بقلم: نبيل عمرو
الحقيقة التي لا يفيد التعتيم عليها او انكارها هي ان لدول العالم عربية كانت ام اجنبية دورا مؤثرا في حياتنا بقدر ما نحتاجها ماليا وسياسيا.
وهذه قاعدة لا ننفرد بها وحدنا بل تعتمد في تحديد مدى استقلال أي شعب وحتى أي حركة وطنية مثلنا ونحن بلا دولة.
في وضع كهذا يضع من يعتمد على العالم في حياته من كل جوانبها نفسه تحت رقابة صارمة أساسها كيف يدير هذا الشعب الذي نساعد شؤونه الذاتية، ووفق أي نظام سياسي وكيف هي جودة مؤسساته ومستوى الحداثة فيها، ثم ما هو موقع الانتخابات في نظامه وحياته والانتخابات هنا لا تعني التشريعية والرئاسية فقط بل كل المجالس والجمعيات والنقابات.. الخ.
ما زال الفلسطينيون يستبقون الانتخابات العامة بكلمة ان جرت، وما زالوا يتعرضون لسيول من التحليلات البريئة والموجهة، ما يجعل المواطن نهبا لعدم اليقين وفريسة للشك، وهذا افدح مؤثر سلبي على الوعي الجمعي المفترض ان يكون سليما في مجتمع كالمجتمع الفلسطيني توحده قضية وهمّ وتطلع بديهي نحو التخلص من الاحتلال وتحقيق هدف الحرية والاستقلال.
العالم المؤثر في حياتنا سوف يراقب بصوته وليس بألسنتنا كيف نؤدي الاستحقاق الانتخابي من الفه الى ياءه، فبالنسبة له لن يكتفي بارسال الوفود لمراقبة عملية الاقتراع فهذه ابسط ما يمكن ان يفعله في امر كهذا بل سيركز انتباهه على الحملات الانتخابية كيف تؤدى.
لن يحترمنا حين يكتشف ان الانفاق على الحملة يبلغ الملايين عند شعب تنقصه ابسط مقومات الحياة العادية، اذا ما دمجنا واقع غزة بواقع الضفة، ولن يحترمنا حين يصل الى البرلمان نائب بلغت كلفة فوزه ما يضاهي ويزيد عن كلفة فوز مثله في بلد غني مستقر، ولن يحترمنا حين لا نلتزم بالفترات القانونية لبدء الحملة وتوقفها.
نخطىء اذا اعتقدنا ان العالم يقومنا على ضوء ما نقول عن انفسنا حين نجتمع بمندوبيه تحت عنوان وضعهم في الصورة. ونخطىء حين يتكرس في حياتنا العامة ان البرلمان هو لمن يستطيع الانفاق العالي، ومن لا يستطيع فقد لا يحظى حتى بدور الناخب.
ونخطىء حين ننتظر بفارغ الصبر ما سينتج عن اجتماع الامناء العامين من قرارات مصيرية ونحن نعرف جيدا كم هو نفوذ هؤلاء عند شعب تجاوز عدد ناخبيه المليونين وعدة مئات من الالوف.
الحملات المستترة والمباشرة بدأت بشراسة لا حدّ لها مع اول دقيقة تلت المرسوم الشهير وكأن المرسوم صار بمثابة صافرة البداية لسباق المائة متر حيث المتسابقون يبدأون بالسرعة القصوى.
في حواراتي المتصلة مع الناس فوجئت بأن كثيرين يعتبرون بعض الأفكار البديهية على انها مثالية او تعجيزية، ذلك بفعل القوالب الجامدة التي وضع الناس فيها لمدة طويلة ففرض عليهم التكيف مع خطايا الواقع واليأس من مجرد التفكير في الخروج منها.
على كل حال لا ضرر من اتساع الحوار حول امر راق كالخيار الانتخابي الديموقراطي، ولكن الضرر كل الضرر ان تكون الانتخابات مجرد غطاء يخفي تحته كل اشكال استنساخ أسوأ ما في واقعنا اعتمادا على فرضية ضعف ذاكرة الناس، وهذه الفرضية بعد كل ما حصل يجب ان لا تكون مضمونة في الانتخابات القادمة… ان جرت.