ينهمك السوداني محمد التيجاني في التنقيب وسط كومة أنقاض كانت في السابق منزله قبل أن تدمره السيول في قرية المكايلاب، بحثا عن أغراض يمكنه إنقاذها.
يسعى لاستعادة أي شيء من منزله المنهار قبل أن ينتقل الى مكان آخر يعيش فيه مع زوجته الحامل وطفله في القرية الواقعة بولاية نهر النيل في شمال السودان، على بعد 400 كيلومتر من الخرطوم.
ففي غضون ساعات قليلة، دمّرت الفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة منزل التيجاني (53 عاما) الذي استغرق بناؤه سنوات. ويقول الرجل لوكالة فرانس برس “كان مثل يوم القيامة.. لم نشهد أمطارا وسيولا كهذه منذ سنوات”.
ويسجل السودان سنويا أمطارا غزيرة في الفترة الممتدة من أيار/مايو إلى تشرين الأول/أكتوبر تتسبّب بسيول وفيضانات وتدمّر ممتلكات وبنى تحتية ومحاصيل زراعية.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، تسببّت الفيضانات هذه السنة بمقتل 79 شخصا.
وأعلن السودان الأحد حالة الطوارئ في ست ولايات من بينها نهر النيل بعد أن غمرتها المياه.
وتأتي أزمة السيول في وقت يعاني السودان، إحدى أفقر دول العالم العربي والغارق في أزمات سياسية واقتصادية منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، من اضطرابات مستمرة منذ الانقلاب العسكري الذي نفذ في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وتشير تقديرات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، استنادا الى أرقام رسمية، إلى أن 460 ألف شخص قد يتأثرون بالفيضانات هذا العام في البلاد، وأن 146 ألفا تأثروا حتى الآن، و31 ألف منزل دمرت أو تضرّرت.
وكان متوسط عدد الأشخاص المتضررين كل سنة بين 2017 و2021 يبلغ 388,600.
وأكثر الولايات تأثرا بالفيضانات، نهر النيل في شمال البلاد وكسلا في الشرق وجنوب كردفان وجنوب دارفور في الغرب.
ومنذ بداية موسم الأمطار المدمّر، تقطّعت السبل بآلاف الأسر السودانية في قرية مجاورة بحثًا عن مأوى.
وشوهد قرويون في قرية المكايلاب يحاولون إنقاذ بعض من ممتلكاتهم أو استعادة أجزاء من أثاث محطم.
ويقول حيدر عبد الرحمن بينما يجلس على كومة من الركام كانت منزله قبل الكارثة، “نحاول العثور على أي شيء، ولكن كلّ شيء دمّر تماما”.
ويقول عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “يخشى الناس أن تجلب مياه الأمطار الغزيرة العقارب والثعابين”.
ويعبّر سيف الدين سليمان البالغ من العمر 62 عاما عن المخاوف نفسها، ويقول “الناس في حاجة ماسة لمساعدات ضد الحشرات والبعوض”.
ويحذّر مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة من أن برك المياه الراكدة التي تتسبب بها فيضانات الأنهر “تزيد من خطورة حصول أمراض مثل الكوليرا أو الإسهال أو الملاريا”.
ويشير الى أن سبب “الفيضانات غير المسبوقة مرتبط بالتغير المناخي”.
وأكد مسؤول وزارة الصحة ياسر هاشم من جهته أن الوضع “حتى الآن تحت السيطرة”.
وأضاف أن من بين ثلاثة آلاف شخص يسكنون المكايلاب، “نستقبل يوميا ما بين ست إلى سبع حالات إسهال”. وأطلقت السلطات “حملة رشّ لمكافحة البعوض”.
ويخشى كثيرون أن تكون الكوارث التي حصلت مجرد بداية.
ويقول عبد الرحمن “موسم الخريف في بدايته، وليس هناك مكان يذهب إليه الناس” للاحتماء.