مستنقع طائفي ستكتسب الثمرة صفات الماء الأسن الذي رويت منه، هذه البذور التي نمت في ماء المجاري لها رائحة الفضلات النتنة …
من يزرع القبح لن يجني الجمال، ومن يكاثر الغيرة والحسد لن يقطف الحب،ومن يعود كلبا على نهش اللحم سيموت بعضة كلب مسعور، أعمانى الجهل لتتضائل القيم التي تحمينا من أنفسنا، الأب الذي قتل أبناءه ،بكى في المقبرة ثم عاد للشاشة في البورصة، والأم التي دللت أطفالها ليحموا شيبتها تفاجئت بموتهم قبلها، استيقظوا بينما العالم ينتج أدوية تقضي على المرض، ونحن نستهلك ننتج أمراضا تقضي على ما تبقى منا، من يظن أنه قوي سيتفاجئ أن قوته لن تصل الى مقياس 8 ريختر.