كشفت مصادر إسرائيلية مطلعة أمس النقاب عن أن إدارة الصندوق القومي اليهودي (الصندوق الدائم لإسرائيل – كيرن كييمت) تعتزم توسيع أنشطتها لتعزيز المشروع الاستيطاني ونهب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، في ما وصف بأنه تغير جذري في سياسات المؤسسة التي شكلت حجر الأساس في المشروع الاستيطاني الصهيوني منذ تأسيسها عام 1901.
وذكر موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي مساء امس ان إدارة المؤسسة، سوف تدرس في جلسة تعقد الأسبوع المقبل، اقتراحًا ينظم أنشطتها في الضفة الغربية المحتلة ويسمح لها بـ”شراء الأراضي” (بملكية فلسطينية خاصة) وتوسيع المستعمرات وتطويرها.
وينص المقترح المطروح على جدول أعمال الهيئة الإدارية لـ”كيرن كييمت”، على ان “تعمل المؤسسة رسميًا على شراء أراض فلسطينية خاصة في المنطقة “ج” ” في الضفة الغربية المحتلة، لغرض توسيع محتمل للمستعممرات القائمة.
يذكر انه حتى يومنا هذا، تجنب الصندوق القومي اليهودي العمل علنا في الضفة الغربية، وتركزت أنشطته في المناطق المحتلة عام 1967 عبر تحويل الميزانيات لمنظمات استيطانية وشركات تابعة له، عملت على الاستيلاء على الأراضي. لكن الرئيس الجديد للمؤسسة، أفراهام دوفدفاني، يعمل على تغيير هذه السياسة.
وأشار تقرير “واللا” إلى حرص دوفدفاني على الإبقاء على هذه الإجراءات بعيدة عن الأنظار، إذ تم إرسال صيغة القرار المقترح إلى أعضاء مجلس الإدارة في نسخة ورقية وتم تسليمهم المقترح شخصيا، وطُلب منهم صراحة الحفاظ على السرية.
وأشار التقرير إلى الأبعاد الاقتصادية لسياسات “كيرن كييمت” المرتقبة إلى جانب التوسع الاستيطاني الجارف الذي قد ينتج عنها. ونقل التقرير عن مصادر في اليمين الإسرائيلي، قولهم إن القرار سيجعل من الممكن فتح منطقة جديدة لأنشطة “كيرن كييمت” واستثمار ميزانيات بمئات الملايين من الشواقل، بعضها تبرعات من يهود في الولايات المتحدة ودول أخرى، مخصصة لتطوير وتوسيع المستعمرات.
وقال مصدر مسؤول في مؤسسة إسرائيلية “هذا قرار مبدئي يعطي الحق للصندوق القومي اليهودي بالعمل في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية)، فوق الطاولة وليس من تحتها”، في إشارة إلى أن الأنشطة الاستيطانية في الضفة العربية المحتلة للمؤسسة ستتحول إلى العلن، لكن الصندوق القومي اليهودي ينفي وجود أي نية في هذه المرحلة لفتح “منطقة عمل ونفوذ جديدة”.
وذكر موقع “عرب ٤٨” الذي نشر تقريرا بهذا الشأن ان هذا التحول في سياسية “كيرن كييمت” يأتي في ظل سيطرة تحالف اليمين الإسرائيلي والصهيونية الدينية بقيادة الليكود على المؤسسات الصهيونية إذ أكمل الحزب في المؤتمر الصهيوني الأخير، الذي عقد في تشرين الأول الماضي في مدينة القدس، هدفًا إستراتيجيًا كان قد حدده مسبقا وهو انتخاب ممثلين عنه في جميع مناصب صناعة القرار في المؤسسات الصهيونية؛ علما بأن دوفدفاني هو من اليمين الأيديولوجي المتمثل بحزب “المفدال” سابقا (الصهيونية الدينية).
وأشار التقرير إلى أنه في غضون عامين، من المقرر أن ينتقل منصب رئيس الصندوق القومي اليهودي إلى الليكود، وأن المرشح الأبرز لرئاسة المؤسسة هو عضو الكنيست حاييم كاتس؛ كما أن الليكود سيطر على قسم الاستيطان في المنظمة الصهيونية العالمية ودائرة “تطوير الأراضي” في الصندوق القومي اليهودي.
وعبّر الليكود صراحة عن هدفه الإستراتيجي في السيطرة على المؤسسات الصهيونية، وهو “توطين مليون مستوطن (إضافي) في يهودا والسامرة”.
وجاء في التقرير، ان الجهة التي أوكل لها تشكيل تحالفات يمينية في المؤسسات الصهيونية تتمثل بمجموعة موظفين من المستوطنين أعضاء الليكود تسمى “ميلوكاديم” بقيادة دافيد تسفئيل ويشاي ميرلنغ، الذي تم تعيينه أيضا رئيسا لقسم الاستيطان.
ومن المتوقع أن تعارض أحزاب “يسار الوسط” الإسرائيلية الممثلة في المؤسسات الصهيونية والصندوق القومي اليهودي محاولة اليمين لتغيير السياسات لتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وتحاول حشد ائتلاف يعيق هذه الخطوة، خصوصا لـ”حساسية التوقيت” سياسيا – الانتخابات الإسرائيلية وتولي إدارة جو بايدن مقاليد السلطة في الولايات المتحدة.
وعلى مدى سنوات، سعى الصندوق القومي اليهودي إلى إخفاء أنشطة اقتناء الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، وذلك في ظل معارضة أحزاب يسار الوسط والممثلين الحاليين للمتبرعين الرئيسيين من اليهود في الخارج، لا سيما في الولايات المتحدة. لكن عمليا، استمر الصندوق القومي اليهودي في تحويل الأموال للاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية عبر شركة استيطانية تابعة له تدعى “هيمنوتا”، التي تم إنشاؤها عام 1938 بغرض شراء الأراضي.
وفي العام 2018 كشف الصحافي رافيف دروكر أن الصندوق القومي اليهودي حول سرا عشرات الملايين من الشواقل لغرض شراء أراضي في الضفة الغربية المحتلة دون علم ومصادقة مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي. وينص المقترح الذي تناقشه الهيئة الإدارية لـ”كيرن كييمت” الأسبوع المقبل، نقل معظم الصلاحيات من شركة “هيمنوتا” إلى الصندوق القومي اليهودي نفسه ويغير اسم الشركة إلى “كيدما يهودا والسامرة”.
ووفقا للمقترح “ستعمل “كيرن كييمت” على تطوير وتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية على جميع الأصعدة، بما في ذلك من خلال تطوير المشاريع والمبادرات ومن خلال الأنشطة التعليمية والمجتمعية والتوعوية وغيرها من الإجراءات للتشجير وحماية البيئة والحفاظ على المساحات المفتوحة”. وينص المقترح على أن “كيرن كييمت” ستعمل بالتنسيق مع المجالس الاستيطانية والإدارة المدنية للحكومة الإسرائيلية في المناطق (المحتلة).
وفقًا للقرار المقترح، ستُعطى الأولوية أولاً لشراء الأراضي داخل المستوطنات القائمة، ثم الأراضي المجاورة لها، والتي يمكن استخدامها لتوسيع المستوطنات. بالإضافة إلى ذلك، فإنه سيتم استخدام أموال المانحين الدوليين الذين يتيح القانون الداخلي للدول المقيمين فيها شراء الأراضي في الضفة الغربية (الدول التي لا تجرم الاستيطان الإسرائيلي في قوانينها الداخلية).
وتركز الخطة على منح أولوية شراء أراضي في البؤر الاستيطانية العشوائية ومحيطها. ويشدد المقترح على شراء الأراضي في منطقة القدس وغور الأردن ومستوطنات “غوش عتصيون” ومنطقة الخليل، وفي محيط المستوطنات “كرمل”، “معون”، “سوسيا”، ميتسودات يهودا”، “أشكولوت”، “سينسانا” وغيرها من المستوطنات الواقعة جنوب الخليل.
كما تشمل الخطة التركيز على تعزيز الاستيطان في منطقة “بنيامين” وسط الضفة المحتلة،بما في ذلك مستوطنات “آدم”، “معاليه مخماش”، “بيت حورون”، “كوخاف يعقوب”، “موديعين عيليت”، “متتياهو”، “بيت أرييه”، “عوفريم”، “مافو حورون”، “حشمونائيم” و”كفر حورانيم”.
بالإضافة إلى المناطق المحاذية للطريق رقم (5) المتاخمة للخط الأخضر في المستوطنات التالية: “أريئيل”، “كريات نيتافيم”، “بروخين”، “عالي زهاف”، “بركان”، “عيتس أفرايم”، “إلكانا”، “شاعري تكفا”، “أورانيت”، “ألفي منشيه”، “تسوفيم” و”سلعيت”.