بقلم: المحامي علي أبو هلال
تكريما للأسير المناضل نائل البرغوثي انطلقت فعاليات يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف يوم السابع عشر من شهر نيسان الجاري، من منزله في قرية كوبر بمدينة رام الله قبل عدة ايام، علما أن الأسير نائل البرغوثي هو أقدم أسير في العالم، وأمضى حوالي 42 عاما في سجون الاحتلال، وهي أطول مدة اعتقال في تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة. حيث جرى اعتقاله أول مرة في نيسان/ أبريل عام 1978، بعمر 19 عاماً، حين كان يدرس الثانوية العامة، وحوكم مع شقيقه الأكبر الشهيد عمر وابن عمه فخري بالمؤبد. وفي شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2011، تم الإفراج عنه ضمن صفقة “وفاء الأحرار”، التي شملت الإفراج عن أكثر من 1000 أسير فلسطيني، مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وفي العام 2014 أعاد الاحتلال اعتقاله إلى جانب العشرات من المحررين.
أبرمت حركة حماس في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011 صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل ” السلطة القائمة بالاحتلال” برعاية مصرية، أطلقت عليها اسم “وفاء الأحرار”، أفرجت بموجبها عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته في يونيو/حزيران 2006 خلال عملية عسكرية جنوب قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح 1027 أسيرًا فلسطينيًّا من السجون الإسرائيلية معظمهم من أصحاب الأحكام العالية.
ويذكر أن سلطات الاحتلال أعادت لأكثر من (50) أسيرا أحكامهم السابقة، غالبيتها أحكام بالسجن المؤبد؛ وكان ذلك عبر قانون تعسفي أقره الاحتلال، ونفذه عبر ما تعرف “بلجنة الاعتراضات العسكرية”، التي أنشئت للنظر في قضاياهم.
وذكرت مصادر اسرائيلية إعلامية أن اعتقال هؤلاء الأسرى جاء بناء على تعديلات في التشريع العسكري، “أدخلت سرا في عام 2009 تحت مسمى (الأمر رقم 1651) بالتوازي مع المفاوضات التي أدت لإطلاق سراحهم”، وبحسب تلك المصادر الإعلامية فقد “أتاحت هذه التعديلات للجيش والمخابرات الإسرائيلية العودة لاعتقال كل محرر حتى نهاية فترة عقوبته الأصلية، حتى بسبب أفعال لا تشكل أعمالاً إرهابية، كمخالفات السير مثلاً”. وبذلك تكون دولة الاحتلال قد خرقت نص اتفاقية “شاليط”، بإعادة اعتقال هؤلاء الأسرى الذين جرى تحريرهم بموجب هذه الصفقة.
وفي عام 2019 قدّم الأسير نائل البرغوثي استئنافاً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، باسم مجموعة من الأسرى الفلسطينيين المعاد اعتقالهم. وكان من المقرر أن تصدر المحكمة قرارها بخصوص طلب الاستئناف، إلا أنها أجلت الجلسة والنطق بالحكم عدة مرات، بذريعة الوضع الراهن المتعلق بانتشار فيروس كورونا.
ولم يكن هذا التأجيل الأول على الالتماس (الاستئناف) الذي قدمه 27 أسيراً من محرري صفقة شاليط المعاد اعتقالهم، بل تمّ تأجيله على الأقل سبع مرات. ولأن عدد الأسرى المتقدمين كبير مثّلهم نائل البرغوثي ونايف رضوان، ويطالب الالتماس بضرورة الإفراج عن هؤلاء، كون أَسرَهم غير قانوني بعد الإفراج عنهم ضمن صفقة ثنائية، وذكرت الأسيرة المحررة أمان نافع زوجة الأسير نائل البرغوثي، أن المحكمة العليا أجّلت حكمها بشأن الاستئناف مرات عدة، وأشارت أن ذريعة التأجيل غير مبررة، كون المحاكم الاسرائيلية مستمرة في عقد جلساتها على الرغم من تفشي الوباء.
من الواضح أن إعادة اعتقال هؤلاء الأسرى كان انتقاماً وليس لأنهم مارسوا نشاطاً سياسياً أو ارتكبوا خروقات أو مخالفات، كما ترفض إدارات السجون الاسرائيلية السماح لأهالي هؤلاء الأسرى زيارة ذويهم، وكذلك ترفض دولة الاحتلال إقامة أي محاكمة لهم، وتكتفي بالقول إن ملف الاتهام سري، بينما يبت قرار الحكم فيهم لجنة عسكرية، وتُرسل أخبار الأسرى لذويهم وللمؤسسات الحقوقية عن طريق المحامين فقط، ويواجه هؤلاء الأسرى معاملة قاسية داخل سجون الاحتلال وحرماناً مضاعفاً، خصوصاً أن المحاكم الإسرائيلية لم تستجب لأيّ مناشدة بضرورة الإفراج عنهم، ولم تقم لهم محاكمة، وكذلك يحرمون من الزيارات وتمارس بحقهم ضغوطاً أخرى.
وانصافا لهؤلاء الأسرى ووفاء لتضحياتهم ينبغي العمل المتواصل والجاد من أجل إطلاق سراح الأسير نائل البرغوثي ورفاقه، وينبغي أن تصر حركة حماس على ضرورة الافراج عنهم كشرط أساسي ومقدمة لإتمام أي صفقة تبادل مقبلة، وأن تتضمن عملية الإفراج عن أي أسير نصاً واضحاً وصريحا ومعلنا يصدر فيه عفو عام، كي لا يتم اعتقاله من جديد، كما جرى بالنسبة لاعتقال هؤلاء الأسرى بعد الافراج عمهم دون أي مبرر، بل جاء في سياق الانتقام منهم.