الأمن الوطني مقدمة أولويات السياسة الأردنية ببعديها الداخلي والخارجي

8 أبريل 2021آخر تحديث :
الأمن الوطني مقدمة أولويات السياسة الأردنية ببعديها الداخلي والخارجي
الأمن الوطني مقدمة أولويات السياسة الأردنية ببعديها الداخلي والخارجي

بقلم:د.دانيلا عدنان محمد القرعان

لا شك أن التحديات التي يشهدها العالم اليوم ناجمة عن مجمل التحولات الأيديولوجية والجيواستراتيجية والاجتماعية المختلفة، بحكم الضرورة في تأثيراتها الداخلية والخارجية اعتمادا على الموقع الجغرافي أو الانفتاح السياسي أو غيرها من المبررات الموضوعية التي تجعل من البلد المتأثر بعلاقات ذات خصوصية في القضايا الدولية أو ما يترتب عليه من مسؤوليات لا مفر من الدخول في ثناياها لاعتبارات تتمحور في الدور الذي يجب أن يقوم به في مجالات شتى لا سيما في المجال السياسي.

واجهت منطقة الشرق الأوسط من القرن الماضي وبضمنها المنطقة العربية حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، انعكست تأثيراتها بشكل رئيسي على معظم دول المنطقة ومنها الأردن نتيجة وقوعه ما بين العراق وسوريا وفلسطين، وما نتج من حالة عدم استقرار في الدولتين من تحديات وتهديدات دفعت بالأردن الى التركيز على الأمن الوطني كاستراتيجية سياسية واقتصادية وأمنية.

يشكل الأمن الوطني الأردني مطلبا على درجة عالية من الأهمية الى جانب الحرية والرفاه الاقتصادي، فالأردن وعبر مسيرته الحافلة بالاندماج والمشاركة في القضايا الكبيرة والحرجة والحساسة في المنطقة يعد من أبرز الدول العربية التي احتلت مكانة إقليمية ودولية فرضت عليه تبعات انعكست في كل أبعادها على الشأن الداخلي سياسيا واقتصاديا وامنيا واجتماعيا.

من ناحية أخرى يواجه الامن الوطني الأردني تحديات خارجية انتجتها المتغيرات الدولية والإقليمية خصوصا إثر الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ، والاحداث التي شهدتها غزة منذ عام 2007، وتداعيات الملف النووي الإيراني، بالإضافة الى ما شهدته الدول العربية من ثورات الربيع العربي في عام 2011_ 2012، وسياسات الضم الإسرائيلية وصفقة القرن، وتصطف الى جانب ذلك قلة المخاطر المترتبة على الدعوات التي تطلقها بعض التيارات الإسرائيلية من اعتبار الأردن الوطن البديل للفلسطينيين في ضوء ما تشهده المنطقة من تداعيات وتدهور في الحالة الأمنية فيها، ليصبح الامن الوطني مسألة تأتي في مقدمة أولويات السياسة الأردنية ببعديها الداخلي والخارجي.

تبوأ الملك عبدالله الثاني السلطة في الأردن في شباط/ فبراير من العام 1999، خلفا للملك الراحل الحسين طيب الله ثراه، ونجح جلالته خلال فترة حكمه في إبقاء الأردن في منأى عن التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بدءًا من التطرف وصولا الى الأرهاب، وحاول جلالته جاهدا وساعيا بكل الوسائل لجعل الأردن نموذجًا للدول الأخرى من ناحية الأمن والاستقرار، ومع ذلك ما زال الأردن مصيدةً وفريسةً للإيقاع بها داخليا وخارجيا وقلبها رأسا على عقب، والإطاحة بها، لكن ذلك لن يحدث، ولكي تتصدى الدولة للتحديات الخارجية يجب عليها إعادة ترتيب بيتها الداخلي، والأردن واحدة من الدول التي تعيش في محاور بؤر الصراع حتم عليها موقعها الجغرافي هذا العيش بحيث تقاذفها الأحداث من كل الجوانب وتزيدها الأزمات اكتظاظا.

واجهت الدولة الأردنية منذ نشأتها وحتى الآن تحديات سياسية واقتصادية وثقافية داخلية أثرت على بناء الدولة واستقرارها ونموها وتطورها في مختلف المجالات، إلا أنه في ضوء ما تملكه من مقومات وطنية تتمثل بالقيادة الهاشمية الحكيمة والانسان الأردني الواعي وأجهزتنا الأمنية والقوات المسلحة قد ساهمت في تجسيد الوحدة الوطنية في مواجهة هذه التحديات، وهذه التحديات تتمثل بضعف المشاركة السياسية، وتعدد الأحزاب، عدم التوازن في العلاقة ما بين السلطات، بطء مسيرة الإصلاح السياسي، الفساد الإداري والمالي، وتوتر العلاقة ما بين الشعب والسلطة التشريعية والتنفيذية.

أثر ضعف الموارد الاقتصادية المتاحة على حالة الامن والاستقرار في الأردن حيث يشكل التحدي الاقتصادي محددا رئيسيا للأمن الوطني الأردني من خلال الاعتماد على المساعدات الخارجية وارتفاع تكاليف الطاقة مما شكل ويشكل عبئا كبيرا على موارد الدولة أدى الى زيادة معدلات التضخم وتفاقم مشكلتي الفقر والبطالة وارتفاع اجمالي الدين العام، وشح الموارد المحلية، وكذلك ضعف إدارة العمل السياسي والحس الراقي بالمسؤولية لدى الأحزاب السياسية، وكذلك مشكلة تدفق اللاجئين الى الأردن في ظل شح الموارد والامكانيات الأردنية وتقصير المجتمع الدولي بدعم الأردن واللاجئين.

الأردن كان وما زال محاط بنقاط ملتهبة في عدد من دول الجوار، والتهديدات الأمنية للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة تضعف من سياسته الخارجية ومن نفوذه الإقليمي، لأنه بذلك يحاول ترميم بيته الداخلي أولا قبل التوجه الى الخارج، ولعل اكبر تحد يواجه الأردن اليوم هو القضية الفلسطينية ومحاولات إسرائيل لتصدير ازمتها الداخلية الى الأردن وصفقة القرن التي اعلن عنها بشقيها الاقتصادي والسياسي، والمخاوف الكبرى من نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط قريبة من الحدود الأردنية لما في ذلك تهديدا للأمن الوطني الأردني على الدوام، خصوصا وان الأردن من أوائل الدول التي حذرت من الهلال الشيعي في العام 2004.

عن “الدستور الاردنية”