هل ستلتزم اسرائيل حقا ؟!

18 نوفمبر 2020آخر تحديث :
هل ستلتزم اسرائيل حقا ؟!
هل ستلتزم اسرائيل حقا ؟!

حديث القدس

مع إعلان السلطة الوطنية على لسان رئيس الوزراء د. محمد اشتية، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ عن استئناف العلاقات بين السلطة واسرائيل على ضوء اتصالات دولية أجراها الرئيس محمود عباس، وتلقي الجانب الفلسطيني رسالة من اسرائيل تؤكد فيها التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، فإن عدة تساؤلات تطرح سواء في الشارع الفلسطيني او في الساحة السياسية الفلسطينية، على الرغم من أن قيام اسرائيل بإرسال رسالة رسمية للسلطة الفلسطينية بوقف اتصالاتها باسرائيل ووقف التنسيق الأمني اثر اعلان نوايا الضم الاسرائيلية، وفي مقدمة هذه التساؤلات: هل ستلتزم اسرائيل نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة فعلا بالاتفاقيات الموقعة؟

صحيح أن قرار قطع العلاقات مع اسرائيل اتخذ في أيار الماضي بعد اعلان صفقة القرن واعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، نية ضم أجزاء واسعة من الأراضي المحتلة، إلا أن من الصحيح أيضا القول ان ممارسات اسرائيل لم تقتصر على اعلان نوايا الضم بل انها تمارس الضم الفعلي على الأرض حتى اللحظة من خلال الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وبناء المزيد من المستعمرات وآخرها المصادقة على بناء استيطاني واسع في «جفعات همطوس» ورمات شلومو»، بالقدس المحتلة، اضافة الى استمرارها في تنفيذ مخططات تهويد القدس العربية وحصار غزة والسطو على أموال المقاصة الفلسطينية بدعوى استمرار السلطة الوطنية بدفع مساعدات لأسر الشهداء والأسرى، وذلك بخصم مبالغ من المستحقات الفلسطينية توازي ما تدفعه السلطة لعائلات الشهداء والأسرى. هذا اضافة لعمليات الدهم والاعتقال المتواصلة في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وتقييد حركة المواطنين وعمليات هدم المنازل الفلسطينية في القدس وغيرها اضافة لانتهاكاتها فيما يتعلق بالأقصى المبارك.

وبناء عليه، فإن التساؤلات تتمحور حول طبيعة ما التزمت به اسرائيل، فهل ستعيد اسرائيل أموال المقاصة كاملة للسلطة الوطنية؟ وهل ستتوقف عن الاقتحامات المتكررة لمناطق «أ» وعن حملات الدهم والاعتقال؟ وهل ستتوقف عن مصادرة الأراضي وبناء المستعمرات وفرض وقائع أحادية الجانب مخالفة للاتفاقيات الموقعة سواء في القدس العربية او باقي انحاء الضفة الغربية؟ وهل التزمت اسرائيل بوقف مخططات الضم المخالفة أيضا للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين؟

كما أن قرار اعادة العلاقات مع اسرائيل لما كانت عليه قبل أيار الماضي، يطرح أيضا تساؤلات حول انعكاسات ذلك على المصالحة الوطنية الفلسطينية، ومصير جهود إنهاء الانقسام وعلى القرار الذي اتخذ بتفعيل المقاومة الشعبية وحشد كل الجهود لمواجهة المخططات التي تستهدف القضية، وما هو مصير قرارات القيادة الفلسطينية والمجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني مع اسرائيل؟

صحيح أن هذا الموقف الفلسطيني لم يأت من فراغ في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية القاسية على السلطة الوطنية ووسط استمرار تفشي وباء كورونا، وان هذا الموقف يأتي بناء على التزام اسرائيلي مكتوب ويتزامن مع هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، صاحب «صفقة القرن» المشؤومة وقرب تسلّم جو بايدن الذي كما قال الناطق باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة امس باننا «ننتظر موقف الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن من الصراع العربي الاسرائيلي»، وأن التحرك الفلسطيني خلال الفترة المقبلة سيكون على أساس ذلك»، خاصة اذا ما اتخذ بايدن مواقف مختلفة عن تلك التي اتخذها ترامب، وهي من ضمن عدد من الأسباب الوجيهة لاتخاذ قرار عودة العلاقات مع اسرائيل، الا ان من الصحيح ايضا ان تمتلك الساحة الفلسطينية القدرة على الحفاظ على بدائل للتحرك في حال عدم التزام اسرائيل بالتعهد الذي قدمته للسلطة الوطنية، والحفاظ على جهود رأب الصدع وانهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية بعد ان اعلن اكثر من فصيل فلسطيني امس رفضه لهذا القرار.

في المحصلة، لا شك أن أوضاعنا الفلسطينية صعبة، واننا نعيش وسط معادلة معقدة، خاصة بعد أن أدار بعض العرب ظهورهم للقضية الفلسطينية وتوقف غالبية المساعدات العربية للسلطة وصحيح اننا نثق بتمسك القيادة الفلسطينية بالثوابت الوطنية وحرصها على التخفيف من معاناة وآلام شعبنا والتصدي لمختلف ممارسات الاحتلال، إلا أننا نؤكد مجددا كما قال الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء د. محمد اشتية والقيادة الفلسطينية عموما ان رهاننا الأساسي يبقى على هذا الشعب العظيم بصموده وتضحياته واستعداده لمواصلة النضال حتى تحقيق أهدافنا الوطنية.