“يوم مرعب”.. مشاهدات نازحين عبروا ممرات إجبارية بخانيونس

6 فبراير 2024آخر تحديث :
“يوم مرعب”.. مشاهدات نازحين عبروا ممرات إجبارية بخانيونس

رغم نجاته من الاعتقال عبر حاجز أقامه جيش الاحتلال الإسرائيلي غربي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، بقي حسين شاهين قرب المكان 5 أيام، يبيت في العراء وسط البرد الشديد، على أمل أن يفرج الجنود عن شقيقه الذي تم احتجازه عبر البوابة التي يتم إجبار كافة النازحين على المرور من خلالها.

وبعد أن علِم أن الإفراج عن المعتقلين يتم من خلال معبر كرم أبو سالم، فقد الأمل، وقرر السير باتجاه مدينة رفح التي تعد الملاذ الوحيد المتبقي للنازحين الفارين من جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

وشفقة منه على أسرة مكوّنة من أب و3 من بناته الشابات، يبيتون أيضا في العراء منذ يومين، دعا شاهين الوالد إلى المغادرة معه لعدم وجود جدوى من البقاء.

لكن الأب الذي كان ينتظر الإفراج عن ابنه، قال لشاهين إنه يعلم أن البقاء غير مفيد، لكنه يحتاج إلى من يقنع بناته الثلاث بذلك. وأضاف بعد أن أشار إليهن “إنه شقيقهن الوحيد”.

مشاهد مؤلمة

وبحسب شاهين الذي تحدث إلى الجزيرة نت، فإن المشاهد المؤلمة التي عاينها خلال وجوده قرب الحاجز، أكثر من أن تحصى، حيث شتتت قوات الاحتلال شمل العائلات عبر اعتقال بعض أفرادها، وتركتهم في حالة من “عدم اليقين” حول مصيرهم.

وكانت قوات الاحتلال قد أجبرت نهاية الشهر الماضي، سكان غربي محافظة خان يونس على النزوح إلى مدينة رفح، والمرور عبر بوابات أقامتها، يتم خلالها التدقيق في هوياتهم واعتقال العديد منهم.

وذكر شهود عيان مروا عبر الحاجز للجزيرة نت أن جنود الجيش يأمرون الشباب بالسير في صفوف مكونة من 5 أشخاص رافعين بطاقات هوياتهم، ويجبرون بعضهم عبر مكبر صوت على التنحي جانبا تمهيدا للتحقيق معهم أو اعتقالهم، في حين يأمر النساء والأطفال بالسير في صفوف منفصلة دون فحصهم.

ويُجبر الجيش الشخص الذي يقرر اعتقاله على خلع جميع ملابسه، بما فيها الداخلية، ويتم تكبيله بالقيود وعصب عينيه، ويتعرض للضرب بشكل وحشي.

وبالعودة إلى تجربة عبوره خلال الحاجز، يقول شاهين إنه نزح نهاية الشهر الماضي بعد تهديد جيش الاحتلال للسكان المقيمين في غربي مدينة خان يونس.

ويضيف “الوضع صعب ومزر جدا، بقينا واقفين 4 ساعات بين الدبابات والمطر يهطل علينا والناس في وضع يرثى له”. 

ويصف فرحة عبوره من الحاجز دون اعتقاله بالقول “شعوري كان كمن يرى النور بعد ظلام دامس”.

ويوضح شاهين أن الاعتقالات تتم بشكل تعسفي، ودون أي مبرر، مدللا على ذلك بالإفراج عن شقيقه بعد حوالي أسبوع من الاحتجاز، والتعرض للتعذيب الشديد. 

ويضيف “لو كان له علاقة بالمقاومة لَما أطلقوا سراحه، فلماذا إذن يتم اعتقاله من الأصل؟ لا يوجد أي سبب”.

مشاهد مُلفقة

ويكشف الشاب بسام فليونة أن جيش الاحتلال كان يصوّر مشاهد مُلفقة مكذوبة تُظهر توزيعه للماء أو أطعمة للإيهام بأنه يُحسن معاملة المارين عبر الحاجز. ويضيف فليونة الذي نزح الأسبوع الماضي عبر الحاجز “بعد انتهاء التصوير كانوا يُنكّلون بالناس”.

وحول شهادته عمّا رآه عبر الحاجز، أوضح فليونة للجزيرة نت أن الجنود أجبروهم على المشي لمدة 3 ساعات بين الدبابات، وكانوا يتعمدون إهانتهم عبر شتمهم وإساءة معاملتهم.

ويضيف “كانت مشاهد قاسية خاصة حينما يعتقلون شابا أمام أمه، وتبدأ بالصراخ والبكاء (..) اعتقلوا الكثير من الشباب وحتى اعتقلوا أطفالا لأسباب لا نعرفها”. 

ويتابع “لا يمكن تخيّل كمية الرعب في عيون الأطفال”.

ويشير إلى أن العديد من الأشخاص كانوا يرمون حقائبهم الممتلئة بالطعام والأغراض المهمة، لعدم قدرتهم على حملها خلال الطريق الطويلة التي يجبرون على سلكها.

ولم تكن المشاهد التي رآها بسام فليونة عقب مروره من الحاجز، أقل سوءا من تلك التي عاينها خلاله. فبعد اجتيازه للحاجز، فوجئ بنساء وأطفال يبكون ويسألون المارين عن أقاربهم الذين تم احتجازهم.

ويضيف الشاهد نفسه “سألتني امرأة عمّا إذا كنت قد رأيتُ زوجها الذي كان يرتدي كذا وكذا، فأخبرتها أنه تم اعتقاله، فانهارت المرأة بالبكاء وبقيتْ في الشارع تبكي وتنتظر على أمل أن يسمحوا له بالعبور”.

يوم مرعب

ويصف ماجد قديح للجزيرة نت تجربة عبور الحاجز بأنه “كان يوما مرعبا، وكنّا أطفالا ونساء وشبابا وشيوخا وكانت الأمطار شديدة جدا وكان الوضع صعبا للغاية”.

وأشار إلى أن قوات الاحتلال أجبرت بعض النازحين على رمي أغراضهم وفرشهم، والدخول عبر البوابات “بلا أي شيء”.

وتبدو تجربة عبد الكريم فياض مختلفة عن سابقيه، حيث تعرض للاحتجاز عبر الحاجز لعدة ساعات قبل أن يتم إطلاق سراحه. وخلال وجوده في الحاجز، شاهد فياض كيف يعامل جنود الاحتلال الشبان الذين يوقفونهم.

ويضيف للجزيرة نت ساردا واقعة اعتقال أحد الشبان “نادى الجنود على شاب، وأجبروه على نزع كل ملابسه حتى الداخلية منها، ثم قيدوه وغطوا عينيه”.

 ويتابع “ثم هجم عليه ضابط وضربه بشكل عنيف وخاصة في خاصرتيه ومنطقة الأعضاء التناسلية”.

وذكر أنه شهد اعتقال الجيش لنحو 25 شابا خلال الفترة القليلة التي قضاها في الحاجز. وحول كيفية احتجازه، ذكر فياض أنه كان يسير عبر الحاجز، بعد انتظار استمر نحو 4 ساعات، فنادى عليه أحد الجنود أن يتجه نحوهم في حين أمر زوجته وأطفاله بأن يستمروا في طريقهم دون توقف.

وبعد انتظار آخر، وفحص هويته قرر الجنود إطلاق سراحه. وبعد الإفراج عنه، التحق بأسرته التي كانت في انتظاره قرب الحاجز في حال قلق شديد.

ويقدر رامي عبدو رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عدد الذين اعتقلهم جيش الاحتلال عبر البوابات غربي خان يونس بنحو 400 شخص.

وقال عبدو للجزيرة نت إن مرصده وثّق معاناة شديدة لآلاف السكان خلال نزوحهم القسري من خان يونس، وسط أجواء ماطرة وباردة وإجراءات تنكيل، ودون توفر أي مأوى آمن يفي بالحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية.