بقلم : الأسير زياد زهران “أبو أمل”
يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي حسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين حتى نهاية شهر حزيران/يونيو 2021 نحو 4850 أسيرا وأسيرة ، يتوزعون على أكثر من 24 “سجنا” ومعتقلا، ومركز توقيف. يعاني نحو 1000 من هؤلاء الأسرى من أمراض مزمنة، وخطيرة، مثل السرطان، وإصابات برصاص الاحتلال، وخلل في إحدى وظائف الجسم، وبتر في الأطراف. يعاني كافة هؤلاء الأسرى من الإهمال الطبي المتعمد بحقهم، ومع انتشار وباء كورونا زادت المعاناة لتشمل كافة الأسرى، وقد انتشر ذلك الوباء في عدة سجون ومعتقلات، ومراكز تحقيق، ما أدى إلى إصابة الكثير من الأسرى، وسبّب كذلك حالات من القلق والتوتر الشديد في أوساط الأسرى وذويهم.
ومنذ بدء جائحة كورونا لم تقدم مصلحة سجون الاحتلال أي معالجات طبية، ولم تتخذ كذلك إجراءات حقيقية لمواجهة تفشي هذا الوباء بين الأسرى. على إثر ذلك، انتشر المرض في عدة سجون ومعتقلات مثل جلبوع، ورامون، والنقب، وعوفر، وذلك إما عن طريق أسرى جدد تم اعتقالهم، أو من خلال “سجانين” مصابين نقلوا العدوى لباقي الأسرى عن طريق الاختلاط. على سبيل المثال، أصيب في “سجن جلبوع” الأسير المريض بالسرطان كمال أبو وعر، وقد تدهورت حالته الصحية حتى استشهد في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
انعكس تأثير وباء كورونا على واقع الأسرى محدثاً تغييرات سلبية على كافة مناحي حياتهم داخل السجو” والمعتقلات، فقد شلت الحركة تماماً بين أقسام الأسرى، وأوقفت “إدارات السجون والمعتقلات” نقليات الأسرى. من ناحية أخرى، اتخذ الاسرى العديد من الإجراءات الوقائية للحد من تفشي الوباء، مثل عدم الاختلاط بينهم، أو مع “السجانين”، وخياطة كمامات مما يتوفر لهم من ملابس معينة، وزيادة وتيرة التنظيفات بين الأقسام والغرف، باستخدام المواد التنظيفية، وقد أدى ذلك الأمر إلى زيادة مصروفاتهم الشخصية. إضافة إلى ذلك، أوقفت زيارات أهالي الأسرى، وتعطلت خدمات البريد التي يحول أهالي الأسرى عبرها الأموال لأبنائهم ، مما تتسبب بضرر نفسي كبير لكافة الأسرى، وأحدث نقصاً حاداً في احتياجاتهم، خاصة الملابس التي تدخلها أسرهم على الزيارة، وكذلك الأموال لشراء احتياجاتهم من الكانتينا.
بدأت مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي تدرك خطورة الوضع الوبائي داخل السجون والمعتقلات بعد أشهر من بدء جائحة كورونا، وقد اضطرت في البداية إلى اتخاذ عدة إجراءات وقائية، لكنها لم تكن فاعلة، خاصة أنها تعرضت لانتقادات حادة وضغوطات مارستها مؤسسات حقوقية وإنسانية خارجية، وكذلك ضغوطات الحركة الأسيرة.
ارتكزت إدارة مصلحة سجون الاحتلال بداية على توزيع الكمامات على الأسرى، ورش الأقسام بمواد تعقيم، ومتابعة حالات العدوى، وعزل الأسرى المصابين والمخالطين، ووقف التنقل بين الأقسام، وكذلك السجون والمعتقلات، وحصر حضور الأسرى المحاكم العسكرية على الفيديو كونفرنس في الكثير من الأحيان. لم تساهم تلك الإجراءات في إيقاف الوباء، بل زاد انتشاره في أغلب السجون والمعتقلات، ولم يستطع الاحتلال حصر ذلك الوباء، إلا بعد إعطاء أغلب الأسرى لقاح فايزر المضاد بداية عام 2021، وذلك بعد قرار من كنيست الاحتلال الإسرائيلي.
بدأ تأثير جائحة كورونا ينحسر تدريجياً بعد إعطاء الأسرى اللقاح المضاد، وقد جاء ذلك الأمر بعد أكثر من عام في ظل المعاناة، والضغوطات التي سببتها منع الزيارات، والتنقل بين السجون والمعتقلات. لقد قررت إدارة مصلحة سجون الاحتلال إعادة التنقلات للأسرى، وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخراً استئناف زيارات أهالي الأسرى اعتباراً من منتصف تموز/يوليو. رغم ذلك، يساور الكثير من الأسرى قلقاً من انتشار الطفرة الهندية لجائحة كورونا في السجون والمعتقلات، وإعادة الوضع إلى أسوء من السابق.