بقلم:علي ابو حبلة
أجّلت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارها للفصل في الاستئناف الذي رفعته أربع عائلات مهددة بالإخلاء من منازلها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية إثر معركة قضائية مع مستوطنين إسرائيليين بشأن ملكية الأرض التي أقيمت عليها منازلهم. وحاولت المحكمة التوصل إلى حل وسط في هذه القضية التي كانت مصدرا للتوتر بين إسرائيل والفلسطينيين في الأشهر الأخيرة. إذ أدت إلى انفجار مواجهات وأعمال عنف بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين وإلى تفجر صراع مسلح بين إسرائيل والفصائل المسلحة في غزة لمدة 11 يوما في مايو/ أيار الماضي. وقال الفلسطينيون إن المحكمة عرضت عليهم البقاء في منازلهم في حي الشيخ جراح بصفتهم «مستأجرين محميين» يعترفون بالملكية الإسرائيلية للمنازل ويدفعون إيجاراً سنوياً رمزياً.
وفي خط مواز ناشد مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية الإدارة الأمريكية الضغط على العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية لتبني اقتراح التسوية الذي قدمه قضاة المحكمة العليا. ويرجع ذلك إلى التقييم بأن هذه الخطوة قد تؤدي إلى حل النزاع وتقليل التوترات الدولية بشأن احتمال إجلاء العائلات.
الاتفاقات الدوليه وخاصة اتفاقيتي جنيف الثالثه والرابعه ولائحة لاهاي لا تعطي للمحتل حق مقاضاة الاقليم المحتل من قبل المحاكم الخاضعه لسلطة الاحتلال، إن الثابت في القانون الدولي أن التوصيف القانوني للأراضي القدس الشرقية هي أراضي محتلة، وبقرار محكمة العدل الدولية بقضية جدار الفصل العنصري نسترشد بذلك في فقرتها 78 عندما نصت (أن الأراضي الواقعة بين الخط الأخضر والحدود الشرقية السابقة لفلسطين و التي كانت تحت الانتداب، قد احتلتها إسرائيل في عام 1967 أثناء النزاع المسلح بين إسرائيل والأردن). وبناءً على ذلك، فإن توصيف هذه الأراضِ في القانون الدولي هي أراضٍ محتلة، ويكون القانون النافذ هو قانون الدولة التي تتبع لها تلك الأراضي، ولمحاكم تلك الدولة الفصل في المنازعات القانونية الناشئة حول ذلك، وذلك بموجب المادة 64 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على أن «تبقى التشريعات الجزائية الخاصة بالأراضي المحتلة نافذة.. تواصل محاكم الأراضي المحتلة عملها فيما يتعلق بجميع المخالفات المنصوص عنها في هذه التشريعات.».
إضافةً الى ذلك، قد أدان مجلس الأمن كافة التغييرات القانونية والواقعية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس الشرقية، والذي يعتبر حي الشيخ جراح أحد أحيائها. ومن هذه القرارات على سبيل الذكر، القرار 298/1971 والذي أكد على أن حيازة الأرض بالقوة العسكرية غير مقبولة. والقرار 2234/2016 والذي طالب بوضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ونص القرار على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967.
ان القانون الواجب التطبيق على أراضي القدس الشرقية ككل هو القانون الفلسطيني، والمحاكم ذات الولاية القانونية لنظر مسائل الملكية في حي الشيخ جراح هي المحاكم الفلسطينية، وبناءً على ذلك، يكون القانون الواجب على أراضي القدس الشرقية ككل هو القانون الفلسطيني، والمحاكم ذات الولاية القانونية لنظر مسائل الملكية في حي الشيخ جراح هي المحاكم الفلسطينية. ولكن هناك تغول استيطاني قانوني إسرائيلي على الولاية القانونية للغير، ونظر قضايا لا تدخل فيه اختصاصه الإقليمي. إضافةً لذلك، تمارس سلطات الاحتلال الاسرائيلي وبلدية القدس الغربية التي تتبعها تعدياً على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتضع خطط تطوير تمييزية و غير عشوائية هدفها إخلاء هذه البيوت و إنشاء «حلقة من المستوطنات» حول المدينة ستكثف الفصل بين القدس الشرقية وبقية الضفة الغربية، بينما تمنع إمكانية أن تصبح القدس الشرقية عاصمة فلسطينية في المستقبل
بالنظر الى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، تجد أن إسرائيل مصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و كذلك إتفاقية حقوق الطفل. وفي ضوء ذلك رأت محكمة العدل الدولية، أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يسري فيما يتعلق بالأفعال التي تقوم بها دولة ما في ممارستها لولايتها القضائية خارج أراضيها وبالتالي ينطبق في القدس الشرقية باعتبارها أراضٍ محتلة خاضعة للولاية الإقليمية لإسرائيل كقوة محتلة. وذاته الأمر ينطبق على العهد الثاني و اتفاقية حقوق الطفل. ولهذا الأمر فقد نصت المادة (17) من العهد الأول على:
لا يحوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته.
وقد حمى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حق الملكية في المادة 17/2 منه «لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا»، كما نصت المادة 5 من الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري على حظر التمييز العنصري بسبب العرق أو الأصل القومي أو الاثني في منح الحقوق، بما في ذلك فيما يتعلق بالحق في التملك، كما تناول العهدان الدوليان (1966) حظر التمييز في المادة 2 لكل منهما.
وتنص المادة(53) من ذات الاتفاقية على((يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير)). وعليه فإنه لا يجوز لدولة الاحتلال تنفيذ «إخلاء» كلي أو جزئي لمنطقة الشيخ الجراح لعدم وجود مبرر قانوني مرتبط بأمن السكان أو سبب عسكري ملح يتطلب ذلك. لكل ذلك، فإن المساعي المبذولة من قبل سلطات الاحتلال و بدعم من قبل المحاكم الاسرائيلية لإحلال سكان الحي الأصليين بالاعتماد على وثائق غير موجود لها أصل أو مزورة و إبدالهم بسكان يتبعون لدولة إسرائيل و توسيع مستوطناتهم المقامة هو انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني. تستوجب مسائلة حكومة الاحتلال عن تهمة ارتكابها جرائم حرب بحق السكان الفلسطينيين الاصليين اصحاب الحق