كنبت الاعلامية \ أمل اسعيد
هذا أفضل ، النوم والإسترخاء ، لا تلتفتوا لي اتركوني أنام أرجوكم ، منذ أربع سنوات وانا لم أنعم بهذه الراحة في بلادي ، ربما تقولون أني أكذب ، فعمري لم يتجاوز السنتين ولكني لم أنم منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب الحرب الدائرة منذ اربعة سنين على بلادي ، نعم صحيح أنا أبلغ من العمر حوالي سنتين ولكنيّ مُنذ كنتُ في بطن امي لم أهنىء بمثل هذا السبات ، اتدرون لماذا ؟ لأنه النوم الاخير، ولأَنِّي سأبقى وصمة عار على جبين العالم العربي وسأعيش أيقونة نائمة بين صفحات التاريخ رجاءً دعوني وشأني ، اتركوني بسلام، وهيا تعال أنت أيها الشرطي التركي انتشلني وخذني إلى مكانٍ لا أعرفه إلى بيتي الجديد ودوّن على قبري رقما بلا اسم .
هذه كلمات من طفل كان يبحث عن شبه حياة وسط الموت الذي كان يأتيه من كل حدب وصوب، فلم يجد في وطنه لا مأوى ولا وطنا ولا امان يطمئن قلبه الخائف من القذائف والصواريخ، فهرب من الموت ليجده بين تلاطم الأمواج، ثم يلفظه البحر على شواطئ تركيا ليكون حديث العالم أجمع، الصورة أبلغ من التعبير، فهاهو ممد كالملاك يصفعنا ويقتلنا ويعري ضمائرنا الكاذبة المنافقة مات أطفال سوريا بالرصاص، وماتوا بالكيماوي، وماتوا جوعا وبردا واليوم يموتون غرقا عبر مايسمى بدرب الهروب لم اشهد في حياتي اقسى من هذه الصورة ولم اعهد أبدا ملاكا صغيرا تغفو عيناه على شواطئ العار والظلم ولم اشهد اقسى من وحشيتنا ونحن نشاهد الملائكة يخبو نورها…
من المؤسف، بل ومن المخجل أن يتم هذا المسلسل أمام أعين العالم اجمع، ان يهرب الاطفال من سلاح من تطاولت أيدهم على حرية أرضه ويتشردون باحثين عن مأوى في مخيمات اللجوء ويخطفهم البحر من قلب امهاتهم
انها بالفعل صورة موجعة لطفل اصبح البحر بمثابة كفنه الاخير وهذا بعد ان تآمر العالم بأسره على وطنهم الجميل سوريا يا للعار، اين ذهبت القيم الانسانية؟ اين الذين يتغنون بحقوق الانسان اين المجتمع الدولي هل الدين يقبل بهذه المجزرة الانسانية؟ اي قلب هذا الذي يتحمل كل ذلك؟ لقد مات الضمير العربي والانساني، وماتت الرجولة والنخوة في الوطن العربي .. فاليوم سوريا تخط كلمة اللاجئين في صفحات تاريخها….
طوال الليل وانا اقنع نفسي بان الصورة التي رأيتها هي لدمية مرمية على الشاطئ لانها ادمت قلبي الذي يحترق وجعاً على ياسمين الشام المبلل.
هربت من الموت فاحتضنك البحر وأودع جسدك الصغير لمن لا يحفظ الأمانة لعلَّ ضميرا على قيد الحياة يصحوا
نم واسترح يا صغيري فقد دُفنَ ما تبقى من إنسانيتنا واعطيني حذائك المبلل لكي انحني واقبله .. وسامحني لاني اسمع صراخ والديك باذني ولا استطيع تحريك ساكن ولا تعتب على امك ان افلتت يدك وغاصت بيأسها الى الاعماق رحلت وقد رسمت على رطوبة جسدك الصغير رسالة بليغة للجامعة العربية والمجتمع الدولي .
نم ايها الملاك الصغير يا رمز البراءة واشكو للرب الرحيم ظلم الانسان نم يامن ادميت عيني بدل الدموع دم نم ايها الملاك الصغير بسلام وامان نم ياولدي قرير العين فحذائك الصغير أشرف منا جميعا واجمل مافي موتك ياصغيري ان حذائك في وجوهنا يعرينا من الانسانية. واخيرا انا اعتذر منك يا صغيري فحيث أنت الآن أأمن.
أمل اسعيد