واجه المجلس العسكري في السودان موجة احتجاجات جديدة الأحد، مع تنديد أطباء باستهداف مستشفيات ورفض مزارعين رفع أسعار الكهرباء ومطالبة وسائل إعلام بالحقّ في تغطية التطوّرات في البلاد.
في الخرطوم، سلّم عشرات الأطباء مكتب المدعي العام تقريرين عن هجمات على جرحى وطواقم طبيّة ومستشفيات خلال حملة قمع المحتجين على انقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/أكتوبر.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى وقوع هجمات “على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 في الخرطوم ومدن أخرى، تأكَّد منها وقوع 11 هجومًا”.
في تصريح لوكالة فرانس برس، قالت الطبيبة المتظاهرة هدى أحمد “ظللت طوال أيام المواكب اعمل في مستشفى الخرطوم، أطلقوا علينا الغاز داخل المستشفى، ودخلت القوات إلى (قسم) الطوارئ” .
ويؤكد الأطباء أنه يتم باستمرار إخراج مصابين من سيارات الإسعاف أو أسرة المستشفيات وتعرض الأطباء لاعتداءات تصل إلى الضرب حتى وهم داخل غرف العمليات.
ورغم القمع الذي أسفر عن مقتل 64 متظاهرا وشرطي واحد، يدعو المجتمع المدني إلى تظاهرات جديدة الإثنين للمطالبة بإعادة المدنيين إلى السلطة واستكمال الانتقال الديموقراطي الذي بدأ عام 2019.
شمال البلاد، تظاهر مواطنون الأحد احتجاجا على غلاء المعيشة في واحدة من أفقر دول العالم. وأعلنت وزارة المال الأسبوع الماضي أنها ستضاعف سعر الكهرباء، لكنها واجهت سخطا واسعا دفعها لتجميد القرار.
لكن التجميد لم يقنع الجميع، فقد أغلق مئات المتظاهرين طرقا شمال البلاد تربط بمصر للمطالبة بإلغاء الزيادة نهائيا.
وقال المتظاهر حسان إدريس لوكالة فرانس برس عبر الهاتف “لن تمر أي مركبة إن لم تلغ السلطات هذه الزيادة، لأنها بمثابة توقيع على وثيقة وفاة الزراعة المحلية”.
ويُنذر أي ارتفاع في الأسعار أو إلغاء للدعم الحكومي على المواد الأساسية بتفاقم حدة الأزمة الاقتصادية العميقة التي يغرق فيها البلد.
ويناهز معدل التضخم في السودان 400 بالمئة فيما توقعت الأمم المتحدة أن 30 بالمئة من السكان سيحتاجون لمساعدة إنسانية عام 2022.
وقد فجّرت مضاعفة سعر الخبر ثلاث مرات الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 وادت الى الإطاحة بالرئيس عمر البشير في العام التالي.
على صعيد متصل، بدأ وزير الخارجية السوداني السابق إبراهيم غندور المسجون منذ انتفاضة 2019، إضرابا عن الطعام مع عدد من المسؤولين السابقين، وفق ما ذكرت عائلته الأحد مطالبة “بإطلاق سراحهم أو مثولهم أمام محكمة نزيهة”.
وكانت النيابة قد قررت مؤخرا الإفراج عن عدد من مسؤولي نظام البشير، لكن البرهان الذي يتولى قيادة السودان بمفرده أمر باستمرار احتجازهم.
ونددت عائلة الغندور في بيان بحدوث “أول تدخل غير مسبوق في العدالة في بلادنا” فيما تشهد البلاد تظاهرات مناهضة للبرهان متهمة إياه بالسعي لإعادة إلى الحكم مسؤولي النظام القديم الذي يتحدر منه هو نفسه.
وعشية التظاهرات المناهضة للانقلاب المرتقبة الإثنين، أعلنت وزارة الثقافة والإعلام سحب ترخيص قناة الجزيرة مباشر القطرية بسبب “التناول غير المهني” للشأن السوداني “الذي يعمل على ضرب النسيج الاجتماعي بالبلاد”.
وسبق أن أوقف مدير مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم السوداني المسلمي الكباشي ثلاثة أيام منتصف تشرين الثاني/نوفمبر من دون الإعلان عن سبب توقيفه.
ونددت سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم بالقرار معتبرة أنه “خطوة إلى الوراء”، فيما نددت شبكة الجزيرة في بيان ب”ترهيب” الإعلام داعية “السلطات السودانية إلى تمكين القناة من مواصلة عملها”.
وهاجمت قوات الأمن السودانية في كانون الأول/ديسمبر مكتب قناة “العربية” السعودية في الخرطوم وتعرّضت بالضرب لصحافيين وصادرت تجهيزات.
وذكر صحافيون آخرون أنهم تعرضوا للاعتقال أو الاعتداء أثناء تغطيتهم للاحتجاجات.
وقبل الانقلاب، كان السودان يحتل المرتبة 159 بين 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تعدّه منظمة “مراسلون بلا حدود”. وتعتبر الأمم المتحدة أن السودان بيئة “معادية بشكل متزايد للصحافيين”.