“مدى”: المطلوب ليس لجنة تحقيق دولية بل عقوبات دولية على الاحتلال

14 مايو 2022آخر تحديث :
“مدى”: المطلوب ليس لجنة تحقيق دولية بل عقوبات دولية على الاحتلال

اغتيال الايقونة الصحفية شرين ابو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة ل 25 عاما، ليست جريمة عابرة لقوات الاحتلال الاسرائيلي، بل تأتي قي اطار سياسة ممنهجة لاستهداف الصحفيين في فلسطين منذ عقود لترهيبهم وطمس الحقيقة.

فقد اظهر تقرير لمركز “مدى” بعنوان “جرائم الاحتلال الإسرائيلي حوادث عابرة أم سياسة ثابتة” https://www.madacenter.org/article/1755/ ان الاحتلال الاسرائيلي ارتكب خلال السنوات الخمس والنصف التي يغطيها هذا التقرير(من بداية 2016-منتصف 2021) ما مجموعه 1845 انتهاكا، بلغ عدد الاعتداءات الجسدية المباشرة (الناجمة عن استخدام الاسلحة والذخائر بانواعها او بسبب الضرب) 786 اعتداء، أي أن ما نسبته 43% من مجمل الاعتداءات الاسرائيلية ضد الصحافيين/ات تندرج ضمن هذا النوع من الاعتداءات، في حين يتوزع ما تبقى على نحو 20 نوعا اخر من الانتهاكات الاسرائيلية.

يشير التقرير إلى أن عدد الاعتداءات الجسدية الفلسطينية بلغت 81 انتهاكا اي ما يشكل 9% فقط من مجمل الاعتداءات الجسدية التي سجلت خلال الفترة التي يغطيها التقرير وأن 91% ارتكبها الاحتلال، ما يظهر توجها اسرائيليا واضحاً نحو الحاق أشد الاذى بالصحافيين/ات لإبعادهم عن الميدان والعمل الصحفي، ترجمة لسياسة تهدف بشتى السبل التعتيم على ما ينفذه الاحتلال من جرائم وممارسات وسياسات واعتداءات في فلسطين.

ويوضح التقرير أن الاعتداءات الجسدية الاسرائيلية أدت منذ مطلع العام 2000 الى مقتل 46 صحافيا/ة في الضفة الغربية وقطاع غزة، 6 منهم قتلوا خلال السنوات الخمس والنصف الاخيرة التي يغطيها هذا التقرير، فيما عانى وما يزال عشرات آخرون يعانون من اعاقات مؤقتة ودائمة، ستلازمهم طوال حياتهم، جراء اصابات بليغة وخطيرة تسبب بها الاحتلال لهم، مثل الصحافيين: عطية محمد درويش، ومعاذ ابراهيم عمارنة، وسامي جمال مصران، الذين فقد كل واحد منهم إحدى عينيه جراء اصابات مباشرة استهدفتهم اثناء عملهم في الميدان من قبل جنود الاحتلال خلال العامين 2018 و2019.

واظهر تقرير اخر لمركز مدى حول اعتداءات الاحتلال على الصحفيين/ات اثناء تغطيتهم مسيرات العودة السلمية في قطاع غزة: https://www.madacenter.org/article/1370/

ان قتل الصحفيين ياسر مرتجى واحمد ابو حسين بطريقة متعمدة، ليستا الجريمتين الوحيدتين اللتين ارتكبهما جيش الاحتلال الاسرائيلي ضمن مساعيه الرامية لاقصاء الصحافيين ووسائل الاعلام ومنعهم من تغطية احداث مسيرات العودة السلمية.

وبجانب هاتين الجريمتين فقد رصد مركز “مدى منذ انطلاق مسيرات العودة يوم 30/3/2018 وحتى 30/9/2018، اي خلال ستة شهور، ما لا يقل عن 46 اصابة بالرصاص الحي والمتفجر، في قطاع غزة ، تندرج معظمها ضمن الاصابات الجسيمة والخطيرة التي تسببت لهؤلاء الصحافيين/ات بجروح بالغة ابعدتهم لفترات متباينة عن ميدان العمل، فضلا عما تسببت به من مخاوف وقلق مشروع بين الصحافيين من عمليات الاستهداف المتعمدة لهم.

وتبين مواضع هذه الاصابات التي استخدم فيها جيش الاحتلال الذخيرة الحية وحتى المتفجرة الممنوعة الاستخدام حتى في الحروب ضد الصحافيين جانبا مما يجري على الارض على هذا الصعيد.

ولا بد من الاشارة الى ان قوات الاحتلال قتلت 17 صحفيا وعاملا في الاعلام خلال عدوانها على قطاع غزه سنة 2014 ، وهي السنة الاكثر دموية في تاريخ الصحافة الفلسطينية.

ومن اجل تبرير سياستها تلك اعتاد المسؤولون في دولة الاحتلال على التحريض ضد الصحفيين ووسائل الاعلام الفلسطينية والعربية بما فيها قناة الجزيرة التي تعرضت مكاتبها للقصف ومراسليها في فلسطين لاعتداءات كثيرة ، من خلال الادعاء بانهم محرضين وليسوا صحفيين، كما اعتادت اسرائل التنصل باشكال مختلقة من جرائم قتل الصحفيين في فلسطين بما في ذلك صحفيين دوليين (رفائيل تشرييلو وديفيد ميللر) ، وفي حالات اخرى الادعاء بانهم يعملون مع منظمات “ارهابية مثل حماس”، وكأن عمل اي صحفي مع مؤسسات اعلامية تتبع منظمة معينة يعطيها الحق في قتلهم.

لقد تحولت جريمة قتل ابو عاقلة الى قضية رأي عام عالمي، حيث تطالب الكثير من الجهات بتشكيل لجنة تحقيق دولية في مقتلها، الامر الذي يثير تساولا حول مدى قدرتها في تحقيق العدالة، فمن جهة من المتوقع ان ترفض اسرائيل التعاون معها والسماح لها بدخول الارض المحتلة، وبالتالي سيؤدي ذلك الى عدم قدرتها في القيام بمهمتها، من جهة اخرى ستدفع الادارة الامريكية في اتجاه تشكيل لجنة تحقيق فلسطينية اسرائيلية مشتركة، في حين ترفض السلطة الفلسطينية مشاركة اسرائيل في اية لجنة تحقيق، لذلك سترسي الامور على تشكيل لجنة تحقيق اسرائيلية ستخلص الى نتيجة مفادها ان القاتل غير معروف، او انها قتلت عن طرق الخطأ في احسن الاحوال، فلم يسبق ان تم محاسبة اي من المسؤولين عن قتل 46 صحفيا منذ سنة 2000.

ان القاتل معروف ولا حاجة لاضاعة الوقت لنصل الى نتيجة يعرفها الجميع، لذلك فان السبيل الافضل هو ان تسارع السلطة الفلسطينية الى انهاء تحقيقها في ملابسات الجريمة، حيث تتوافر لديها شهادات الشهود ومقذوف الرصاصة وتقرير الطب الشرعي بالاضافة الى تحقيقي قناة الجزيرة ومؤسسة بتسيلم وتسلمها الى الجنائية الدولية ومطالبتها بالاسراع في اتخاذ الاجراءات القانونية لتحقيق العدالة، خاصة وان هذه الجريمة اثارت ردود فعل دولية واسعة على مختلف المستويات واصبحت قضية رأي عام عالمي، مما سيعزز من الحافز لدى المحكمة للبدء بالاجراءات القانونية، كما ان تحركها السريع في مسالة اوكرانيا سيضعها في موقف حرج اذا لم تتحرك في قضية ابو عاقلة ، وفي نفس الوقت رفع قضية على دولة الاحتلال من قبل عائلة الفقيدة في المحاكم الامريكية لانها تحمل الجنسية الامريكية.

كما من المهم التوجه الى الدول الغربية بشكل عام والى تحالف الدفاع عن الاعلام بشكل خاص وهو تحالف يضم اكثر من52 دولة تقوده بريطانيا وكندا https://mediafreedomcoalition.org/about/member-countries
لفرض عقوبات على الاحتلال استنادا للميثاق الذي اقرته لحماية الصحفيين وحرية الاعلام ، فاستمرار دولة الاحتلال في التمتع بالحصانة نتيجة المعايير المزدوجة هو ماشجعها على الاستمرار في الاعتدءات على الصحفيين وقتل 47 منهم منذ سنة 2000.

اخيرا ان اعتداء قوات الاحتلال على المشاركين في تشييع ابو عاقلة يظهر من جديد الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال، الوجه الذي راه العالم امس على حقيقته.