حديث القدس
ما كشفته صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية أمس عن اعتزام سلطات الاحتلال اخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في القدس المحتلة خاصة في حي الشيخ جراح وسلوان لصالح جمعيات يمينية استيطانية بدعوى ان الاراضي التي اقيمت عليها هذه المنازل تعود ليهود ما قبل عام 1948، يشكل جريمة اسرائيلية جديدة بموجب القانون الدولي عدا عن انه جريمة اخلاقية ولا إنسانية تكشف مجددا ازدواجية معايير الاحتلال القانونية وعنصريتها.
تدرك اسرائيل قبل غيرها وكذا محاكمها التي أصدرت قرارات الاخلاء لصالح الجمعيات الاستيطانية ان عشرات الاف الفلسطينيين الذين هجّرتهم العصابات الصهيونية قسرا من ديارهم في فلسطين عام 1948 اثر ارتكابها مجازر وحشية يندى لها جبين الانسانية، صودرت أراضيهم وبيوتهم ومزارعهم وممتلكاتهم سواء في القدس او يافا وحيفا وعكا وصفد وغيرها ولا تسمح اسرائيل حتى اليوم لأي منهم باستعادة ارضه وبيته او ممتلكاته بالرغم من ان الكثير من هؤلاء الفلسطينيين لديهم اثباتات ملكية دامغة.
هذا يؤكد عنصرية وازدواجية القوانين الاسرائيلية التي تسمح ليهود باستعادة أراض امتلكوها او حتى ادعوا ملكيتها ما قبل حرب عام 1948 وتحظر على الفلسطيني استعادة أرضه.
وعند الحديث عن القانون الدولي فان القدس العربية المحتلة، وفق قرارات الشرعية الدولية هي منطقة محتلة بشكل غير شرعي وجزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة منذ عام 1967 ومن المحظور على قوة الاحتلال ترحيل او اخلاء او نقل مواطنيها الفلسطينيين وإحلال مواطنين / مستوطنين يتبعون للقوة المحتلة، هذا عدا عما تشكله هذه الجريمة الاسرائيلية من تطهير عرقي محظور بموجب القانون الدولي.
إن ما يجب أن يقال هنا، لهذا الاحتلال الذي لم يتورع عن اللجوء الى ذرائع واهية واستخدام كافة الأساليب اللاإنسانية في محاولته طرد المقدسيين من المدينة المقدسة، ان الشعب الفلسطيني لن ترهبه مثل هذه الاساليب وان هذه الجريمة الجديدة لا يمكن ان تنشئ حقا للمستوطنين او لدولة الاحتلال على أي جزء من الأراضي المحتلة، ويشكل أي استيلاء على أراض أو عقارات فلسطينية في الأراضي المحتلة اجراء باطلا.
ومن الجهة الأخرى فإن على هذا الاحتلال أن يدرك ان شعبنا الفلسطيني المتمسك بحقوقه الثابتة والمشروعة سيواصل نضاله العادل حتى انتزاع حقوقه المشروعة في التحرر من الاحتلال واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس وإلغاء أي اجراء باطل أقره الاحتلال ومحاكمه، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 194، بالعودة الى ديارهم واراضيهم وتعويضهم.
وفي المحصلة فإن على هذا الاحتلال أن يدرك ان ما يختطفه في غفلة من زمن من حقوق شعبنا واراضيه وممتلكاته، وفي غفلة من غياب ضمير هذا النظام العالمي الذي تقف فيه القوة العظمى الأولى في العالم الى جانب الاحتلال والسلب والنهب، وهضم حقوق الاخرين، لن يكتب له النجاح طال الزمن ام قصر، فالحق لا بد أن يعود لأهله يوما، وما ضاع حق وراءه مطالب، والحق لا يموت مهما طال الزمن.