رغم نجاح الأنظمة الحاكمة بالوطن العربى في احتواء رياح التغير، وتطويع دفة الشراع مرة أخرى نحو استقرار الدولة، أجتمع فى بيروت أمس السبت 29 أغسطس الجارى، وبالتحديد فى ساحة الشهداء، آلاف اللبنانيون خلف شعار واحد هو #طلعت_ريحتكم. وهو ما سبب الاستياء للنخبة اللبنانية التي أعتادت العيش فى كنف الدولة على حد وصف “أحمد محسن” الكاتب والروائى اللبنانى الشاب.
بيروت إذ توحدت اليوم خلعت رداء الطوائف، ليعلو من جديد الهتاف “ارحل” وتلك المرة لم يأت من تونس بن علي أو مصر مبارك، بل من بلد الحرب الأهلية، حيث توحدت كل الطوائف اللبنانية، خلف هدف واحد وهو انهاء مشروعية كلا من 8 و 14 آزار، فالجسد الكائن ببيروت بينما العقل والقلب هتاك فى الجنوب، كلاهما اتخذ من أكوام النفايات التى تراكمت بشوارع المدينة، سببًا للثورة.
ومرة أخرى عاد “مارسيل خليفة” ليغني مع من غنوا أناديكم، وعاد إلياس خورى” ليتذكر رفقاء درب مسيرة الحرية، أمثال “سمير قصير” و “جورج حاوى“.
نزل الشباب اللبنانى إلى الساحات من أجل الكهرباء والماء وتراكم النفايات، حتى فقدت الدولة أعصابها، أسبوع كامل من التظاهرات والإعتصامات، حتى كانت اللحظة التاريخية يوم السبت الماضى 22 أغسطس ، تلك هي اللحظة التي تحول فيها الحراك الاجتماعي من مطالبات فئوية بحياة كريمة، إلى حراك سياسى غرضه الإطاحة بكل الزعماء، بداية من “حسن نصرالله” وصولاً لسمير جعجع و وليد بك جنبلاط مرورًا بالحريرى الصغير، حتى أن المطالب الآن تتسع لتشمل انتخابات جديدة وفق قانون انتخابات عادلة.
الصدمة الحقيقة أو منبع الدهشة لم تأتى من تجاهل الإعلام اللبنانى للمظاهرات، أو من عنف تعامل الدولة مع المتظاهرين، الدهشة الحقيقة أتت من هنا من مصر، البلد التى ثارت لثلاث سنوات وأطاحت خلالهم برئيسان، فالمصريين الذين تابعوا الأحداث لم يلفت نظرهم سوى، نساء لبنان اللاتى تظاهرن بالشورت، وهو ما أثار أستياء مصريات كثيرات قبل أن يكون محل سخرية من اللبنانين أنفسهم.
فجأة اكتشفت بيروت أنها تقف وحيدة ضد الكل، بالداخل والخارج، ولأول مره – ربما- لا يخرج اللبنانيون ليقاتلوا بعضهم البعض، فالنفايات ليست فى الداخل فقط بل فى الخارج أيضًا، حيث تحاصرهم ورائحتها الذكورية العفنة، تزكم أنوفهم، إستاذة علم الإجتماع السياسى اللبنانية ” دلال البزري” كتبت اليوم مقال ردّ على تعليقات فايسبوكيين وصحافيين مصريين حول “النساء اللبنانيات” ، حيث وصفت تعليقات المصريين بأنهاا شديدة الذكورية والأبتذال، بحسب تعبيرها.
كذلك علق كاتب أخر هو “على شهاب” قائلاً : ” بلغنا إنكم تبدون إعجابكم بـ”المُزز” في تظاهراتنا، أولا هذا من فضل ربي، ثانيًا السر كل السر في خلطة الماكياج فلا تغرنكم المظاهر، الجمال الحقيقي جمال الروح”.
واستطرد شهاب ساخرًا من ثورة 25 يناير قائلاً : ” لن تجدوا في لبنان بأسره من شماله الى جنوبه فنانًا واحدًا يجرؤ على إبداء إنزعاجه من تظاهرات وسط البلد لأن ابن اخته عاجز عن شراء البيتزا”
لكن أعنف رد جاء من فيديو نشرته مستخدمة الفيسبوك “عصمت فاعور” تحت وسم #لا_للتحرش و #طلعت_ريحتكم_ذكورية، حيث حقق الفيديو أنتشارًا واسع لدرجة أن الإعلامى الساخر “باسم يوسف” لم يجد أفضل منه للرد على ما وصفه بالتعليقات السيئة على الأحداث
وهو ما أشعل حرب متبادلة بين مصريات ولبنانيات، للدفاع عن ذكورة المصرى، لكن رد الفعل المصرى أتى مسيئا وانفعاليا وخاليا من استيعاب اللحظة التي تمر بها لبنان الآن.
لكن تظل النصيحة وأجبه فى تلك اللحظة، عينكم على بيروت، ﻷن هالبلد ولو أنها صغيرة، لكن مفعولها دايمًا بيكون مثل الثورة كبير.