حمّل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، حكومة هولندا المسؤولية القانونية المباشرة عن “التواطؤ في الجرائم” التي ترتكبها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة في قطاع غزة، على خلفية استمرارها في دعم آلة الحرب الإسرائيلية على نحو مباشر وغير مباشر.
وقال المرصد في بيان صحافي إن هولندا تواصل تصدير “الكلاب العسكرية” إلى جيش الاحتلال وسائر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، على الرغم من استخدامها أداة للتعذيب والترويع المنهجي للفلسطينيين، كجزء من المنظومة الإسرائيلية القائمة على فرض الهيمنة الشاملة عليهم، وتجريدهم من كرامتهم الإنسانية، وتدمير وجودهم كليا.
وذكر المرصد أنه تابع بقلق بالغ المعلومات التي كشفها “مركز أبحاث الشركات متعددة الجنسيات” (SOMO)، بشأن حصول شركات هولندية على شهادات بيطرية لتصدير 110 كلاب إلى إسرائيل خلال المدة ما بين أكتوبر 2023 وفبراير 2025، إذ خُصّصت 100 من هذه الشهادات لصالح شركة “Four Winds K9″، وهي عبارة عن مركز تدريب كلاب يقع في قرية “خيفن” الهولندية، وتملك، بحسب مركز الأبحاث، سجلاً طويلاً في تصدير الكلاب إلى إسرائيل.
وأكد المرصد الأورومتوسطي، أن التنسيق الوثيق بين مؤسسات الدولة الإسرائيلية، والكيانات القانونية الهولندية، وشركة “Four Winds K9” يكشف عن شبكة عابرة للحدود من التواطؤ المتعمّد، تغذّي بصورة نشطة آلة القتل والقمع الإسرائيلية، وتضمن استمرار الدور الحيوي للشركة في تزويد الوحدات المتورطة مباشرة في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
وأكد الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثّق العديد من الجرائم التي استخدمت فيها قوات الاحتلال الكلاب في مهاجمة المدنيين الفلسطينيين بشكل مباشر، بمن في ذلك الأطفال والمسنين والمرضى، فضلا عن نهش جثامين القتلى، وترويع العائلات، وتعذيب المعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك ارتكاب جرائم اغتصاب مروّعة باستخدام الكلاب، ولفت إلى أن القوات الإسرائيلية تستخدم الكلاب العسكرية الضخمة بصورة منهجية خلال هجماتها العسكرية في قطاع غزة، وخاصة أثناء اقتحام المنازل والمستشفيات ومراكز الإيواء، وكذلك خلال الاقتحامات في الضفة الغربية.
وأشار إلى توثيق فريقه الميداني استخدام القوات الإسرائيلية للكلاب في مهاجمة الأطفال والنساء وترويعهم داخل المنازل ومراكز الإيواء، وبخاصة خلال الهجمات العسكرية البرّية التي نفذتها في مدينة غزة وشمالها وخان يونس، كجزء من سياسة منهجية تهدف إلى بثّ الرعب بين السكان المدنيين وترهيبهم.
وأوضح استنادا إلى ما وثقه فريقه الميداني، أنّ أبشع صور استخدام الكلاب العسكرية ظهرت في استهداف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين دون أي قيد أو رادع، حيث بلغت فظاعة هذه الانتهاكات حدّ استخدام تلك الكلاب في تنفيذ جرائم اغتصاب وحشية بحق الأسرى والمعتقلين، أمام أنظار محتجزين آخرين وسجّانين، في إطار نمط منهجي ومتعمّد من العنف الجنسي، شمل أيضا التعرية القسرية، والتحرش الجنسي، والتهديد بالاغتصاب، واستخدام أدوات حادة وإدخالها في المناطق الحساسة من أجساد الأسرى والمعتقلين، بقصد إذلالهم والتنكيل بهم جسديا ونفسيا.
وذكّر بحادثة الاعتداء على المسنة “دولت الطناني” (60 عاما)، التي نهشها كلب عسكري إسرائيلي في منزلها بتاريخ 14 أيار/ مايو 2024 في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّه تلقى شهادات عن استخدام الجيش الإسرائيلي للكلاب العسكرية في اقتحام المستشفيات. ونقل المرصد إفادة امرأة طلبت عدم ذكر اسمها قالت: “اقتحمت القوات الإسرائيلية منزلنا، وبمجرد فتح الباب، أطلق الجنود كلبا داخل الشقة، فهاجم زوجي المسن، وعضه من صدره وبطنه ورجله، ونزف كمية دماء كبيرة دون أن يفعل الجنود أي شيء”، مشيرا في هذا الصدد إلى شهادة الطبيبة إسلام صوالي، في شهر فبراير الماضي، والتي أكدت أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم الكلاب في اقتحام مستشفى “ناصر” في خان يونس حينها، لترويع الطواقم الطبية والنازحين وإجبارهم على إخلائه قسرا.
وندّد المرصد الأورومتوسطي بدور الشركات التي تزوّد إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية، بما في ذلك الشركات الهولندية، مؤكدا أن قواعد القانون الدولي، بما في ذلك النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والقانون الدولي العرفي، ولا سيما مبدأ “المساعدة والتحريض”، إضافةً إلى المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، تُلزم الشركات قانونيا بوقف أي تعاون أو دعم قد يساهم في تسهيل أو تمكين ارتكاب أية انتهاكات للقانون الدولي.