“دير الكريمزان”.. قيمة إنسانية وجمالية تعكس إرث وحضارة وطن

11 فبراير 2016آخر تحديث :
“دير الكريمزان”.. قيمة إنسانية وجمالية تعكس إرث وحضارة وطن

viagra pay on invoice uk. يكتسب دير الكريمزان شمال مدينة بيت جالا في محافظة بيت لحم، على امتداد أراضيها الطبيعي قيمة خاصة في إرث وحضارة شعبنا، نظرا لمكانته الدينية وقدسيته منذ إنشائه عام 1885م، ودوره الكبير في حماية إرث جمالي وإنساني والتصدي لمخططات الاحتلال الرامية لسلب الأرض لصالح جدار الضم والتوسع في الأراضي التابعة للدير والمنطقة المحيطة به.

في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، كان الأب الإيطالي أنطونيو بيلوني أحد المرسلين الإيطاليين منذ بداية تواجدهم في كريمزان، الذي كان يدرس “اللاهوت” في بيت جالا، وعندما كان يصادف الأطفال اليتامى حفاة بملاس ممزقة، يقوم بتجميعهم ورعايتهم، حيث أقام ميتما لهم وكان يسمى وقتها “أبو اليتامى” لعطفه الكبير على الأطفال.

يقول الباحث والمؤرخ في التاريخ الاجتماعي في منطقة بيت لحم خليل شوكة، إن الدير اكتسب هذه المكانة نظرا للفكرة والقيمة الإنسانية التي أقيم لأجلها، بهدف مساعدة الأطفال اليتامى بالأساس، ولممارسة الرياضة الروحية من قبل الأب بيلوني.

ويضيف: “يظهر التاريخ أن الأب بيلوني أنشأ أول مدرسة في هذه المنطقة بعد استشارة رجال الدين المسيحي، وبدأ بجمع التبرعات والمساعدات، وفتح مدرسة السالزيان، واستمر بشراء الأراضي واستملك أول قطعة أرض عام 1880م لإقامة مستشفى للرياضة الروحية، يقصده من أنهكت قواه المتاعب أو تسلطت عليه الأمراض للشفاء وسط الهواء النقي والماء والمناظر البديعة، فعمل مع أصدقائه والأب إيميل زكريا الذي كان يملك بعض الأراضي في تلك المنطقة، وكانت تجمعهما علاقة طيبة وقوية، وبدأ البناء فيها بتبرعات جمعها من الرحالة والزوار والأهالي، لا سيما في تلك الفترة التي كانت فيها العونة” قوية، ووسع مشاريعه لرعاية الأيتام الذين فقدوا أهلهم في بيت لحم وبيت جالا والناصرة أيضا، فكان الأب بيلوني ملجأ لهم.

ويشير شوكة إلى أن اسم الدير يعود إلى عين ماء كريمزان، التي كانت موجودة في تلك المنطقة، وكانت طبيعة الأرض فيها وعرة مليئة بالصخور والأعشاب والأشواك، وكانت تظهر فيها حيوانات برية، لكن الأب بيلوني عمل دون تعب أو كلل على تنظيف المنطقة، وحفر الأرض التي أظهرت وجود حضارات سابقة، حيث عثر على معاصر قديمة وفسيفساء، وتمكن من مدها بالمياه وزراعة البساتين والأشجار وكروم العنب، واستمر بالبناء فيها حتى تمكن من بناء بيت فيه 8 غرف للنوم، ويتسع إلى 30 شخصا.

ويتابع : “في العام 1891م اتحد الأب بيلوني مع مؤسسة السالزيان العالمية ومقرها إيطاليا، والتي تعنى بمساعدة الاطفال الأيتام، وتم الاتفاق معها والعمل معا لتطوير الموقع، وتم إنشاء مدرسة زراعية لإيراد دخل للدير للاستمرار في عمله ومسيرته مما تنتجه الأرض، بالإضافة الى المدرسة الدينية، كما تم بناء قبو لإنتاج النبيذ من كروم العنب المزروعة في أراضي الدير، الذي تميز بأقواس سقفه العالية المليئة بالنبيذ المعتق، وتم التوسع بشراء الاراضي من بيت جالا وقرية الولجة، وأصبح الدير قائما للرهبان والكهنة في الأراضي المقدسة كمدرسة دينية، ومكان للرياضة الروحية، وإنتاج النبيذ وزيت الزيتون ذي الجودة العالية، وخرّج الكثير من الطلاب الذين كان لهم دور كبير في الحياة الدينية والإنسانية والاجتماعية في بيت لحم.

وبين شوكة أن الدير والى جانب قيمته الإنسانية والحضارية، اكتسب قيمه جمالية خاصة، نظرا لجمال الطبيعة الملفت ووجود المدرجات الزراعية الي تكونت عبر مئات السنين والمليئة بكروم العنب وأشجار الزيتون والمشمش والخوخ واللوز التي يفلحها ويعتاش منها الأهالي، وأصبح مقصدا للعديد من العائلات في بيت لحم ولزوارها للاستمتاع بجمال الطبيعة وممارسة رياضة المشي في الأحراش، كونها تضم مساحات خضراء مفتوحة .

ويعتبر دير الكريمزان أحد المواقع المدرجة على اللائحة التمهيدية لمواقع التراث الثقافي والطبيعي الفلسطيني ذات القيمة العالية، كما يأتي ضمن موقع “فلسطين أرض العنب والزيتون”، وتبلغ مساحته حوالي 3500 دونم، ويضم دير السالزيان ودير راهبات الكريمزان.