بقي دير الخضر للروم الارثوذكس في بلدة الخضر الى الجنوب من بيت لحم مغلقاً هذا العام بمناسبة عيد الخضر الذي يصادف في الخامس والسادس من شهر أيار، وذلك بسبب الاجراءات الوقائية لمكافحة فيروس كورونا، وهذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها الكنيسة بهذه المناسبة الهامة، فألغيت كل الاحتفالات الشعبية الجميلة بهذه المناسبة وامتنع آلاف المواطنين من الوصول اليها.
واعتاد المحتفلون بهذه المناسبة، إحياؤها على مدى اليومين المذكورين وكانت تبلغ الاحتفالات ذروتها في السادس من أيار حينما يقام الشق الآخر من الاحتفالات، وهو إقامة القداديس الدينية، أما في اليوم الأول فتقتصر على الاحتفالات الشعبية، وقد أقيم قداس بهذه المناسبة من دون حضور المحتفلين، الذين كانوا يتقاطرون من مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور ورام الله وقراها ومن داخل مناطق الـ48، ويقدمون خلال ذلك النذور ويقدمون الشموع في هذا الدير التاريخي، واعتاد المسيحيون والمسلمون أيضاً أن ينذروا شيئا ويقدموه بهذه المناسبة، فهناك من يقدم زيت الزيتون بكميات كبيرة، أو من يمشى حافياً سيراً على الأقدام من منزله الى الدير، ليقطع مسافة تصل لأكثر من ثماني كيلو مترات، حيث اعتادت الكثير من النسوة وهن يقطعن هذه المسافة.
ويعود الاحتفال بعيد القديس “مار جورجيوس” وهو شفيع دير الخضر وبلدتها إلى العام 200 بعد الميلاد، وقد كان قائدا في الجيش الروماني، والده من كبذونيا في الشمال التركي، وأمه فلسطينية من مدينة اللد.
ويقول جوني حزبون من خدام الكنيسة لـ”القدس” ، إن مكان الدير وحتى البلدة بأكملها كانت عزبة لعائلة أمه، ولهذا أقيم الدير على جزء من املاك العائلة وأضحى مكاناً مقدساً منذ ذلك الوقت.
ويضيف، بأن العديد من القادمين بهذه المناسبة يقومون بشراء الشموع وايقادها داخل الكنيسة، إضافة إلى النذور أو ما يعرف باسم”التقدمة”، حيث يقدم الأهالي العديد من المواد كل بحسب امكانياته وطاقاته، موضحاً أن ما يُقدم يتم منحه للمتواجدين في الدير، وكذلك على العائلات المحتاجة التي تقطن بالجوار.
وتزامناً مع هذه المناسبة كان ينتشر العديد من الباعة المتجولين على جانبي الطريق المؤدي الى الدير، حيث تعرض الكثير من السلع كالعاب الاطفال والمأكولات السريعة والشموع والكثير من المواد الاخرى وكل هذه الظواهر غابت هذا العام.
وبهذا الصدد قال باسم صبيح وهو شاب يملك محلاً تجارياً مجاوراً للكنيسة، بأن موسم عيد الخضر يعتبر موسماً للبيع، “ولكن بصراحة هذه الظروف أدت إلى نتائج مدمرة على التجار والبائعين المتجولين الذين كانوا ينتظرون هذه المناسبة في كل عام مرة على أحر من الجمر.
ولا تقتصر زيارة دير الخضر بهذه المناسبة على العائلات المسيحية فقط، بل إن هناك العديد من العائلات المسلمة تأتي إلى كنيسة الدير وتشعل الشموع. ويقدم زوار الدير النذور “الغنم والماعز، والزيت، والمال”، فيما تقوم بعض العائلات باصطحاب أبنائها المرضى للعلاج، حيث يشاركون بالصلوات، ويتمنون الأمنيات من أجل شفائهم، ولكن هذه العادات جميعها أُلغيت جراء انتشار كورونا.
ومع ذلك علقت البلدية لافتات كبيرة على المدخل المؤدي الى البلدة القديمة حيث الدير القديم وهي تقدم التهنئة بهذه المناسبة متمنية أن يحل العام القادم وقد تحسنت الظروف وزال هذا الكابوس وكذلك كابوس الاحتلال البغيض.
رئيس دير الخضر قدس الاب الارشمندريت انانياس حنانيا قدم لكافة المحتفلين التهاني، وطلب منهم تأجيل نذورهم حتى انتهاء حالة الطوارئ، حيث سيكون دير القديس جورجيوس مغلقاً في بلدة الخضر تماشيا مع حالة الطواريء التي أعلنت عنها الحكومة الفلسطينية.
هذا وقد ترأس المطران عطا الله رئيس أساقفة سبسطية للروم الارثوذكس قداسا بالمناسبة في كنيسة القديس جارجيوس في بلدة الطيبة قضاء رام الله، حيث اعتاد اقامته في دير الخضر وذلك نظراً للظروف الحالية اختلف ذلك وكان التواجد قليلاً واقتصر على عدد من المواطنين مع مراعاة التباعد الاجتماعي وأقيمت صلاة خاصة من أجل المصابين بوباء الكورونا ولأجل شفائهم وعافيتهم.