٧٣ عاماً من نكبة مستمرة .. من يتحمل المسؤولية؟

17 مايو 2021آخر تحديث :
٧٣ عاماً من نكبة مستمرة .. من يتحمل المسؤولية؟
٧٣ عاماً من نكبة مستمرة .. من يتحمل المسؤولية؟
بقلم: د. دلال صائب عريقات 
تمر علينا الذكرى الـ ٧٣ للنكبة. التفاصيل كثيرة من القدس والشيخ جراح الى غزة ولكن من المهم جداً الا تشتتنا التفاصيل وأن نعيد التركيز على أساس القضية المتمثلة بالاحتلال الاسرائيلي الذي يعمل على تنفيذ المشروع الكولونيالي الاستيطاني منذ نكبة عام ١٩٤٨.  المجتمع الدولي يحاول لفت الأنظار وتغيير الرواية بتركيز الحديث على صواريخ المقاومة، ولهذا مطلوب منا إعادة توجيه الرواية على الاحتلال وضرورة العمل على انهائه. بعد ٧٣ عاماً من نكبة مستمرة، من غير المعقول ان تستمر اسرائيل بممارسة جرائم الحرب والاضطهاد والفصل العنصري والتهجير القسري والإعدامات الميدانية والمصادرة والضم والاستيطان، بينما المجتمع الدولي يدافع عن حق دولة الإرهاب في “الدفاع عن نفسها”.  بعد مكالمة جو بايدن وبعد وصول مبعوث الخارجية الامريكية، باتت فرص التهدئة أكبر، وهنا من المهم أيضاً ألا ننسى الوصف القانوني الصريح للواقع الفلسطيني المتمثل بـ “الاحتلال” ، ومرور ذكرى النكبة ما هو الا تذكير بأن عدم الاستقرار في المنطقة يرجع الى الاحتلال الاسرائيلي، وعليه على العالم التأكد أن وقف التصعيد وتحقيق السلام لا يكتمل الا بإنهاء الاحتلال.  حتى نضع ما يحدث اليوم في السياق الصحيح، ما تقوم به اسرائيل بحكم الواقع هو تطبيق عملي لخطة ضم القدس الموحدة بهدف توسيع الكتل الاستيطانية على أمل عزل القدس الشرقية تماماً عن الضفة الغربية، مما يجعل الحق الفلسطيني في القدس مستحيلاً. ما شهدناه في القدس يأتي نتيجة لصفقة القرن والإملاءات التي فرضتها ادارة ترامب بعد اعترافها بالقدس “كعاصمة للدولة اليهودية” متجاهلة حقوق 300000 فلسطيني من سكان القدس. سلطات الاحتلال الاسرائيلي تقوم بعملية تهجير قسري ضد السكان في الشيخ جراح، وهذا انتهاك صارخ للقانون الدولي ويرتقي لجريمة حرب ضد الانسانية. الانتهاكات الاسرائيلية للقانون الدولي فيما يتعلق بالشيخ جراح تتمثل بما يلي:  – تنتهك اسرائيل المادة 17/2 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص أنه “لا يجوز تجريد/حرمان أحد من ملكه”  – تنتهك اسرائيل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1973.  – تنتهك اسرائيل المادة 46 من ميثاق لاهاي لعام 1907 الذي يحفظ حق الملكية الخاصة. – اسرائيل تنتهك اتفاقيات جنيڤ الرابعة لعام 1949 وكافة اشكال حقوق الانسان المحفوظة بما فيها الملكية.  – اسرائيل تنتهك قرارات الشرعية الدولية وقرار مجلس الأمن 198 لعام 1971 الذي نص ان الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة ومن خلال الغزو العسكري غير قانوني ومخالف للقانون الدولي.  – اسرائيل تنتهك قرار مجلس الأمن الدولي 2334 لعام 2016 باعتبار كافة المستوطنات المقامة على حدود 1967 غير شرعية بما فيها المقامة على القدس الشرقية، ومن الجدير ذكره أن المستوطنين الاسرائيليين يهاجمون المواطنين العُزل في الشيخ جراح بحماية من الجيش الاسرائيلي.  – أكد تقرير المنظمة الدولية لحقوق الانسان Human Rights Watch ان السلطات الاسرائيلية ترتكب جرائم الفصل العنصري والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني بطريقة ممنهجة ومنظمة. _حق العودة وحق المقاومة والدفاع عن النفس محفوظ في القوانين الدولية وخاصة المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة الذي يضمن حق الشعوب في الدفاع عن نفسها، وهذا لا يقتصر على حق اسرائيل بل يندرج على الحق الفلسطيني في المقاومة والدفاع عن النفس.  منذ نكبة 1948 واسرائيل تنتهك القانون الدولي وتسن القوانين العنصرية بهدف حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الاساسية. فأدخلت اسرائيل قانون أملاك الغائبين والذي عَرّفَ اي لاجىء بأنه غائب وأعطى حق ملكية أملاك الغائبين لدولة اسرائيل. يعتبر قانون أملاك الغائبين لعام 1950 ثم قانون حماية المستأجرين لعام 1972 من الادوات القانونية التي تستخدمها اسرائيل لنقل ملكية الفلسطينيين لاسرائيل متجاوزين القوانين التي تحفظ هذه الحقوق.  إذاً أملاك أهالي الشيخ اجراح محفوظة في القوانين الدولية المذكورة أعلاه، كما انها محمية حسب المادة 395 من القانون المدني الاردني وحسب الاتفاقية التي وقعتها المملكة الاردنية مع الأونروا منذ عام 1956.  من وجهة نظر المتطرفين المستوطنين اليهود، كما صادرت وضمت اسرائيل 78% من الاراضي الفلسطينية منذ النكبة بهدف اقامة دولة اسرائيل الكبرى، إذاً ما الذي يمنع ضم باقي أجزاء الضفة الغربية والقدس الشرقية.  التدخل الدولي والضغط الامريكي وإن تمكن من وقف العدوان على غزة والتوصل الى تهدئة ليس كافياً، لا بد من حماية 500 فلسطيني من 28 عائلة يتعرضون للتهجير القسري الثاني في الشيخ جراح، فهؤلاء تعرضوا للتهجير القسري الاول بعد نكبة 1948 وحصلوا على صفة لاجئين وها هم يواجهون هجوما من قبل المستوطنين المسلحين بحماية الجيش الاسرائيلي، ولا بد من حفظ حقوقهم والحفاظ على الحق الفلسطيني في القدس الشرقية وانهاء الاحتلال.  تتحمل اسرائيل كقوة محتلة كامل المسؤولية على ما يحصل من جرائم في الضفة الغربية وغزة وداخل حدود ١٩٤٨ وفي القدس ضد أهالي الشيخ جراح على اساس قانون القومية اليهودي لعام 2018. وتتحمل الادارة الامريكية جزءا من المسؤولية تجاه ما يحصل، حيث ان هجمات المستوطنين في القدس بهدف التهجير والضم مستوحاة من الاعتراف الامريكي بالقدس كعاصمة لليهود ولا ننسى المساعدات العسكرية لإسرائيل المقدرة بـ 3.8 مليار دولار بالإضافة إلى 8 مليارات دولار من ضمانات القروض، الولايات المتحدة متورطة في جرائم الحرب الإسرائيلية. المجتمع الدولي بما فيه الدول الاقليمية يتحمل جزءا من المسؤولية نتيجة الصمت المفرط والامتناع عن محاسبة اسرائيل على جرائمها.  الغضب الفلسطيني في غزة والضفة وأراضي الداخل 1948 هو انعكاس لثلاثة وسبعين عاما من الانتهاكات والاضطهاد والجرائم الاسرائيلية التي لا تقابل بأي عقوبات او محاسبة. الفلسطينيون غاضبون وعلى العالم أجمع أن يدرك أن الاحتلال الاسرائيلي هو أساس العنف في المنطقة، وأن الحل يكمن ببساطة في إنهاء الاحتلال.  – د. دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.