في مطعم فخم في دبي يقدم الطعام وفق الشريعة اليهودية “كوشير”، يشعل حاخام مواقد الطهي لبدء العمل، فيما تستعد مطاعم أخرى في الإمارات للخطوة ذاتها بعد توقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين الدولة الخليجية وإسرائيل.
وبحسب الشريعة اليهودية، ينبغي ذبح الحيوانات بطريقة معينة ويحظر أكل لحم الخنزير كما يجب الفصل بين منتجات اللحوم والألبان في الطبخ. كذلك، يمنع تناول الأطعمة البحرية مثل المحار.
وتبدو المهمة صعبة بعض الشيء بسبب الشروط الكثيرة وضرورة استيراد المواد الغذائية الموائمة كاللحوم والأجبان ومشتقات الألبان.
لكن رغم ذلك، قرر فندق “أرماني” الفخم والقريب من برج خليفة أعلى مباني العالم في وسط دبي، الشهر الماضي افتتاح مطعم “أرماني كاف” المخصص لتقديم الطعام المتوافق مع الشريعة اليهودية.
ويقدّم المطعم الذي يستوعب 40 زبونا، أطباقا متنوعة طُوعت لجعلها موافقة للشريعة اليهودية من بينها الدجاج بالكاري.
ويقول الطاهي فابيان فايول “دربنا موظفينا لأشهر وعلمناهم ما يمكنهم استخدامه وما لا ينبغي استخدامه”.
ويؤكد الطاهي الفرنسي، إن “الفكرة من وراء هذا المطعم هي تقديم تجربة خمس نجوم لكل من يريد تجربة الطعام الكوشير”.
ويوضح إن “التحدي الأبرز سيكون الحصول على المكونات”، مشيرا إلى أن المطعم يسعى لاستيراد اللحوم من الولايات المتحدة.
صباح كل يوم، ما عدا السبت والأعياد اليهودية، يقوم حاخام بتشغيل مواقد الطبخ في المطعم، ولكن بدلا من أن يتواجد شخصيا في المطبخ، يتابع عبر كاميرات مراقبة الإشراف على تحضير الطعام كل الوقت.
وبفضل التكنولوجيا، يمكن للحاخام إشعال الفرن من بيته باستخدام تطبيق إلكتروني على هاتفه المحمول.
وكانت الإمارات أول دولة خليجية وثالث دولة عربية تقيم علاقات مع إسرائيل.
وفي آب/أغسطس الماضي، حطّت في أبوظبي أول رحلة تجارية بين إسرائيل والإمارات انطلقت من مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب حاملة وفدا إسرائيليا وأميركيا.
ومن المتوقع أن يجني اقتصادا الإمارات وإسرائيل المتضرران من الإجراءات المرتبطة بفيروس كورونا المستجد، فوائد كبرى من تطبيع العلاقات الذي يمنح الدولة العبرية منفذا غير مسبوق إلى منطقة الخليج الثرية.
ولطالما كانت السياحة الدعامة الأساسية للإمارة التي استقبلت أكثر من 16 مليون زائر العام الماضي. وقبل أن يعطل الوباء حركة السفر العالمية، كان الهدف الوصول إلى 20 مليونا هذا العام.
وأبواب دبي مفتوحة حاليا إلى حد كبير للأعمال والسياحة، لكن معدلات الإصابة بالفيروس ارتفعت في الأسابيع الأخيرة في دولة الإمارات.
ومع توفير مطاعم تقدم الأكل الموافق للشريعة اليهودية، قد تصبح دبي وجهة مقبلة للسياح الإسرائيليين.
ويقول الحاخام ليفي دوخمان الذي قام بترخيص مطعم “أرماني كاف” إنّه “تلقى استفسارات من عشرات المطاعم في الإمارات” للتحول إلى تقديم الأكل “الكوشير”.
ويضيف متحدثا إلى وكالة فرانس برس “بسبب الإلمام بقوانين التغذية الدينية بفضل الطعام الحلال في قطاع الطعام والضيافة، فإن هذا يجعل من شرح قوانين الكوشير ومنح شهادة موائمة أمرا أكثر سهولة في الإمارات”.
وكانت مجموعة “طيران الإمارات”، أكبر شركة للنقل الجوي في المنطقة، أعلنت الشهر الماضي نيّتها انتاج وجبات كوشير بعدما كانت تشتريها من جهة خارجية.
إيلي كريل، التي أتت من جنوب أفريقيا، كانت أول من افتتح مطعما يقوم بتوصيل الأكل الكوشير في دبي قبل عامين.
ويوفر المطعم خدمة توصيل الطعام حسب الطلب.
وتقول كريل لوكالة فرانس برس إنها لطالما التزمت معايير الشريعة اليهودية للأكل عندما انتقلت مع عائلتها إلى الإمارات قبل ثماني سنوات.
وكان المسافرون يتواصلون مع عائلتها للحصول على طعام متوافق مع الشريعة اليهودية، وكانت تدعوهم إلى بيتها لتناول الطعام.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، طلب منظمو مؤتمر للأديان في أبوظبي من كريل مساعدتهم في التحضير لإطعام حاخامات، فولدت فكرة مطبخها.
وتشير كريل إلى وجود “تحديات تأتي مع إدارة مطبخ متوافق مع الشريعة اليهودية في الإمارات (…) والقطاع غير مستعد لهذا”.
وتوضح “في ما يتعلق بالاستيراد، من الصعب حقا الحصول على الكثير من المنتجات خصوصا اللحوم والأجبان، ولكن في ما يتعلق بفتح مطبخ يمكنك القيام بذلك ولكن يجب إيجاد حاخام ولا يوجد الكثير من الحاخامات هنا. ولهذا اضطررنا لجلب حاخام إلى هنا لهذه المهمة”.
ويقوم الحاخام الخاص بمطعم “كريل” بإشعال النار ويراقب أيضا إعداد الطعام في المطبخ كل الوقت.
وتشير كريل إلى أن “ثمة عددا من المنتجات المطابقة للشريعة لليهودية متوافرة في المتاجر. ولكنها منتجات جافة فالمنتجات الطازجة مثل الألبان وطبعا اللحوم هي أمر لا نستطيع الحصول عليه وهذا ما نعمل عليه الآن”.