2021.. عام القدس والأسرى

شهد عام 2021، الكثير من الأحداث السياسية والميدانية في الصراع المستمر مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي أثرت بشكل أو بآخر على العديد من المحاولات التي كانت تهدف لتمرير مشاريع ومخططات كان هدفها تغييب قضايا جوهرية تمس بالثوابت الفلسطينية، من خلال “صفقة القرن”، أو اتفاقيات التطبيع، وغيرها من المسارات السياسية من قبل الولايات المتحدة أو الاحتلال على حد سواء.

معركة “سيف القدس”

ويعتبر هذا العام من وجهة نظر المراقبين والمتابعين، بأنه عام “القدس” و “الأسرى”، باعتبارهما قضيتين مركزيتين أثرت على العديد من الأحداث التي وقعت خلال هذه الفترة، بدءًا من معركة “سيف القدس”، ومرورًا بـ “نفق الحرية” وليس انتهاءًا بالعدوان الذي لم يتوقف من عمليات اغتيال واعتقال وتهويد واستيطان.

ولعل حالة الاستفزاز التي مورست من قبل مجموعات المستوطنين في المسجد الأقصى، ومحاولة السيطرة على منازل فلسطينية في حي الشيخ جراح بداية شهر أيار الماضي، من أبرز الأحداث التي قادت إلى مواجهة عسكرية على جبهة غزة، سميت باسم معركة “سيف القدس”، والتي أظهرت خلالها المقاومة قدرات كبيرة، منعت الاحتلال من تنفيذ خططه في القدس وخاصة الشيخ جراح، ومسيرة الأعلام التي فشلت عند نقطة بدايتها حين نظمت في العاشر من ذاك الشهر ما دفع حركة “حماس” لإطلاق صواريخ تجاه القدس، لتندلع مواجهة عسكرية استمرت 11 يومًا، أدت لاستشهاد نحو 260 فلسطينيًا، وإصابة الآلاف.

انتفاضتان وهبات

وشكلت معركة “سيف القدس”، لأول مرة رغم اندلاع انتفاضتين وعدة هبات شعبية سابقًا، اصطفافًا فلسطينيًا موحدًا خلف المقاومة، في أكبر هبة ومواجهات واسعة، انطلاقًا من غزة مرورًا بالضفة والقدس،وصولًا إلى مناطق الداخل المحتل التي شهدت ما أطلق عليها “هبة الكرامة”.

ورغم أن تلك المعركة حققت انجازات بوقف الاستيلاء على منازل حي الشيخ جراح، إلى جانب منع مسيرة الأعلام مجددًا من الاقتراب من المسجد الأقصى، إلا أن اقتحامات المستوطنين للمسجد لم تتوقف، وتصاعدت حتى بلغ عدد المقتحمين أكثر من 34 ألفا، فيما لا زالت بعض المنازل في الأحياء المقدسية معرضة لخطر الإخلاء والاستيلاء بحجج واهية، بينما تصاعدت عمليات تجريف المنازل التي طالت العشرات، وسط أوامر هدم لمئات أخرى في مناطق متفرقة من القدس المحتلة، التي شهدت عمليات اعتقال وإبعاد للمقدسيين عن الأقصى في إطار محاولة السيطرة زمانيًا ومكانيًا على المسجد.

عدوان المستوطنين

ولم يتوقف إرهاب المستوطنين في القدس، بل تصاعد في الضفة وسط عمليات رشق بالحجارة ومهاجمة المواطنين الآمنين في منازلهم ومركباتهم، وتدمير حقولهم الزراعية، بحماية من جنود الاحتلال، تزامنًا مع عمليات اقتحام لقوات الجيش الإسرائيلي وتنفذ اعتقالات يومية طالت نحو 4 آلاف مواطن، أفرج عن نحو نصفهم.

عملية النفق

وشهد شهر أيلول الماضي، حدثًا نادرًا بنجاح 6 أسرى من انتزاع حريتهم من داخل سجن جلبوع، عبر نفق حفروه من داخل زنزانتهم، ليتمكنوا من الوصول إلى قرية الناعورة القريبة ثم يسلكون عدة طرق متفرقين، قبل أن يتم اعتقال 4 منهم تواليًا بعد عدة أيام من عملية “الهروب”، فيما نجح آخرين من الوصول إلى جنين، قبل أن يتم اعتقالهما لاحقًا.

ومنذ تلك الأحداث تعرض الأسرى والأسيرات داخل السجون لعملية قمع كبيرة من قبل حراس مصلحة سجون الاحتلال، واستمرت بشكل ممنهج حتى تواصلت لنهاية العام الجاري، ما دفع بعض الأسرى لإحراق خيام، وزنازين، ومحاولة تنفيذ عملية طعن ردًا على ما يتعرضون له، وسط تحذيرات من المقاومة من أن هذه الاعتداءات سيكون لها ثمن كبير.

شهداء بالجملة

وشهدت فترة ما بعد اعتقال أسرى “نفق الحرية”، سلسلة عمليات إسرائيلية في الضفة الغربية أدت لاستشهاد عدد من الشبان بحجة ملاحقة خلية عسكرية كبيرة لحركة “حماس”، خططت لسلسلة هجمات مختلفة، قبل أن تندلع سلسلة أحداث في القدس والضفة خلال الأشهر الأخيرة حتى الأيام القليلة الماضية، والتي وقعت خلالها عدة عمليات إطلاق نار وطعن أدت لقتل وإصابة عدد من المستوطنين.

انتخابات مؤجلة

وعلى الصعيد السياسي، شهد هذا العام محاولات حثيثة لإجراء انتخابات برلمانية، إلا أنه تم وقف إصدار مرسوم رئاسي بشأنها بسبب تعنت الاحتلال في السماح بأن تجري في مدينة القدس، وسط اختلاف بين مختلف الفصائل حول موقف تأجيلها من عدمه، وإيجاد حلول لعملية الاقتراع في المدينة المقدسة.

فيما كانت هناك محاولات مصرية لتقريب وجهات النظر في عدة ملفات فلسطينية داخلية ومنها الانتخابات ومحاولة العودة لعقد لقاءات من أجل المصالحة، إلا أنه لم تصل لأي نتائج، في وقت واصلت فيه القاهرة جهودها لمحاولة تثبيت حالة الهدوء مع الاحتلال على جبهة قطاع غزة، ومحاولة التوصل لصفقة تبادل أسرى، إلا أن هذه المحاولات لا زالت شبه متوقفة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بعدوانه في مختلف المناطق، وتعنته وتهربه من استحقاق الوصول لصفقة تصر حركة “حماس” على أن تفرج من خلالها أكثر من ألف أسير، ورفضه رفع الحصار عن قطاع غزة وربطه لهذا الملف، بملف الأسرى، وهو ما ترفضه المقاومة وتصر على فصلها عن بعضها البعض.

خسارة نتنياهو

وإسرائيليًا، شهد هذا العام نزول بنيامين نتنياهو زعيم حزب “الليكود” عن عرش الزعامة بعد 12 عامًا من الحكم، ليتولى نفتالي بينيت رئاسة الوزراء بحكومة مشكلة من اليمين واليسار والوسط وحتى القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس، الذي شكل “بيضة القبان” في عملية تشكيلها، وتزامن ذلك مع بدء محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد المشتبه بتورطه فيها.

كما شهد هذا العام محاولات محمومة لدفع اتفاقيات التطبيع مع بعض الدول العربية، وسط تنديد فلسطيني رسمي وفصائلي بهذه الاتفاقيات، ودعوات لوقفها لما لها من ضرر على القضية الفلسطينية.

ولأول مرة منذ سنوات يعقد وزراء في حكومة إسرائيلية، لقاءات مع الرئيس محمود عباس، منهم وزراء حزب “ميرتس” اليساري، ووزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، ما أثار جدلاً على صعيد إسرائيل داخليًا، وكذلك على الصعيد الفلسطيني من قبل فصائل عدة من أبرزها “حماس”.

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

واشنطن تندد باعتداء المستوطنين على شاحنات المساعدة وتدعو إسرائيل لوقفها

ندد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر بهجمات المستوطنين على شاحنات المساعدات وطلب …