أجواء الأعياد المجيدة المعتادة ولكن…

4 ديسمبر 2020آخر تحديث :
أجواء الأعياد المجيدة المعتادة ولكن…
أجواء الأعياد المجيدة المعتادة ولكن…

كتبت تغريد أبو رميس

كما كل عام، هل ستلبس بيت لحم حلتها المعهودة في كانون الأول؟ هل ستتزين عروسنا بشجرتها الميلادية الضخمة؟ هل ستعج المدينة بأصوات الأجراس والطبول والترانيم؟ وهل ستطفح ساحة مهد المسيح بالزائرين من كل حدب وصوب؟ هل سيقيم المسيحيون طقوس أعيادهم في ظل الجائحة المنتشرة، وحالة الطوارئ القائمة، وخفوت مناحي الحياة الأخرى؟ كيف سيقام عيد دون اختلاط، دون مصافحة، دون سياح، دون تجمعات؟ لا بد من خطة بديلة لإيصال رسالة هذه الأعياد العابقة بالأمل والمحبة والسلام دون “زيادة الطين بلة”.

أيام معدودة وتطل علينا أعياد الميلاد المجيدة، تطل علينا بالسلام والصفاء والأمل، ولكن في ظل تعطل مناحي الحياة كافة جراء جائحة فيروس كورونا “كوفيد- 19” الذي أعمل بالبشرية حصاداً، وبالأموال نَفَاقاً، وسلب الحياة طبيعتها، فصارت الإغلاقات وحواجز الأمن طبيعية، بينما عدم وجودها هو غير الطبيعي، فإنه أصبح من الصعب الاحتفال بهذه الأعياد كما العادة، وباختلاف الإجراءات المتبعة في الدول على المستوى العالم، وفي المدن على مستوى الدولة

الواحدة، وبحسب درجة تفشي الفيروس في كل منها، فإن الاستعدادات مختلفة في كل منها أيضاً.

ومن مظاهر طقوس عيد الميلاد المجيد تزيين المنازل بالورود والزينة المختلفة خاصة من اللونين الأحمر والأخضر، وتنظيم عشاء الميلاد، حيث تجمتع الأسرة حول مأدبة العشاء؛ لتناول الطعام معاً كمظهر من مظاهر الاحتفال بالعيد، كما أن الأهل والأصدقاء يتبادلون التهنئة بعيد الميلاد المجيد من خلال بطاقات وهدايا تنقل مشاعر الود والسرور والبهجة باستقبال العيد، إضافة إلى ترديد الترانيم المسيحية وتقديم المدائح بمولد السيد المسيح، أما في الكنائس فيقام قداس عيد الميلاد المجيد عشية ليلة العيد، حيث يرشم الأب الكاهن شعب الكنيسة بزيت الميرون والذي يرمز إلى الأبدية ويشير إلى الولادة من جديد، وتقديم التوبة والاعتراف بالخطايا والذنوب للاحتفال بالميلاد الجديد مع المسيح.

هذه هي الطقوس التي اعتاد أن يقوم بها المسيحيون في كل سنة للاحتفال بعيد الميلاد المجيد، أما هذه سنة فغالباً ما ستكون فعاليات أعياد الميلاد المجيدة مختلفة نوعاً ما، حيث ستتبع إجراءات الوقاية والسلامة عند أداء كل طقس من الطقوس، وربما سيكون البث المباشر الذي عم مناحي الحياة الأخرى كالتعليم والعمل وغيرها سيد الموقف، حيث سيقتصر أداء الطقوس على رجال الدين والفرق الكشفية، وستبث هذه الفعاليات لكل العالم عبر منصة البث المباشر؛ حتى يتسنى للعامة مشاهدته والشعور بفرحة العيد مع العائلة في أجواء عمها الأمان والاطمئنان دون وجود خطر على أحد، فالوقاية خير من قنطار علاج.

وبموجب فرض الإجراءات والتدابير الوقائية لمواجهة هذا الفيروس المذكور، فقد تعطلت الحركة السياحية، وتوقفت بيت لحم عن استقبال الحجيج من كافة أنحاء العالم، الأمر الذي تسبب في خسائر مادية هائلة على صعيد البطالة التي خلفها إغلاق الفنادق السياحية في بيت لحم، حيث توقفت أنشطة نحو 70 فندقاً سياحياً في بيت لحم بشكل كلي منذ بداية ظهور الحالات المصابة فيها، فلن نرى السياح في كنيسة المهد هذا العام، وسيحتفلون بميلاد المسيح من بلادهم بعيداً عن مكان مولده،ويشاهدون إضاءة شجرة الميلاد التلحمية من منازلهم حيث سيكون الحضور رسمياً ضيقاً؛ لتجنب الاكتظاظ والاختلاط، تبعاً لإجراءت الوقاية والسلامة، وهذا لا يقلل من فرحة العيد، بل إنهم سيحتفلون أيضاً أمام شجرة الميلاد الخاصة بمنزلهم، حيث يتم تزيينها بأفرع النور والأشرطة الحمراء والألعاب الملونة، وترمز الشجرة إلى شجرة

الحياة المذكورة في سفر التكوين من ناحية، كما تعتبر رمزًا للنور؛ ولذا يتم تزيينها بالشموع، فهي تعتبر رمزًا للمسيح وأحد ألقابه في العهد الجديد “نور العالم”.

أما الفرق الكشفية التي ترفد من جميع أنحاء فلسطين إلى بيت لحم كل عام، فستستقبل هذا العام أيضاً، مع الالتزام بالتعقيم والكمامات والإجراءات الوقائية، لإيصال رسالتها أيضاً، والتي لطالما اعتبرها البعض رسالة موسيقية وحسب، أما قائد مجموعة تراسنطا -وهي المجموعة المسؤولة والمنظمة لاستقبال الفرق الكشفية من شتى بقاع فلسطين- الأستاذ جورج قنواتي فيقول: “سنحتفل هذا العام، وسيكون هناك مشاركة من المجموعات والفرق الكشفية مع الالتزام بإجراءات الوقاية والسلامة، وستوصل هذه الفرق رسالتها التي تعبر عن التطوع والخدمة العامة، وأداء الواجب الإنساني نحو الوطن والمواطن، إضافة إلى كونها مظهر من مظاهر البهجة والسرور في العيد”.

“المجد لله في الاعالي، وعلى الارض السلام، وبالناس المسرة”، هذا نشيد الفرح الذي ولد به السيد المسيح في بيت لحم، ليعتبر عيد الميلاد المجيد ثاني الأعياد التي يحتفل بها المسيحيون بعد عيد القيامة، فكل عام وبلادنا وإخواننا المسيحيون بألف خير وسلام، وستكون الصلاة هذا العام من أجل أن يحل الخير ويزول وباء كورونا ويعيش العالم بأمن وأمان، وأن تكون بيت لحم بخير، كما قال حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون بعد وصول موكبه إلى ساحة المهد إيذاناً بإطلاق فعاليات الاحتفالات بالأعياد الميلادية المجيدة.