احذروا الاغلاق الشامل ….

16 نوفمبر 2020آخر تحديث :
احذروا الاغلاق الشامل ….
احذروا الاغلاق الشامل ….

بقلم : الدكتور سعيد صبري – مستشار اقتصادي دولي- وشريك وممثل اقليمي في صندوق المبادرات – فاستر كابتل- بدبي

تزداد وتيرة التصريحات الرسمية حول الاغلاق الشامل وتعطيل النشاط الاقتصادي ، مع تزايد اعداد المصابين بفايرس كورونا ، وما لبثت وزارة الصحة على لسان مسؤوليها بالتهديد انهم يدرسون التوصية للجهات الرسمية ” اللجنه العليا” بالاغلاق. فهل تعتقدون ان التلويح او تنفيذ الاغلاق الشامل سينقذ المواطن من خطر اصابته بالمرض او خطر انتشار المرض؟ وهل تعتقدون ان الحد من انتشار المرض هو بالاغلاق وتدمير الاسواق والاقتصاد الفلسطيني الهش ؟ وهل تتصورون ان المواطن الفلسطيني جاهز لتلقي ضربة اقتصادية؟

ومن الذي سينتصر في الصراع القائم بين العمادين الرئيسين :”الاقتصاد والصحة “؟ هناك اجماع حكومي وشعبي عالمي ان لا عودة لاغلاق الاقتصادات ووقف حركه دوران الحياه حتى مع اشتداد الموجة القادمة الثانية من فايرس كورونا. لقد اكتسب العالم الخبرات الكافية من التجربة السابقة في التعامل مع الفايروس واصبح أكثر وعيا واستعدادا مقارنة في الهجوم المفاجيء بالموجهة الاولى ، التي تسببت في اعمق انكماش اقتصدي شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية. فهل فلسطينيا تعلمنا واكتسبنا خبرات وفادتنا التجربة ام لم نحسن التعلم؟

وتظهر البيانات العالمية الحديثة ان منذ بداية الجائحة ولغاية تاريخة فقد وصل عدد الاصابات الى 30 مليون اصابة فيما اظهرت البيانات ان 20 مليون شخص فد تعافى ، فيما توفي حوالي مليون شخص ويخضع حوالى 8 مليون شخص تحت الاشراف الصحي باقسام العناية يالمستشفيات . اما فلسطينيا فتشير احصائيات وزارة الصحة الفلسطينية ان ما يقارب 74000 مواطن قد اصيبوا بالفايرس في حين حالة الشفاء وصلت الى نسبه مرتفع 64,000 ونسب الوفيات وصلت الى 653 مواطنا. في حين تشير الاحصائيات العالمية ان النشاط الاقتصادي بتصاعد لكن المكاسب الاقتصادية ما زالت تراوح مكانها بالحد الادنى ، بينما فلسطين ما زالت تشهد تعافي محدود اقتصاديا من ّاثار الجائحة التى عصقت سابقا بالاقتصاد حيث نشر الجهاز المركزي الفلسطيني للاحصاء مسحا يظهر ان ما نسبته 63% من الأسر لن تستطيع تغطية نفقاتها لمدة تصل الى شهر اذا تم اعادة الاغلاق مرة اخرى. كما يتزامن ذلك في القدرة المالية المتضائلة لدى السلطة الفلسطينية في دفع رواتب الموظفين من القطاع العام ( المدني والعسكري)للشهر الخامس على التوالي في ظل الخلاف مع الجانب الاسرئيلي.

يتاثر المستهلك الفلسطيني يوميا من عدم اليقين والتقلبات يالسياسات المعلنة من قبل الجهات الرسمية والتي تؤثر على ادائه وتلقى بظلاله على النشاط الاستهلاكي والتجاري بالاسواق المحليه، وتظهر المؤشرات الاقتصاديه المحليه عن تباطؤ نمو التوظيف وتصاعد تقلبات التعيينات وخاصه في قطاع الخدمات الذي قد تؤثر بشكل كبير، فهل من منقذ؟ ان التلويح باغلاق قادم للاقتصاد كاقتصادنا المحلى سيشكل كارثه لا تحمد عقباها ،كما سيكون الاغلاق مكلفا جدأ ومضرا، فمن نجا من الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تمثل 90% من الاقتصاد الفلسطيني من الموجة الاولى لن ينجو من الموجة الثانية اذا تم الاغلاق وسيحتاج اقتصادنا الوطني الى دعم وحزم داعمه تفوق امكانيه السلطة الفلسطينية المالية والتى قد عجزت بالمرحله الاولى ايفاء القطاع الخاص احتياجاته بظل العجز المالي التى تعانيه السلطة.

صراع السناريوهات :

بينما يتوقع العالم اشتداد الجائحه تصاعديا، فأنني اتوقع انتصارا للاقتصاد في هذا الصراع بالجولة الثانية ، بين قراري ابقاء الفتح والاغلاق ، ان ابرز ما يتداوله الكثيرون من الشرائح الاجتماعيه والاقتصاديه من اصحاب الدخل الحدود في الاقتصاديات الناميه، اصرارهم على النزول للعمل مع اشتداد الجائحة وتفشيها، ومبررين ان اصابتهم المتوقعة بالفايرس تبقي “احتمالا” ، بينما توقف الاقتصاد سيؤدي بهم الى الموت جوعا ، ويبقى الحل الافضل ان ينزلوا الى اعمالهم مع المحافظة على التباعد الاجتماعي.

ان الاغلاق السابق قد حقق اضرارا اقتصادية في البنية التحتية الاقتصادية في معطم دول العالم، وتشير احصائيات المؤسسات الدولية ان الاقتصاد العالمي قد تباطأ بنسبه تفوق عن 5% وانخفض الاستهلاك ب 4.5 ترليون دولار ، وقد يوازي الناتج الاجمالي لبعض الدول الاوروبية مجتمعه مثل فرنسا وايطاليا بعام واحد.

وتشير احصائيات الجهاز المكزي الفلسطيني أن 42 بالمئة من الأُسر انخفض دخلها بمقدار النصف على الأقل خلال فترة الإغلاق مقارنة مع فبراير شباط 2020، وذلك بنسبة 46 بالمئة من الأُسر في الضفة الغربية و38 بالمئة في قطاع غزة.

بكل تجرد ، لا اعتقد فلسطينا اننا نمتلك رفاهية التفكير في الاغلاق ومع تعاظم الاضرار المحتملة من فتح الاقتصاد، فاحتياطات السلطة قد تآكلت بصورة كبيرة وبسرعة خلال الاشهر القليلة الماضية لضعف الدخل وشح مصادر الدول المانحة ، وتجميد استلام المقاصة ، وايضا سيتضاءل الاحتياط السلعي لها لن يدعمها لأشهر قادمة، يضاف الى ان الاغلاق سيخلق مأساة مجاعة ستكون الضحايا اكثر من الاعداد المتوقعه من فتك هذا الفايرس اللعين.

ويبقى السؤال الاكثر صعوية:- ايهما اهم، الاقتصاد الوطني ام صحة المواطن ؟ وايهما اكثر تفاضلا: التضحية ببعض الافراد وابقاء عجلة الانتاج فاعلة وقوية ومستمرة بالرغم من التحديات؟

نحن فلسطينيا بحاجة الى “عقد اجتماعي اخلاقي”، لكي نتصدى للموجة الثانية او الموجات القادمة من الفايرس ، ولسنا بحاجة الى اجراءات وتعليمات للسيطرة ، فلنعمل على تفويت الموجة القادمه للفايرس ، ونلجمه في استمرار عمل الحركه الاقتصادية وزيادة مستوى الضبط بين الافراد بزيادة الوعي المجتمعي.

فلنعمل على تعزيز الاقتصاد الوطني ، بتعزيز سبل استعادة عافيته ، ولنعمل على توسيع الفاعدة الاقتصادية نحو اضافة قطاعات اقتصادية جديدة ، وتدعيم فرص النمو الاقتصادي نحو التميز .